16-سبتمبر-2020

من "زنقة كونتاكت"

خلقت الممثلة المغربية خنساء باطما المفاجأة خلال مهرجان البندقية السينمائي، في دورته السابعة والسبعين التي اختتمت قبل أيام. حاصدة أسده المجنّح لجائزة أحسن دور نسائي في مسابقة Orizzonti عن بطولتها في الفيلم المغربي "زنقة كونتاكت".

حصدت الفنانة المغربية خنساء باطما الأسد المجنّح لأحسن دور نسائي في مهرجان البندقية، وذلك عن بطولتها في فيلم "زنقة كونتاكت"

خنساء التي يعرفها جمهورها كمغنية روك، يعدّ هذا الفيلم تجربتها الأولى على الشاشة العريضة، أمام عدسة المخرج المغربي إسماعيل العراقي، في دور رجاء الفتاة البيضاوية (نسبة إلى مدينة الدار البيضاء) ذات الصوت الذهبي، التي ستلتقي بـ لارسن المغني الذي فقدَ صوته، وستنطلق الشخصيتان في رحلة حب حيث الموسيقى هي المنفذُ الوحيد من مآسي الحياة. حازت خنساء من خلال دورها ذاك إعجاب النقاد وجمهور مهرجان البندقية، كما رضى لجنة التحكيم التي منحتها الجائزة.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "بابيشة".. ألوان الحياة تتحدى عتمة الإرهاب

"استقبلتُ الجائزة بكثير من الفرح، والكثير الكثير من المفاجأة" تصرح خنساء باطما في حديثها لـ "ألترا صوت"، معبرة على عدم توقعها الفوز ومعللة شكوكها: "إنه المزاج الذي يغلب على كلّ ممثلٍ مبتدئ: مهما كانت ثقته في نفسه متينة، وإدراكه لموهبته وشهادة الناس له بأنه ممثل جيد، يبقى عنصر المفاجأة حاضرًا لأنني لم أدخل التجربة بهدف حصد جوائز، بل ظلّ هاجس إنجاح الشخصية الرئيسية للعمل مرافقًا لي، وأظن أنني كنت بحجم هذه المسؤولية".

وعن الظروف التي صور فيها الفيلم سألنا الممثلة المغربية، لتجيب: "حقيقة هي ليست أول تجربة لي أمام الكاميرا، فقد سبق لي ومثلت في مسلسل تلفزي سنة 2014، لكنها أول تجربة سينمائية وكنت محظوظة جدًا فيها".

هذا الحظ الذي تخبرنا عنه خنساء باطما، عائدٌ في ناحية منه للأسماء الكبيرة التي ضمها الفيلم، حيث كان هناك احتضان من طرفهم ومرافقة ودعم للممثلة الجديدة على الميدان، وحيث "كل حركة أو سكنة لهم أمام الكاميرا كانت بمثابة درس" بالنسبة لها. ومن ناحية أخرى، تضيف خنساء باطما، "العين الثاقبة للمخرج اسماعيل العراقي، والسيناريو المحبوك الذي وضعه للفيلم، ساهم بشكل كبير في نجاح الدور على وجه التحديد، ونجاح العمل بشكلٍ عام والدليل هو الجائزة التي حصدناها من البندقية".

اسماعيل العراقي، الذي تسلّم الجائزة من البندقية بالنيابة على خنساء، عبّرَ في خطابه عن امتنانه لاختيارها في دور البطولة، قائلًا: "هي بطلتي الخارقة، مع أن هذه تجربتها الأولى في التمثيل، إلا أن هذا الفيلم ما كان ليكون دونها، ولا أن يحقق كلّ هذا النجاح". مستغلًا الفرصة لدعوة زملائه المخرجين أن "يأخذوا المجازفة، أن يثقوا في من ليست لهن تجربة في التمثيل، وأن يمنحوا الفرصة للممثلات السمراوات، الأفريقيات، العربيات، الآسيويات، الكبيرات في السن.. دون تردد، لأنني فعلتها وانظروا ماذا حصدت"، يختم المخرج المغربي خطابه.

المخرج المغربي إسماعيل العراقي مُتسلّمًا الجائزة بالنيابة عن خنساء باطما (فيسبوك)

"لقائي الأول بإسماعيل العراقي يعود لسنة 2010، لم أكن أعرفه شخصيًا من قبل، ومراسلته الأولى لي كانت كمحب لموسيقاي، وبالضبط أغنية "نستاهل" التي خلقت ضجة وقتها" بهذه الكلمات تحكي خنساء باطما لقاءها الأول بمخرج "زنقة كونتاكت"، وخلال ذلك اللقاء أخبرها عزمه إخراج فيلم سينمائي، وحكى لها قصته التي نالت إعجابها. هذا الفيلم الذي سينتظر بعدها تسع سنوات ليتم تصويره، تسع سنوات كانت كفيلة لتطرح مسألة سن البطلة هاجسًا عند الممثلة: "عندما حكى لي الفيلم أول مرة كنت في بداية الثلاثينات، أنا الآن في الأربعينات، هذا ما جعلني أتردد في الأول لقبول الدور لولا إصرار المخرج على وجودي فيه، واضعًا ثقته فيّ رغم وجود هذه الهواجس".

بزغ نجم خنساء باطما في الغناء أوسط سنوات الـ 2000، عبرَ الموجة الغنائية الشبابية التي كانت تجتاح البلاد آنذاك

تستطرد الممثلة المغربية معلقة على خطاب مخرجها:" إسماعيل العراقي شخصٌ مبدئي، ويؤمن حقًا بما قاله، ولم يكن ذلك مجرّد صوابية سياسية". وتوافقه تمامًا الرأي، إذ حسب تعبيرها:" هناك نوع من احتكار الأدوار على نمط معين من الممثلين، بخلفيات محددة. لهذا يجب تغيير هذا الواقع ومنح ممثلين من خلفيات متعددة فرصة إبراز طاقاتهم ومواهبهم".

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "أسمهان" للمخرجة عزة الحسن.. بطولة القاهرة ودلالها المكسور

بزغ نجم خنساء باطما في الغناء أوسط سنوات الـ 2000، عبرَ الموجة الغنائية الشبابية التي كانت تجتاح البلاد آنذاك، وتعد من أوائل المغربيات اللائي اخترن موسيقى الروك أند رول كلون غنائي لتعبيرهن الفني. فيما لاسمها العائلي دلالة في الأذن المغربية خاصة، والعربية عامة، بما هي سليلة عائلة باطما رائدة الموسيقى الغيوانية بالمغرب سبعينات القرن الماضي. فوالدها المرحوم محمد باطما، نجم فرقة "ناس الغيوان" وفرقة "لمشاهب" بعدها، وعمها هو المرحوم العربي باطما قائد فرقة "ناس الغيوان".

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "Dhalinyaro".. عدسة مغايرة على المجتمع الجيبوتي

سينما الضوء الشفاف