28-ديسمبر-2019

رقصة "المغتصب هو أنت" في ميلانو (Non una di meno)

الترا صوت – فريق التحرير

الشهر الماضي، تشرين الثاني/نوفمبر 2019، أطلقت إحدى المجموعات المسرحية النسوية في تشيلي، أغنية باللغة الإسبانية لمكافحة الاضطهاد الجنسي الذي تتعرض له النساء التشيليات. 

رغم راديكالية كلمات أغنية "المغتصب هو أنتَ" إلا أنها لاقت رواجًا كبيرًا حول العالم، وأدتها مجموعات نسائية في عشرات العواصم والمدن

لكن الأغنية لم تقف عند حدود تشيلي، بعد انتشارها بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتلاقي صدى واسع لدى مجموعات عريضة من النساء اللواتي قمن بتأديتها في عشرات العواصم والمدن حول العالم.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تعرف عن سوء المعاملة العاطفية؟.. وحش العنف الخفيّ ضد المرأة

الاغتصاب مشكلة سياسية

قدمت أغنية "مغتصب هو أنت" لأول مرة مجموعة من النساء في العاصمة التشيلية سانتياغو خلال الاحتجاجات الشعبية على عدم المساواة الاجتماعية. وأدت النساء الأغنية باستعراض غطين فيه أعينهن بعصائب سوداء، وبرقصة خاصة يشرن فيها بأياديهن إلى الأمام أو الجانبين عندما يذكرن كلمات لها دلالة على الحكومة أو المغتصب أو الرجل.

ورغم راديكالية كلمات الأغنية، إلا أنها لاقت رواجًا كبيرًا حول العالم. ولم تكن تتوقع فرقة Lastesis المسرحية النسوية التشيلية، التي كتبت كلمات الأغنية، أن تتحول إلى مظاهرة عالمية.

وتقول كلمات الأغنية: "المجتمع الذكوري يقاضينا، لمجرد أننا ولدنا نساء، وعقوبتنا هي العنف الذي لا تراه. النساء تُقتل، والجاني يفلت من العقوبة. في حالات الإخفاء القسري أو الاغتصاب، لست أنا المذنبة. لا تلق اللوم علي أو على المكان الذي كنت فيه أو على اللباس الذي كنت أرتديه".

بعد ذلك تبدأ الأغنية في أخذ منحى مختلف، باتهامها جميع الأجهزة الحكومية بالوقوف وراء الأسباب التي تسهل الانتهاكات الجسدية ضد المرأة: "المغتصب هو أنت. المغتصب هو أنت. المغتصبون هم الشرطة والقضاة والحكومة والرئيس. الحكومة الظالمة مغتصبة. المغتصب هو أنت. نامي بهدوء أيتها الفتاة البريئة دون القلق من قطاع الطرق، فهناك من يحرس أحلامك الجميلة. المغتصب هو أنت، المغتصب هو أنت".

من جانبها، تعلق الكاتبة الأرجنتينية، ريتا سيغاتو، والتي استوحت الفرقة التشيلية كلمات الأغنية من أعمالها، قائلة إن "مشكلة الاغتصاب سياسية وليست أخلاقية"، وذلك في معرض حديثها عن أسباب التركيز على الجانب السياسي في الأغنية.

رقصة "المغتصب هو أنت" حول العالم

وخلال الشهر الجاري انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي عشرات مقاطع الفيديو لمجموعات نسائية تؤدي الأغنية مع الرقصة في أثينا ومدريد وبرلين وبوغوتا وتونس، وغيرها من المدن والعواصم العالمية.



وقامت ناشطات يمنيات بالتضامن من النساء في بلادهنّ، عبر تأديتهنّ للأغنية داخل استديو. وجرى بثها على قناة بلقيس اليمنية.

أما في تركيا، فردت السلطات الأمنية على فتيات كن يؤدين الأغنية في جامعة أنقرة، باعتقال مجموعة منهن، وفق ما أظهره مقطع فيديو انتشر على تويتر.

وبعد الاعتقالات، علق وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، بقوله إن "الجميع يشعر بآلام كل امرأة قتلت في تركيا"، قبل أن يعرب عن رفضه لبعض كلمات الأغنية التي تأتي على ذكر الحكومة أو إحدى أجهزتها، وتصفها بـ"المغتصبة" و"القاتلة".

 الإفلات من العقاب يشجع على العنف ضد المرأة  

تعرف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه "أي فعل عنيف مدفوع بعصبية الجنس، ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواءً حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".

