11-فبراير-2024
طفلة فلسطينية أمام أنقاض منزل في رفح (رويترز)

(Getty) تعرّضت رفح لقصف عنيف خلال الساعات الماضية

في اليوم الـ128 من عدوانه على قطاع غزة، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه على القطاع واستعداده لتنفيذ عمليته العسكرية المحتملة في مدينة رفح التي تعرضت خلال الساعات الماضية، ومنذ ما بعد منتصف الليل، لقصف مدفعي وجوي عنيف أدى إلى سقوط العشرات بين شهيد وجريح ومفقود.  

واستُشهد فجر اليوم الأحد ما لا يقل عن 25 فلسطينيًا، وأُصيب آخرون، إثر قصف طال منزلًا يؤوي نازحين شرق رفح. كما قامت آليات الاحتلال بإطلاق النار بشكل مكثّف شرق المدينة.

وفي الجنوب أيضًا، استهدفت مدفعية الاحتلال غرب مدينة خانيونس، فيما شنّت طائراته عدة غارات على المناطق الجنوبية منها، حيث سُمعت أصوات انفجارات قوية بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل على المدينة.

تهدِّد العملية المرتقبة في رفح بتفاقم المعاناة الإنسانية في غزة، وازدياد أعداد الضحايا بشكل غير مسبوق، واتساع رقعة الدمار، وحرمان المزيد من الغزيين من المأوى

وقصفت مدفعية الاحتلال مدخل مدرسة أبو عريبان التي تؤوي نازحين في مخيم النصيرات وسط القطاع، بينما قامت الزوارق الحربية بقصف الأطراف الشمالية الغربية من المخيم.

وارتفع عدد ضحايا العدوان المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، إلى 28.064 شهيدًا و67.611 مصابًا معظمهم من النساء والأطفال، بحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

وأفادت الوزارة، السبت، بأن جيش الاحتلال ارتكب، خلال الساعات الـ24 الماضية، 16 مجزرة ضد المدنيين راح ضحيتها 117 شهيدًا و152 مصابًا. ولفتت إلى أنه لا يزال هناك العديد من الضحايا إما تحت الركام أو في الطرقات تمنع قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم.

رفح على أعتاب المجزرة

ويواصل جيش الاحتلال استعداده للهجوم على مدينة رفح رغم التحذيرات الإقليمية والدولية والأممية من تداعياته الكارثية على أكثر من 1.5 مليون شخص، بينهم أكثر من مليون نازح، يعيشون في المدينة.

وأفادت القناة الـ13 العبرية، أمس السبت، بأن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد طلب من رئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، إعادة تعبئة قوات الاحتياط التي جرى تسريحها مؤخرًا استعدادًا لشن العملية التي أكد مسؤول إسرائيلي للقناة ذاتها اقتراب موعد تنفيذها.

وتحدّثت القناة الـ12 عن وجود خلاف بين نتنياهو وهاليفي بشأن الهجوم على رفح، التي قالت إن خطته جاهزة ولم يبق سوى منح الحكومة الجيش الضوء الأخضر لبدء الهجوم على المدينة.

وفي السياق نفسه، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، السبت، إن مصر هدّدت "إسرائيل" بتعليق العمل باتفاقية السلام بينهما في حال: "تحرك جيشها بريًا في رفح". وذكرت الهيئة، في وقت سابق، أن نتنياهو أبلغ المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، ومجلس الحرب، بأنه يجب تفكيك البنية العسكرية لـ"حماس" في رفح قبل شهر رمضان.

وذكرت الهيئة، السبت، أن: "المؤسسة الأمنية تدرس بدائل أخرى لإجلاء أكثر من مليون من سكان غزة لتمكين تنفيذ عملية عسكرية على الأرض في مدينة رفح". لافتةً إلى أن أكبر مشكلة تواجه جيش الاحتلال في الهجوم على رفح هي إخلاء السكان.

وبحسب الهيئة، فإن العملية في رفح: "نظرًا لمطالب مصر والولايات المتحدة، لن تبدأ إلا بعد استيفاء شرطين: الأول إخلاء واسع النطاق للمواطنين من رفح ومحيطها. والثاني اتفاق بين إسرائيل ومصر بشأن نشاط جيش الدفاع الإسرائيلي ضد الأنفاق في محور فيلادلفيا".

