25-أبريل-2018

يطالب المسيحيون المغاربة بحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية في الكنائس الرسمية على غرار الأجانب (ويكيبيديا)

حسن لمليلي شاب مغربي في ربيعه الثاني والعشرين، يعتنق الديانة المسيحية، أوقفته سيارة شرطة بالرباط، في الـ18 من الشهر الجاري، بعد اكتشاف أمر ديانته، اقتادوه إلى مركز أمني.

تفتح حادثة اعتقال شاب مغربي بسبب اعتناقه المسيحية، النقاش من جديد حول الوضعية الحقوقية للمسيحيين المغاربة

هناك فتحت الشرطة معه تحقيقًا أوليًا من أجل الافصاح عن "طرق التبشير التي يعتمدها"، إلا أن حسن لم يكن يحمل سوى كتب مسيحية يتجه بها صوب منزله، وليس بالناشط المعروف في الوسط المسيحي. لكن الشرطة أعدت محضرًا يتهم الشاب المسيحي بالتبشير، مطالبة إياه بالتوقيع عليه، وهو الأمر الذي رفضه متشبثًا ببراءته من المنسوب إليه، خصوصًا مع ضعف بصره الذي يحول دون تمكنه من قراءة ما كتب في المحضر، في نهاية المطاف عاد حسن إلى منزله بعد أن قضى ليلة مجهدة لدى المصالح الأمنية، أثرت على حالته النفسية، سيما وأنه لم يعش من قبل تجربة الاعتقال.

اقرأ/ي أيضًا: مسيحيو المغرب.. حياة الخفاء

هذا ما حكاه شعيب الفاتيحي، عضو تنسيقية المسيحيين المغاربة، مع عدد من الجمعيات والمنظمات المدنية، غير أن المديرية العامة للأمن الوطني تنفي في بلاغ لها، "بشكل قاطع"، واقعة الاعتقال، مؤكدة أنه لم يتم تسجيل بولاية الرباط أي حالة شبيهة بما تناقلته عدد من التقارير.

في المغرب نحو 40 ألف مسيحي أجنبي يمارسون طقوسهم الدينية في كنائس رسمية بلا مشاكل (مكسيم ماساليتين/ Flickr)
في المغرب نحو 40 ألف مسيحي أجنبي يمارسون طقوسهم الدينية في كنائس رسمية بلا مشاكل (Flickr)

وفي خضم جدل حدوث "الاعتقال" من عدمه، عاد نقاش وضع الأقلية المسيحية من جديد ليظهر في الساحة المغربية، حيث تدعو بعض الجمعيات المعنية بالحريات وحقوق الإنسان إلى سن قوانين وتشريعات تحمي الأشخاص المعتنقين للأديان والمذاهب الأقلية،  وإقرار الحريات الدينية كحق دستوري لكل المواطنين، بخاصة وأن المغرب موقع على عدد من الاتفاقيات الدولية الحاثة على حرية المعتقد.

ارتباطًا بهذا الشأن، ينص الدستور المغربي على أن "الإسلام دين الدولة"، ولكن في نفس الوقت يتيح لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية في أماكن العبادة المخصصة لها بدون الدعوة إليها، لكن هذا الحق يمنح كاملًا فقط "للمسيحيين الأجانب"، وليس المغاربة المسيحيين الذين لا يزالون يشكون التضييق، ويطالبون بتوسيع حقوقهم الدينية كمغاربة مواطنين.

بدأ ظهور المسيحيين المغاربة للعلن في 2016، حينما تم الإعلان رسميًا عن أول هيكل جامع يمثلهم تحت اسم "تنسيقية المسيحيين المغاربة"

بدأ خروج الأقلية المسيحية في المغرب إلى العلن، في آذار/مارس 2016، حينما تم الإعلان رسميًا عن ميلاد أول هيكل جامع يمثل المسيحيين في البلاد، تحت اسم "تنسيقية المسيحيين المغاربة"، ومنذ ذلك الحين زاد ظهور معتنقي المسيحية في الواقع وعلى الشبكات الاجتماعية، كما بدأت الصحافة المحلية والدولية تسلط الضوء على قضاياهم وأوضاعهم، الأمر الذي لم يكن معتادًا في المملكة، إذ كانت هذه الأقلية تقبع وراء جدار من السرية والخوف.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب يعفي "المرتد" من القتل.. مع بعض التخوين!

لا يعرف بالتحديد حجم المسيحيين المغاربة، بيد أن تقرير للخارجية الأمريكية يقدر عددهم بنحو ألفين إلى ستة آلاف شخص مسيحي في مختلف أنحاء البلاد، نصفهم على الأقل يترددون بانتظام على "كنائس منزلية"، بينما يقيم في المغرب ما يناهز 40 ألف مسيحي أجنبي، 75% منهم كاثوليك، والبقية بروتستانت. وبالمقابل، يمثل المسلمون السنة 99% من مجموع المغاربة، بحسب التقرير الأمريكي.

وتتنوع المضايقات التي تطال المسيحيين المغاربة، فمن جهة يواجهون أحيانًا مشاكل مع السلطة، حيث يصرح المتحدث باسم الأقلية المسيحية في المغرب، مصطفى السوسي، بأن "بعض المسؤولين أو بعض الموظفين سواء رجال سلطة أو موظفين عاديين يعتقدون أنهم هم القانون، ولا يفهمون أن هناك قانونًا يحمي المواطنين بجميع عقائدهم وألوانهم وأشكالهم".

ومن جهة أخرى يتعرض المغاربة المتحولون للمسيحية إلى الضغط الاجتماعي في حياتهم اليومية، إذ يُنظر إليهم "كأشخاص مارقين عن الدين يخدمون أجندات خارجية"، بالنظر إلى الثقافة المحافظة التي تسود البلد.

وسبق أن راسلت تنسيقية المغاربة المسيحيين، الذراع الحقوقي للدولة، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مطالبة بالسماح بـ"الزواج المدني، وإطلاق الأسماء المسيحية على أبنائهم، وإقامة الشعائر الدينية بالكنائس، والدفن في مقابر مسيحية، وإدخال شعبة المسيحية كخيار في التعليم للمسيحيين الراغبين"، وهي الرسالة التي قال عنها مصطفى السوسي إنهم تلقوا، كمسيحيين، ردودًا إيجابية مطمئنة من لدن الدولة.

يقدر تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية، المسيحيين المغاربة بما يتراوح ما بين ألفين إلى 6 آلاف فيما يقيم بالمغرب 40 ألف مسيحي أجنبي

هذا وقد وساهم انتشار الشبكات الاجتماعية وتكنولوجيا الإنترنت في المجتمعات العربية ككل في فتح نقاش حول عدد من التابوهات التي كان الحديث عنها محرمًا اجتماعيًا، إلا أن عصر الانفتاح والعولمة التقنية، يدفع المجتمعات، ومنها المغرب، إلى طرق مواضيع مرتبطة بالحريات وحقوق الإنسان وكذا الأقليات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المغرب.. المسلمة للمسلم ولا عزاء للحب

شيعة المغرب.. صراع مع الدولة وقصف إعلامي