17-فبراير-2024
هجوم إسرائيلي على إيران

(تويتر) رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعليق، على الخبر لـ"النيويورك تايمز".

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن تنفيذ إسرائيل هجمات سرية على خطي أنابيب رئيسيين للغاز الطبيعي داخل إيران هذا الأسبوع، مما أدى إلى تعطيل تدفقها إلى المحافظات التي يسكنها ملايين الأشخاص.

وقالت "نيويورك تايمز": "تمثل الضربات تحولًا ملحوظًا في حرب الظل، بين إسرائيل وإيران جوًا وبرًا وبحرًا وهجمات إلكترونية منذ سنوات".

وأضافت: "لطالما استهدفت إسرائيل المواقع العسكرية والنووية داخل إيران، واغتالت العلماء النوويين الإيرانيين. وشنت هجمات إلكترونية لتعطيل الخوادم التابعة لوزارة النفط. لكن مسؤولين ومحللين قالوا، إن التفجير في البنية التحتية للطاقة في البلاد، التي تعتمد عليها الصناعات والمصانع وملايين المدنيين، يمثل تصعيدًا في الحرب السرية، ويبدو أنه يفتح جبهة جديدة"، بحسب ما ورد.

الحكومة الإيرانية تعتقد أن إسرائيل كانت وراء الهجوم بسبب تعقيد العملية ونطاقها

وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، لوسائل إعلام إيرانية يوم الجمعة: إن "خطة العدو كانت تتمثل في تعطيل تدفق الغاز بشكل كامل في الشتاء، إلى العديد من المدن والمقاطعات الرئيسية في بلادنا". ولم يقم أوجي بإلقاء اللوم علنًا على إسرائيل. لكنه قال إن "هدف الهجوم هو الإضرار بالبنية التحتية للطاقة في إيران وإثارة الاستياء الداخلي".

ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعليق، على الخبر لـ"النيويورك تايمز".

وقال المسؤولون الغربيون والخبير الاستراتيجي العسكري الإيراني، إن هجمات إسرائيل على خط أنابيب الغاز تتطلب معرفة عميقة بالبنية التحتية الإيرانية وتنسيقًا دقيقًا، خاصة وأن خطي أنابيب أصيبا في مواقع متعددة في نفس الوقت.

ووصفها أحد المسؤولين الغربيين بأنها "ضربة رمزية كبيرة كان من السهل إلى حد ما على إيران إصلاحها ولم تسبب سوى ضرر بسيط نسبيًا للمدنيين". لكن المسؤول، قال إن "الهجوم أرسل تحذيرًا صارخًا من الضرر الذي يمكن أن تلحقه إسرائيل".

وقال المسؤولون الغربيون، إن "إسرائيل تسببت في انفجار منفصل يوم الخميس، داخل مصنع للكيماويات على مشارف طهران، مما أدى إلى هز أحد الأحياء وتصاعد أعمدة من الدخان والنار في الهواء". لكن مسؤولين محليين، قالوا إن انفجار المصنع، الذي وقع يوم الخميس، نتج عن حادث في خزان الوقود بالمصنع.

وفي الأشهر الأخيرة، قتلت إسرائيل اثنين من كبار القادة الإيرانيين في سوريا، في حين ضربت الولايات المتحدة قواعد عسكرية مرتبطة بالحرس الثوري ومجموعات متحالفة معه في العراق وسوريا، بعد مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في هجوم بطائرة مُسيّرة.

كما عانت إيران من واحدة من "أكبر الهجمات الإرهابية" في تاريخها في كانون الثاني/يناير، عندما قتل مفجرون انتحاريون نحو 100 شخص في كرمان خلال تأبين قاسم سليماني.

وقال شاهين مدرس، وهو محلل أمني مقيم في روما يركز عمله على المنطقة: "يظهر هذا أن الشبكات السرية العاملة في إيران وسعت قائمة أهدافها، وتقدمت إلى ما هو أبعد من المواقع العسكرية والنووية فقط. إنه تحدٍ كبير وضربة لسمعة وكالات الاستخبارات والأمن الإيرانية".

واستهدف الهجوم عدة نقاط على طول خطي أنابيب غاز رئيسيين في محافظتي فارس وجهار محل بختياري، يوم الأربعاء. لكن انقطاع الخدمة امتد إلى المنازل السكنية والمباني الحكومية والمصانع الكبرى في خمس محافظات على الأقل في جميع أنحاء إيران، وفقًا لمسؤولين إيرانيين وتقارير وسائل إعلام محلية.

