26-سبتمبر-2016

شهادة وزيرالخارجية الأمريكي السابق" سايروس فانس "عن الثورة الإيرانية، توضح أن ما كان يجري في الكواليس ليس كما كان يبدو في الظاهر (Getty)

لن يمر على القارئ الحصيف لمذكرات سايروس فانس وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس جيمي كارتر المذكرات التي تقدم شهادة تاريخية غاية في الأهمية عن الثورة الإيرانية -إذا ما أحسن قراءة بين سطورها- أنه يقرأ فصول مسرحية، ما يظهر على خشبة مسرحها أمام الناس، ليس كما يدور خلف كواليسها، لعبة مختلفة تمامًا.

شهادة وزير الخارجية الأمريكي السابق "سايروس فانس" عن الثورة الإيرانية، توضح أن ما كان يجري في الكواليس ليس كما كان يبدو في الظاهر 

يقول فانس إن الولايات المتحدة أقنعت الشاه بترك السلطة واللجوء إلى بنما: "وعدناه بأن نوفر له المعونة الطبية من مؤسسات الولايات المتحدة في بنما، وكذلك المشورة حول الأمن، رغم أن حمايته ستكون مسؤولية حكومة بنما، وأكدنا للشاه أننا سنواصل مساعدته على إيجاد ملجأ دائم، وأننا لن نجعل إقامته في بنما دائمة، واتفقنا على أن بوسع أبنائه أن يبقوا في الولايات المتحدة، وأن بوسع الملكة أن تزورهم". وأخيرًا نص التفاهم على أن "مغادرة الشاه للولايات المتحدة، لا تنفي إمكانية عودته إلى هنا، لكن لا يوجد ضمان لأنه سيعود. وإذا طلب العودة لسبب طارئ طبي ملح، فإننا سننظر في طلبه بعين العطف. وإذا طلب العودة لأسباب غير طبية، فسوف ننظر في طلبه، ولكننا لا نستطيع تقديم أي التزام من أي نوع". وفي 15 كانون الأول/ديسمبر غادر الشاه إلى بنما. (ص146 مذكرات فانس).

اقرأ/ي أيضًا: النظام السوري..الأولوية إبادة حلب

تشابك الأحداث التي قادت بشاه إيران للرضوح للقرار الأمريكي نقرؤه جليًا في مذكرات فانس الذي يقول (ص 112): "في كانون الأول/ديسمبر علمت من جورج بول، الذي جاء إلى واشنطن بناء على رجائنا ليقوم بمراجعة خاصة للوضع في إيران، أن بريجنسكي قد فتح قنواته الخاصة إلى إيران، وأنه قد أجرى مناقشات مع أردشير زاهدي (سفير طهران في أمريكا) دون علم أحد في وزارة الخارجية. وأعتقد -يقول فانس- أن هذا قد أسهم في ارتباك الشاه حول أين نقف وفي عدم قدرته على تقرير ما يفعل". وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر أرسل سوليفان (سفير واشنطن في طهران) رسالة أوضحت إلى أي مدى تحلل الوضع السياسي. فبينما كان سوليفان يدرك أنه ليس لدينا سوى مواصلة تأييد الشاه، دعا سوليفان إلى أن نبدأ التفكير في ما لا يمكن التفكير فيه: "ماذا يمكن أن تفعل الولايات المتحدة إذا أثبت الشاه والعسكريون أنهم غير قادرين على الحكم وانهار النظام؟".

يتابع فانس (ص 113-114): "توافقت رسالة سوليفان مع تحليل بعض مستشاري وزارة الخارجية، لكنها أثارت ذعرًا في البيت الأبيض، كان هناك خوف مستكن من أن أي تصرف من شأنه أن يعني ضمنًا أننا لا نتوقع للشاه أن يبقى، قد يسهم في شلل إرادته ويدفع المعارضة إلى مزيد من العنف".

 يتابع فانس "في 22 تشرين الثاني/نوفمبر أبرقت إلى سوليفان بأن علينا أن نقدم للشاه نصيحتنا الصريحة في مساعدته لإقامة حكومة مدنية جديدة. وأكدت مرة أخرى أننا لا نستطيع اتخاذ القرارات نيابة عن الشاه. وكان على سوليفان أن يوضح توضيحًا ساطعًا بأن الولايات المتحدة ما زالت تؤيده. وقلت لسوليفان أن يتأكد من أن أعضاء السفارة يؤكدون على هذه الحقيقة في الاتصالات التي يقومون بها مع المعارضة".

