30-نوفمبر-2017

حضور متزايد للرقص الشرقي في حياة المغاربة رغم الانتقادات (سام تارلينغ/ Corbis)

بمجرد أن تتحدث عن الرقص والراقصات بالمغرب، إلا ويتذكر المغاربة للوهلة الأولى "الشيخة"، تلك الراقصة التي ارتبطت قبل عقود في المخيال الشعبي للمغاربة بالموسيقى والتراث الشعبي، مرتدية لباسًا تقليديًا، تعزف على الآلات الإيقاعية والوترية، تتغنى بالشعر الشعبي بكل ثقة، وغالباً ما كانت تملك صوتًا حادًا، فضلاً عن كونها اشتهرت بتأثيثها أعراس المغاربة والمساهمة في أفراحهم بالغناء والرقص، ومن أشهرهن الشيخة فاطنة بنت الحسين.

ارتبط الرقص في ذهن المغاربة بـ"الشيخة" والرقص الشعبي لكن هذا الاخير سرعان ما ترك مكانه خلال السنوات الأخيرة لانتشار الرقص الشرقي والإقبال عليه

لكن خلال السنوات الأخيرة أفل نجم الراقصات الشعبيات بالمغرب، إن لم نقل أن ظاهرة "الشيخات" انقرضت تقريبًا لتحل محلها الراقصة الشرقية. وكما أن الجدل المرافق للراقصات الشعبيات لم ينقطع في الماضي، فقد حظيت الراقصات الشرقيات بذات الجدل حاضرًا، فهن عادة محط  شتائم وانتقادات من طرف المجتمع، سواء بسبب أفكارهن المتمردة أو لباسهن الجريء أحيانًا أخرى أو رقصهن المغري، كما يُشاع ويُتداول.

اقرأ/ي أيضًا:  منى برنس...رقص للحياة في بلد "خربانة"

حكيمة العروسي، أستاذة رقص شرقي تقيم بإسبانيا، وتواجه انتقادات متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي. تقول العروسي خلال حديثها لـ"الترا صوت": "أنا لا أرقص في حفلات خاصة أو أعراس، بحيث ألتقي بالجمهور خاصة في المهرجانات الدولية لكني أتلقى انتقادات واسعة وهي لا تتعلق بالفن الذي أقدمه بل أساسًا بملابسي أو أفكاري التي أطرحها".

وحكيمة ليست الوحيدة التي تواجه كمًا من الانتقادات، فمنذ أيام يرافق الراقصة المغربية مايا الكثير من الجدل، بسبب تصريحاتها التي اعتبرها البعض "حادة"  ضد المغاربة الرافضين للرقص الشرقي. وهي التي صرحت مؤخرًا "عندما قررت أن أصبح راقصة، كنت مستعدة لكل هذه الانتقادات والشتائم".

وقد أكدت الراقصة مايا في إحدى لقاءاتها الإعلامية هذا الشهر في إحدى الإذاعات المحلية "على رغم من أن المجتمع يرفض الراقصة إلا أنني أفتخر بكوني راقصة شرقية"، مضيفة "المجتمع دائماً ما يربط الرقص بالعهر"، مستطردة بنبرة حادة: "إذا كان المجتمع مقتنعًا أن الراقصة هي عاهرة، إذًا أنا كذلك". وتساءلت مايا، في ذات السياق، "لماذا لا ينتبه المغاربة إلى جمال الاستعراض الذي نقدمه، لماذا يهتمون بالقوام وما يحمله من إغراء فقط؟، إنهم على الأغلب يعانون من الكبت".

بالتوازي مع الإقبال على تعلمه وعلى استدعاء الراقصات لتأثيث المناسبات المختلفة، يلاقي الرقص الشرقي موجات نقد وتهجم داخل المجتمع المغربي

وينتشر الرقص الشرقي في المغرب خاصة في الملاهي الليلية، وأيضا أمسى مطلوبًا في الآونة الأخيرة في النوادي الرياضية من طرف النساء خاصة، من مختلف الأعمار، بحثًا عن الرشاقة ولتعلمه كفن في آن واحد.

وفي هذا السياق، تقول لمياء الطيبي، باحثة في علم الاجتماع، ضمن حديثها لـ"ألترا صوت" إن "الرقص الشرقي رمز للأنوثة، لهذا تجد العديد من النساء يرغبن في تعلمه". أما عن النظرة السلبية عند البعض للراقصة الشرقية، فتفسر الطيبي ذلك "بتأثير السينما المصرية والصورة التي كانت تقدم دائمًا للراقصة اللعوب".

اقرأ/ي أيضًا: البرع.. رقصة الحرب اليمانية

وتتابع الطيبي حديثها "في المخيال الشعبي بالمغرب، الراقصات الشرقيات تواصل للـ"الشيخات" والأخيرات ارتبطن بكونهن يحترفن الإغراء وإغواء الرجال وسلبهم ممتلكاتهم".

لا شك أنه لم يفل يومًا نجم الرقص في المغرب سواء كان رقصًا شعبيًا تقليديًا أو شرقيًا، فالرقص دائمًا حاضر وبقوة في الأعراس والاحتفالات المغربية وفي غير ذلك من المناسبات، وعلى الرغم من النظرة "الدونية" للراقصات، في حالات كثيرة، إلا أن الإقبال عليهن متصاعد وعلى تعلم فنهن أيضًا.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الرقص الاعتقادي في مصر.. دروب الخلاص

الضمة البورسعيدي.. تاريخ البهجة والتهجير