وتضيف في تعريفها الصادر ضمن إعلان القضاء على العنف ضد المرأة في عام 1993، بأن العنف يشمل الضرب والإساءة النفسية والاغتصاب الزوجي وقتل النساء، إضافة إلى المضايقات الجنسية والاغتصاب والتحرش والاعتداء الجنسي على القاصرات والأطفال والزواج القسري والتحرش في الشوارع والملاحقة الإلكترونية، ويضاف إليه الاتجار بالبشر والعبودية والاستغلال الجنسي، إضافة إلى تشويه الأعضاء.

وخلال كلمة لها في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، كشفت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بومزيلي ملامبو نوكا، أن 10% فقط من النساء اللواتي تعرضن للعنف، اتصلن بالشرطة بعد تعرضهن لهذا العنف.

وقالت ملامبو نوكا، إن 41% من دول العالم، هي التي يوجد فيها قوانين تجرم الاغتصاب صراحةً، الأمر الذي يعني أن أكثر من نصف دول العالم، تشجع بشكل أو بآخر، الإفلات من العقاب في قضايا العنف ضد المرأة.

وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 35% من النساء حول العالم تعرضنّ لعنف جسدي أو جنسي من شركائهن أو من غير شركائهن. فيما وصلت نسبة النساء اللواتي تعرضن للقتل على أيدي شركائهن إلى 38%. وتعرضت 7% من النساء للاغتصاب من قبل شخص غير الشريك، فضلًا عن وقوع 42% من نساء العالم ضحية للاستغلال الجسدي أو الجنسي من قبل الشريك.

ووفقًا لتقرير يرصد نسبة ممارسة الشريك الحميمي للعنف ضد المرأة، حسب توزيع الأقاليم لمنظمة الصحة العالمية، لعام 2012؛ فإن جنوب شرق آسيا يتصدر نسبة العنف الممارس ضد المرأة بـ37.7% ويأتي بعده مباشرة الشرق الأوسط بنسبة 37%، ثم أفريقيا بنسبة 36.6%، ثم الأمريكيتين بنسبة 29.8%، ثم أوروبا بنسبة 25.4%، وغرب المحيط الهادئ بنسبة 24.6%، وأخيرًا المناطق مرتفعة الدخل بنسبة 23.8%.

إحصائيات العنف ضد المرأة في العالم العربي

أشار استطلاع حديث للرأي، أجراه موقع الباروميتر العربي، إلى أن استخدام العنف من قبل أحد أفراد الأسرة تجاه الآخر داخل الأسر العربية، تبلغ نسبته 25%، دون أن تشمل تلك النسبة العنف ضد الأطفال بحجة التأديب.

العنف ضد المرأة عربيًا

وتتصدر اليمن قائمة الدول الأكثر عنفًا داخل الأسر بنسبة 26%، تليها المغرب بنسبة 25%، ثم مصر بنسبة 23%، فالسودان بنسبة 22%، والجزائر بنسبة 21%، وفلسطين بنسبة 14%، ثم العراق بنسبة 12%. وفيما يخص الدول الأقل عنفًا داخل الأسر، فجاءت كل من لبنان وتونس والأردن بنسبة 6% ثم ليبيا بنسبة 7%.

وكشفت دراسة حديثة أجرتها شبكة البرلمانيات العرب للمساواة (رائدات)، عن تعرض 80% من البرلمانيات العرب لنمط أو أكثر من العنف النفسي واللفظي والاقتصادي والجسدي والجنسي، وفي أحيان أخرى جميع أنماط العنف.

وقالت رئيسة الشبكة، البرلمانية الأردنية، رولا الفرا الحروب، إن الدراسة أظهرت تعرض 70% من البرلمانيات لنمطَيْن أو أكثر من العنف، مشيرةً إلى تعرض 76% منهنّ للعنف النفسي واللفظي. 

وأوضحت الحروب أن الدراسة تكشف عن تعرض 36% من البرلمانيات العرب للعنف من قبل شخص يتمتع بالسلطة، علمًا بأن 216 برلمانية شاركنّ في الاستطلاع من 16 برلمان عربي.

أما النمط الثاني من العنف الممارس ضد البرلمانيات العرب، فكان مصدره الأفراد العاديين، وغالبيته من مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بلغت نسبة الاعتداءات المرتبطة بالسوشيال ميديا 20%.

وفق إحصائية أممية فإن أكثر من 35% من النساء حول العالم تعرضنّ لعنف جسدي أو جنسي من شركائهن أو من غير شركائهن

وبسبب العنف الذي وصفته الحروب بـ"الممنهج"، تركت 13% من البرلمانيات العرب عملهن في السياسة، فيما قالت 47% من البرلمانيات العرب إنهن لا يستطعن التعبير عن آرائهن بسبب العنف. و18% فقط قلن إن العنف لا يؤثر بشكل مباشر عليهن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العنف التلفزيوني المجاني ضد المرأة.. من المسؤول؟

سرديات الاغتصاب والتحرش.. فتيات عربيات يكسرن الصمت