اقرأ/ي أيضًا: لماذا ترامب هو مرشح الأحلام لداعش؟

"وفي كانون الأول/ديسمبر أدرك الرئيس جيمي كارتر بوضوح، على أي حال، أننا قد تخطينا نقطة تأييد الشاه دون تحفظ، وكان قد بدأ يفكر في نصحه بالتفكير باتجاه تسوية. وفي اجتماع سوليفان مع شاه إيران بدا استعداده واضحًا للتخلي عن الحكم وأعرب عن خشيته من تفكك إيران، وقال الشاه إنه يخشى أن تؤدي القبضة الحديدية إلى تفكيك الجيش وإيران".

يقول وزير الخارجية الأمريكي في مذكراته ص 117: اجتمع براون وبريجنسكي وتيرنر، وشليزنغر، وآرون، وأنا في غرفة تقدير الموقف بالبيت الأبيض في 28 كانون الأول/ديسمبر لنناقش التوجيهات إلى سوليفان. وكانت وجهات نظري معروضة في مسودة البرقية. وناقش بريجنسكي بقوة من أجل رسالة تأييد كامل للشاه. وكان براون وشليزنغر وتيرنر ضد أي انغماس إيجابي من جانب الولايات المتحدة مع المعارضة في محاولة لبناء ائتلاف قادر على البقاء. بعد المناقشة كان واضحًا أنه ليس هناك تأييد لمسودة برقيتي. وفي النهاية توصلنا إلى اتفاق على رسالة تؤكد على أننا ما زلنا نفضل حكومة مدنية معتدلة، وقالت المسودة: "لكن إذا كان هناك شك سواء في التوجه الكامن وراء مثل هذه الحكومة أو قدرتها على الحكم، أو إذا كان الجيش يواجه خطر المزيد من التفتت، فإن حكومة عسكرية حازمة في ظل الشاه لن يمكن تجنبها".

في اليوم التالي 3 كانون الثاني/يناير -كما يكشف فانس ص118، 119، 120 - "أرسل سوليفان برسالة شخصية، «لاطلاعي فقط»، تقول إنه بالنسبة للولايات المتحدة "ساعة الحقيقة" قد حلت، وأبلغني بأن جميع العناصر المعتدلة داخل الحكومة وخارجها متفقة على أن الشاه يجب أن يغادر البلاد فورًا، وفي 4 كانون الثاني/يناير اجتمع الرئيس ومستشاروه لمناقشة تقرير سوليفان. واتفقنا -يقول فانس- على أن نصيحة سوليفان يجب أن تقبل. وعلى الفور أرسلت إلى سوليفان رسالة من الرئيس كان القصد منها إنهاء تردد الشاه، وأضاف سوليفان أن الجنرالات (في خلية الطوارئ التي تشكلت برعاية الولايات المتحدة بدون علم الشاه) يريدوننا أن نتصل بالخميني مباشرة لنقنعه بأن يمنح شاهبور بختيار -إحدى الشخصيات البارزة في ائتلاف الجبهة الوطنية القديمة- فرصة لإقرار النظام بعد رحيل الشاه، لمنع الشيوعيين وغيرهم من الجماعات اليسارية الراديكالية من استغلال الفوضى".

"كانت حجة سوليفان -يتابع فانس- أنه طالما أن الشاه قد غادر البلاد، فإن الخميني بالتأكيد سيفضل أن يكون هناك جيش متماسك وفعال يضمن أمن إيران الخارجي والداخلي أثناء الانتقال إلى جمهورية إسلامية. وكانت هناك أدلة على أن الخميني ينوي أن يبقي على الهيكل الرسمي للحكومة في أيدي السياسيين العلمانيين، بينما يقوم هو ورجال الدين بتشكيل الثورة عبر دروب إسلامية أصولية".

اقرأ/ي أيضًا:

أشرف مروان..كيف تجاهلت إسرائيل جاسوسها الأثمن؟

ترامب يلحق بكلينتون في استطلاعات الرأي