وتحمل خطوط الأنابيب الغاز من الجنوب إلى المدن الكبرى مثل طهران وأصفهان، ويمتد أحد خطوط الأنابيب على طول الطريق إلى أستارا، وهي مدينة قريبة من الحدود الشمالية لإيران مع أذربيجان.

ويقدر خبراء الطاقة أن الهجمات على خطوط الأنابيب، التي يمتد كل منها لمسافة حوالي 1200 كيلومتر، وتحمل ملياري قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، قد عطلت حوالي 15% من إنتاج الغاز الطبيعي اليومي في إيران.

وقال هومايون فالكشاهي، كبير محللي الطاقة في شركة كبلر: "كان مستوى التأثير مرتفعًا للغاية، لأن هذين الخطين يتجهان من الجنوب إلى الشمال. ولم نشهد شيئًا كهذا من حيث الحجم والنطاق".

وفي يوم الجمعة، قال وزير النفط الإيراني أوجي، إن الفرق الفنية من الوزارة عملت على مدار الساعة لإصلاح الأضرار، وأن التعطيل كان في حده الأدنى وتم استعادة الخدمة. لكن تقييمه يتعارض مع تعليقات المحافظين المحليين ومسؤولين من شركة الغاز الوطنية الإيرانية، الذين وصفوا انقطاع الخدمة على نطاق واسع في خمس محافظات، مما أدى إلى إغلاق المباني الحكومية. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، نصح خبراء الطاقة، الناس في المناطق المتضررة، حيث انخفضت درجات الحرارة في بعض الأماكن إلى ما دون درجة التجمد، بارتداء ملابس دافئة.

ووقعت الانفجارات حوالي الساعة الواحدة صباحًا بالتوقيت المحلي، مما أدى إلى رعب السكان الذين فروا من منازلهم وتدفقوا إلى الشوارع، بحسب تقارير إعلامية إيرانية. 

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وصف الناس الانفجارات، بصوت عالٍ لدرجة أنهم استيقظوا معتقدين أن قنبلة قد أسقطت، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات.

وقال سعيد آغلي، المسؤول في شركة الغاز الوطنية، لوسائل الإعلام الإيرانية، إن المسؤولين دعوا على الفور إلى اجتماع طارئ حضره وزير النفط ومسؤولون من وزارة الخارجية وممثلون عن جميع أجهزة المخابرات والأمن الإيرانية.

وأضاف آغلي، أن "الهدف من التخريب هو تدمير حوالي 40% من قدرة نقل الغاز في البلاد".

وقال الخبير الاستراتيجي العسكري التابع للحرس الثوري، إن الحكومة الإيرانية تعتقد أن إسرائيل كانت وراء الهجوم بسبب تعقيد العملية ونطاقها. مضيفًا أن، الهجوم يتطلب بشكل شبه مؤكد مساعدة المتعاونين داخل إيران لمعرفة مكان وكيفية الهجوم.

وأشار إلى أن خطوط الأنابيب الرئيسية في إيران، التي تنقل الغاز عبر مسافات شاسعة تشمل الجبال والصحاري والحقول الريفية، تخضع لدوريات حراسة في نقاط أمامية على طول الأنابيب. مشيرًا إلى أن الحراس يقومون بفحص مناطقهم كل بضع ساعات، لذلك ربما كان المهاجمون على علم بفترات الاستراحة، عندما تظل المنطقة خالية من العناصر.

يقدر خبراء الطاقة أن الهجمات على خطوط الأنابيب، التي يمتد كل منها لمسافة حوالي 1200 كيلومتر، وتحمل ملياري قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، قد عطلت حوالي 15% من إنتاج الغاز الطبيعي اليومي في إيران

وقال فلكشاهي، محلل الطاقة، إن الانفجارات كشفت عن مدى ضعف البنية التحتية الحيوية لإيران أمام الهجمات والتخريب. مشيرًا إلى أن إيران، ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، تمتلك نحو 40 ألف كيلومتر من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي، معظمها تحت الأرض. 

وأضاف أن خطوط الأنابيب مخصصة للاستهلاك المحلي في المقام الأول، وأنه بسبب العقوبات الأمريكية، كانت صادرات إيران من الغاز ضئيلة ومقتصرة على تركيا والعراق.

وقال فلكشاهي: "من الصعب للغاية حماية هذه الشبكة الواسعة للغاية من خطوط الأنابيب ما لم تستثمر المليارات في التكنولوجيا الجديدة. وإصلاح الأنابيب المتضررة سيتطلب قطع الغاز ومن ثم استبدال الأنابيب، وهو ما قد يستغرق أيامًا".

 

دلالات: