19-فبراير-2024
طفلة وسط الركام

(Getty) تركّز القصف الإسرائيلي على مدينة غزة ومناطق وسط القطاع

لليوم الـ136، تستمر حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها "إسرائيل" على قطاع غزة، الذي يتعرّض لواحدة من أكثر الحروب تدميرًا في القرن الحادي والعشرين، ويشهد أزمة إنسانية تهدِّد حياة أكثر من مليوني شخص محكومون بانتظار الموت سواء إثر القصف أو بسبب الجوع والمرض.

وتعرّض قطاع غزة، ليلة الأحد – الإثنين وصباح اليوم، لقصف مدفعي وجوي عنيف استهدف منازل المدنيين في مناطق متفرقة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين، الذين لم تعد المستشفيات المتبقية في قطاع غزة قادرة على استقبالهم سواء لاكتظاظها بالجرحى والمرضى ونقص الإمكانيات، أو بسبب منع قوات الاحتلال فرق الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إلى المناطق المستهدفة.

وطال القصف الإسرائيلي حي الزيتون بمدينة غزة، الذي تعرض لقصف مدفعي وجوي في آن معًا، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من الأشخاص. وذلك بالإضافة إلى حي الرمال، حيث شنّت طائرات الاحتلال غارتين استهدفتا منزلين بالحي، مما أدى إلى إصابة 6 مواطنين على الأقل. كما شنّت طائرة حربية غارة في محيط شارع الجلاء في المدينة.

يواجه أكثر من 600 ألف طفل في قطاع غزة مخاطر المجاعة التي تهدِّد حياتهم وحياة جميع أهالي القطاع

واستُشهد 10 فلسطينيين، وأُصيب آخرون بجروح، في قصف مدفعي وجوي استهدف منازل المدنيين في دير البلح والنصيرات والزوايدة والبريج والمغازي وسط قطاع غزة. فيما تعرّضت خانيونس والمناطق المحيطة بها، جنوب القطاع، لقصف مدفعي عنيف ومكثّف تزامن مع اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، أمس الأحد، بارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ 136 يومًا، إلى28.958 شهيدًا و68.883 مصابًا، أكثر من 70 بالمئة منهم نساء وأطفال.

وأعلنت الوزارة، في بيان مقتضب عبر "تلغرام"، استشهاد 127 فلسطينيًا، وإصابة 205 آخرين، في 13 مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال خلال الساعات الـ24 الماضية. كما لفتت إلى وجود عدد من الضحايا إما تحت الركام أو في الطرقات تمنع قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم.

مذبحة صامتة في مجمع ناصر الطبي

وقال المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، الأحد، إن الاحتلال حوّل مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس إلى ثكنة عسكرية بعد إخراجه عن الخدمة، لافتًا إلى أن جنوده وضعوا الكوادر الطبية في مبنى الولادة لساعات طويلة وهم مقيدي الأيدي، وقاموا بالاعتداء عليهم بالضرب وتجريدهم من ملابسهم.

وأكد القدرة اعتقال 70 من الكوادر الطبية بالمجمع، وأشار إلى أنه لم يتبق سوى 25 كادرًا لا يستطيعون التعامل مع الحالات التي تحتاج إلى رعاية سريرية فائقة. كما قال القدرة إن قوات الاحتلال قامت باعتقال عشرات المرضى الذين لا يستطيعون الحركة وهم على أسرّة العلاج، واقتادتهم إلى جهة غير معلومة.

وأضاف: "لا تزال الكهرباء مقطوعة عن مجمع ناصر الطبي منذ 3 أيام، مما أدى إلى توقف الأوكسجين عن المرضى"، واستشهاد 8 منهم حتى مساء الأحد.