وفي الأثناء، تتواصل التحذيرات الإقليمية والدولية من خطورة العملية التي تعرّض حياة 1.5 مليون شخص، بينهم أكثر من 1.3 مليون نازح، للخطر المباشر. كما تهدِّد بتفاقم المعاناة الإنسانية في القطاع إلى جانب اتساع رقعة الدمار، ما يعني أنه سيكون هناك المزيد ممن لن يجدوا بيوتًا يعودون إليها بعد انتهاء الحرب.

وقالت نادية هاردمان، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في "هيومن رايتس ووتش"، السبت، إن إجبار أكثر من مليون نازح فلسطيني في رفح على الإخلاء مجددًا، بلا مكان آمن يأوون إليه، غير قانوني وستكون له عواقب كارثية". وأضافت: "لا يوجد مكان آمن يمكن الذهاب إليه في غزة. على المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المزيد من الفظائع".

واعتبرت منظمة "أطباء بلا حدود" أن الهجوم على رفح: "سيكون كارثيًا ويجب ألا يستمر. فمع استمرار القصف الجوي للمنطقة، يواجه الآن أكثر من مليون شخص تصعيدًا كبيرًا خلال هذه المذبحة المستمرة، علمًا أن الكثير منهم يعيشون في خيام وملاجئ مؤقتة".

وقالت المديرة العامة للمنظمة مايني نيكولاي، في منشور على منصة "إكس"، السبت، إنه: "لا يوجد أي مكان آمن في غزة، وقد دفعت عمليات التهجير القسري المتكررة الناس إلى رفح، حيث أصبحوا محاصرين في قطعة صغيرة من الأرض ولم يتبقّ لديهم أي خيارات". داعيةً حكومة الاحتلال: "إلى الوقف الفوري لهذا الهجوم".

 وسبق أن أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن الكثافة السكانية غير المسبوقة في رفح تجعل من المستحيل حماية المدنيين في حالة حدوث هجمات برية. لافتًا إلى أن الاكتظاظ بالمدينة الصغيرة وصل إلى درجة أن الطرق أصبحت مسدودة بالخيام التي نصبها النازحون الذين يبحثون أي موقع مسطح ونظيف ومتاح.

شمال غزة على شفا المجاعة

ومع اشتداد القصف واتساع رقعة العمليات العسكرية وسط وجنوب قطاع غزة، تزداد الأوضاع الإنسانية سوءًا فيما تواصل "إسرائيل" منع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية التي يحتاجها الأهالي للبقاء على قيد الحياة، سيما في محافظتي غزة والشمال.

وفي السياق، أطلق صحفيون فلسطينيون شمال غزة نداء استغاثة من أجل: "منع حدوث مجاعة غير مسبوقة على مستوى العالم تطال جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة"، بحسب الصحفي الفلسطيني إسلام بدر.

وقال بدر في مؤتمر صحفي عُقد أثناء الوقفة التي أطلق الصحفيون خلالها نداء الاستغاثة، إن: "سكان شمال قطاع غزة يتعرضون لسياسة الإبادة والتجويع". وأكد أنه: "لا يوجد أساسيات الطعام في الأسواق ولا أي نوع من الدقيق إلا ما ندر، والمساعدات لا يدخلها الاحتلال، ويفرض حصارًا متزايدًا على الفلسطينيين في غزة".

وأشار بدر إلى أن: "المجتمع الدولي يتحمّل مسؤولية التجويع الذي يحدث أمام مرأى ومسمع العالم". كما أوضح أن: "الأنباء التي تتحدث عن دخول مساعدات لشمال القطاع كاذبة ولا يدخل شيء".

خسائر متواصلة لجيش الاحتلال في غزة

وفي الأثناء، تتواصل الاشتباكات بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية التي تواصل استهداف الأخيرة في مناطق متفرقة من قطاع غزة.

وقالت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنها استهدفت أمس السبت دبابتي ميركافاه بقذائف "الياسين 105" جنوب غرب حي الزيتون في مدينة غزة.

وأعلنت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أنها قصفت تجمع جنود إسرائيليين شرق مخيم المغازي وسط قطاع غزة بقذائف الهاون. إضافةً إلى اشتباك عناصرها مع جنود وآليات قوات الاحتلال في محاور التقدم غرب خانيونس.

وقالت إن عناصرها استهدفوا أيضًا قوة إسرائيلية تحصنت في منزل في بلوك ج بالمدينة ذاتها بقذيفة، وأوقعوا أفرادها قتلى وجرحى.