05-سبتمبر-2020

جندي أمريكي في بلدة المالكية السورية (دليل سليمان/أ.ف.ب/Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير 

ارتفعت حدة التوترات بين القوات الأمريكية والروسية في جميع أنحاء العالم خلال الأسبوع الماضي، بعدما سجلت أكثر من حالة تصادم بينهما، بعضها جوي، كان آخرها إعلان وزارة الدفاع الروسية يوم الجمعة 4 أيلول/سبتمبر 2020، عن اعتراض 8 مقاتلات روسية لـ3 قاذفات استراتيجية أمريكية فوق مياه البحر الأسود، مما ينذر بمزيد من التوتر  في جغرافيات متعددة يتزامن فيها وجود قوات لكل من واشنطن وموسكو.

تعايش القوات الأمريكية في الشمال السوري مؤخرًا عدة احتكاكات وتوترات مع القوات الروسية، في حين تتعطل مشاريع واشنطن النفطية، ما يعرض إدارة ترامب للملف السوري لانتقادات استخبارية متصاعدة

دفعت التطورات الأخيرة بموسكو وواشنطن بالإضافة إلى النظام السوري، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تشرف على مناطق الإدارة الذاتية شمال سوريا للتشكيك بنهج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الوقت الراهن، وفقًا لتقرير نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية.

اقرأ/ي أيضًا: تقرير أممي يكشف إرسال موسكو 338 شحنة عسكرية جوية من سوريا إلى ليبيا

إذ تنقل المجلة الأمريكية على لسان مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات الأمريكية تأكيده عدم وجود استراتيجية واضحة للقوات الأمريكية المتواجدة في سوريا، مشيرًا إلى تزايد شعور موظفي الإدارة الأمريكية بالإحباط مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تعهد فيها ترامب إلى جانب المرشح الديمقراطي جو بايدن بإنهاء الحروب التي بدأتها الإدارات الأمريكية السابقة.

وكانت واشنطن وموسكو قد تبادلتا الاتهامات في وقت سابق بشأن تصادم مركبتين عسكريتين أمريكية وروسية في شمال شرقي سوريا، ما أسفر عن إصابة 7 جنود أمريكيين في الحادث، ونشر مقطع الفيديو لأول مرة على أحد المواقع الروسية، قبل أن يجري تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي. فيما قال مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين إن واشنطن عبرت عن قلقها لموسكو بشأن الحادث، مضيفًا بأنه "تم إيصال الرسالة إليهم (روسيا) بوضوح شديد.. تم ذلك على المستوى المناسب".

كما تشير نيوزويك في تقريرها ذاته إلى أن روسيا دائمًا ما كانت تنتهز الفرص لتوسيع نفوذها في سوريا دعمًا لرئيس النظام السوري بشار الأسد، بعدما سيطرت على مواقع كانت تخضع لنفوذ واشنطن في بعض المناطق، فيما يبدو إشارة للانسحابات التي نفذتها القوات الأمريكية في شمال سوريا خلال العام الماضي.

وفيما تنشط القوات الروسية مقابل القوات الأمريكية  في شمال شرق سوريا، فإنه لا يوجد سوى قناة واحدة للتنسيق بينهما لمنع وقوع الحوادث، وهو ما أوضحته المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية جيسيكا ماكنولتي في تصريح لمجلة نيوزويك، بقولها إن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن  لا يقوم بالتنسيق أو مشاركة المعلومات الاستخباراتية الخاصة بسوريا مع موسكو، حيثُ أنه يجري إخطارهم من وقت لآخر بالضربات الجوية الروسية ضد أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية - داعش غرب نهر الفرات، والتي تأتي كجزء من الاتصالات الروتينية  بين واشنطن وموسكو.

في ذات السياق تجادل موسكو بأنها تملك شرعية دولية لوجودها في سوريا بعد توقيعها اتفاقية مع النظام السوري في عام 2015، على عكس واشنطن التي نفذت سابقًا ضربات جوية استهدفت فيها مواقع لقوات النظام السوري. إذ أشار المتحدث باسم السفارة الروسية في واشنطن نيكولاي لاخونين إلى أن موسكو تعتبر القوات الأمريكية المتواجدة في قاعدة التنف على المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، أو في شمال شرق سوريا  "غير قانونية"، طالما أن وجودها لا يحظى بموافقة النظام السوري أو مجلس الأمن الدولي.

في حين ركزت نيوزويك على أن حادث التصادم بين القوات الأمريكية والروسية الذي حصل يوم 27 من آب/أغسطس الماضي  ليس "حادثًا فرديًا"، مشيرةً إلى أنه قبل أسبوع من الحادث كان هناك توتر تحول لصدام مميت بين القوات الأمريكية وقوات النظام السوري عند إحدى نقاط التفتيش العسكرية التابعة للنظام السوري في محافظة الحسكة. فيما اتهم النظام السوري واشنطن بقتل أحد عناصره وإصابة آخرين بجروح، قال التحالف الدولي إن القوات الأمريكية قامت بالرد على إطلاق النار الذي تعرضت له قواتها بالمثل.

اقرأ/ي أيضًا: توسع إسرائيلي في المجال الجوي السعودي وسقطرى اليمنية برعاية إماراتية

في تعليقه على التطورات الأخيرة بين القوتين العالميتين في سوريا، وصف ضابط الاستخبارات الأمريكية السابق مالكولم نانسي في تصريحه لمجلة نيوزويك الوضع الراهن في سوريا بأنه "مستنقع دموي" آخر للبنتاغون. مشيرًا إلى أن عدد القوات الأمريكية المتواجدة حاليًا في سوريا  يبلغ نحو 500 جندي. موضحًا أن الوضع بالنسبة لهذه القوات في سوريا يشبه ما حصل سابقًا في أفغانستان، مضيفًا أن الأزمة السورية الراهنة تحولت لـ"حرب منسية" بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية.

وتطرق نانسي في تعليقه إلى الاتفاق الموقع بين قسد المدعومة من واشنطن مع شركة Delta Crescent Energy LLC الأمريكية لتحديث حقول النفط التي تسيطر عليها قسد في شمال شرق سوريا، بالإشارة إلى عدم إنتاجها أي شيء حتى الآن. في الوقت الذي يجلس ترامب متفاخرًا بالقول "لقد أخذنا نفطهم"، في حين أنه يتم إنتاج القليل من النفط فقط. 

ويختم نانسي تعليقه بالقول إنه بينما لا يزال النفط في الأرض والحقول لا تعمل، فإن "الجنود الأمريكيون (في سوريا) يموتون من أجل الوفاء بتعهد الرجل الضعيف"، في إشارة لتعهدات دونالد ترامب بإعادة القوات الأمريكية إلى البلاد خلال حملته الانتخابية لعام 2016، والتي كان جزء منها إعلانه سحب القوات الأمريكية المتواجدة في ألمانيا ضمن القوات المشتركة لحلف الشمال الأطلسي (الناتو)، مما عرضه لانتقادات شديدة بسبب تأثير القرار على الأزمة الدبلوماسية مع موسكو التي تستمر مفاعيلها إلى اليوم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عائلتان ليبيتان تقاضيان حفتر أمام القضاء الأمريكي بتهمة ارتكاب جرائم حرب

إدارة ترامب تطلع لندن على نتائج جولة كوشنر ومجريات التطبيع في الشرق الأوسط