وفي بيان آخر، قال القدرة إن هناك 150 مريضًا لا يستطيعون الحركة مكدسين داخل غرف وممرات المبنى القديم بمجمع ناصر دون رعاية طبية بعد اعتقال 70 شخصًا من إدارة المجمع وطواقمه، وتابع: "الاحتلال يرفض إخلاء المرضى لتلقي العلاج في مستشفيات أخرى، مما يعرض حياتهم للخطر".

وفي سياق متصل، قالت "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني"، اليوم الإثنين، إن الوضع صعب في مستشفى الأمل التابع للجمعية، بمدينة خانيونس، لافتةً إلى أنه يعاني من الحصار المطبق منذ 28 يومًا وسط استهدافه بشكل متكرر من قبل قوات الاحتلال، بالإضافة إلى: "اعتقال عدد من طواقمنا الطبية والإدارية، وتناقص الوقود المخصص لتوليد الكهرباء لمستويات خطيرة وقرب نفاذ الطعام بما يهدد حياة العشرات من المرضى والجرحى والطواقم العاملة".

600 ألف طفل يواجهون المجاعة

أما على الصعيد الإنساني، فلا تزال الأزمة قائمة وتتفاقم وسط استمرار "إسرائيل" بعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ومنعها عن شمال غزة الذي يعاني سكانه من مجاعة تهدِّد حياتهم وحياة أطفالهم، بالإضافة إلى الأمراض والقصف.

بدورها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الأحد، إن أطفال قطاع غزة: "تعرضوا لأحداث مؤلمة للغاية، وشهدوا فظائع لا ينبغي لأي طفل أن يشهدها، ولا يمكن للعالم أن يتخلى عنهم"، وطالبت بوقف إطلاق النار الآن.

وقالت مديرة قسم السياسات الإنسانية في "منظمة أنقذوا الأطفال"، ألكسندرا سابه، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، إن الأطفال في قطاع غزة يعيشون كارثة متكاملة الأركان، لافتةً إلى أن أكثر من 600 ألف طفل في القطاع يواجهون التجويع ومخاطر انتشار الأمراض.

وفي السياق، حذّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من أن توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية بمدينة رفح، جنوب قطاع غزة، يهدِّد بقطع شريان الحياة للمساعدات إلى القطاع، الذي شدّدت على أنه لا يوجد ما يكفي من الغذاء فيه.

وأفاد المتحدث باسم الوكالة في غزة، عدنان أبو حسنة، بأن حجم ما يدخل من مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة قد تراجع بصورة كبيرة بسبب إغلاق المتظاهرين الإسرائيليين معبر كرم أبو سالم، مؤكدًا أن المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض.

وبينما يشتد الجوع شمال غزة، فإن ظروف النازحين بمدينة رفح، البالغ عددهم أكثر من مليون نازح، تزداد سوءًا يومًا بعد آخر، سيما في ظل اشتداد البرد وتساقط الأمطار، التي لا تقيهم منهما خيامهم المتداعية التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.

ويعيش هؤلاء، برفقة سكان المدينة، حالة من الخوف والذعر بسبب التهديدات الإسرائيلية المتواصلة باجتياح المدينة المزدحمة بالخيام، والتي تُعتبر الملاذ الأخير لسكان القطاع المنكوب الذين لا يعرفون أين سيذهبون إذا قام جيش الاحتلال بتنفيذ تهديداته.

وبحسب الأمم المتحدة، تعكس مشاهد الخيام والطرق المكتظة بالناس العجز في جميع جوانب الحياة والاحتياجات اليومية للنازحين. وسبق أن حذّر منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، من أن: "العمليات العسكرية في رفح قد تؤدي إلى مذبحة في غزة"، كما أنها: "قد تترك العملية الإنسانية الهشة بالفعل على أعتاب الموت".

في غضون ذلك، تتواصل التحذيرات الدولية من خطورة العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح، حيث قالت وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، أمس الأحد، إن الهجوم على المدينة: "غير مقبول لأن الفلسطينيين ليس لديهم مكان يذهبون إليه".