21-أكتوبر-2017

يعتقد الشيعة المغاربة أن أهم المضايقات التي يتعرضون لها مصدرها الإعلام (فيسبوك)

يُنتشر أن كل المسلمين المغاربة من السنة، لكن هذا المعطى خاطئ، إذ لا يعرف الكثيرون شيعة المغرب، واللذين وإن قل عددهم مقارنة بالسنة فإنهم موجودون، إضافة إلى معتنقي ديانات أخرى كاليهودية والمسيحية والبهائية وغير ذلك. في هذا التقرير، نقدم فكرة عن شيعة المغرب، امتدادهم التاريخي، الموروث الشيعي، عددهم، أماكن تواجدهم وعلاقتهم بالدولة والإعلام.

لا تزال عديد الموروثات الشيعية رائجة إلى اليوم في المغرب ومنها وضع يد "خميسة"، التي يسمونها، يد فاطمة الزهراء للحماية من الحسد

اقرأ/ي أيضًا: مسيحيو المغرب.. أقلية دينية غير معترف بها رسميًا!

امتداد تاريخي

ثمة وجهات نظر مختلفة عن أصل الشيعة بالمغرب، ولكل رأي حجته ودليله التاريخي، فبينما يؤكد البعض أن أصلهم يعود للدولة الإدريسية. يرى آخرون أنهم ظهروا في المغرب خلال العهد الفاطمي، خلال القرنين الثاني والثالث الهجري، ثم لاقوا محاربة حادة من دولة المرابطين التي نشرت المذهب السني المالكي بالمغرب، وهو الذي لا يزال معتمدًا إلى اليوم بشكل موسع في البلاد.

وفي هذا الصدد، يؤكد إدريس هاني، مفكر وباحث مغربي مختص في تاريخ شيعة المغرب، وهو يعتنق المذهب الشيعي أيضًا، خلال حديثه لـ"ألترا صوت" أن "الوجود الشيعي بالمغرب يعود إلى عصر الدولة الإدريسية. وأن المغاربة كانوا في المعظم شيعة بالأساس". لكن لا يوجد إجماع حول أحد الرأيين مغربيًا.

موروث شيعي

من بين الموروثات الشيعية الرائجة في المغرب، والتي لا يزال العمل بها قائمًا عند الكثيرين وضع يد "خميسة" في باب المنزل أو على جدران المنزل، اعتقادًا منهم أن هذه "اليد" ستحميهم من العين الحاسدة، وتسمى بـ"يد فاطمة الزهراء". إضافة إلى ذلك، كان بعض المغاربة يسمون "قوس قزح" بـ"حزام فاطمة"، فضلاً عن الموشحات التي تتوسل لأهل البيت ولفاطمة الزهراء.

[[{"fid":"91921","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"يد خميسة للحماية من العين الحاسدة ","field_file_image_title_text[und][0][value]":"يد خميسة للحماية من العين الحاسدة "},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"يد خميسة للحماية من العين الحاسدة ","field_file_image_title_text[und][0][value]":"يد خميسة للحماية من العين الحاسدة "}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"يد خميسة للحماية من العين الحاسدة ","title":"يد خميسة للحماية من العين الحاسدة ","height":754,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

اقرأ/ي أيضًا: التمييز السعودي ضد الشيعة.. قمعٌ ممنهج لـ15% من المواطنين على أساس طائفي

أي شيعة في المغرب وأين يستقرون؟

يعتنق شيعة المغرب مذهب "الإثني عشرية"، حسب الباحث إدريس الهاني، لكنه يضيف: "الشيعة هنا مختلفون، لكل شخص قصته الخاصة مع ما يؤمن به".

ورغم غياب إحصاءات رسمية بخصوص العدد الحقيقي للمغاربة المعتنقين للمذهب الشيعي، إلا أن تقرير الحرية الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، أشار إلى أن "أعدادهم في تزايد، فقد كان عددهم يتراوح حسب تقرير سنة 2014 ما بين 3000 إلى 8000 شيعي، فيما قيم بحوالي 10 آلاف حسب تقرير سنة 2016". ويفسر باحثون ذلك بانفتاح البعض على الخطاب الشيعي، الذي تحرص إيران على تصديره والترويج له خاصة بعد عودة العلاقات بين البلدين السنة الماضية، رغم أن المتابعين يصفونها بـ"غير الوطيدة".

وبحسب ذات التقرير، ينتشر أغلبهم في شمال المغرب وفي الحواضر الكبرى كالدار البيضاء وفاس ومكناس ومراكش والرباط، ومنهم من قدم من بلدان عربية كالعراق ولبنان وسوريا، غير أنهم لا يتوفرون على مساجد خاصة بهم.

إلا أن الباحث إدريس الهاني لا يتفق مع هذه الأرقام، مصرحًا "لا أحد يملك اليقين حول عددهم وتواجدهم، بعض التقارير الدولية تروج لمعلومات خاطئة، يحاولون تسويق فكرة المد الشيعي بالمغرب، وهذا أمر غير صحيح".

صراع مع الدولة..

أسس الشيعة المغاربة "الخط الرسالي" كمؤسسة بعد أن رفضت السلطات السماح لهم بتكوين جمعية لتأطير نشاطاتهم في شكل قانوني. وخرجت المؤسسة للوجود سنة 2013 إلا أنها لم تحصل على الاعتماد القانوني إلا في سنة 2015 بعد صراع مع الدولة.

وفي السنة الماضية، تم اعتقال رئيس "الخط الرسالي" عبد الرحمن الشكراني، وهو ناشط معروف بالدفاع عن حق الشيعة في الوجود بالمغرب وحقهم في ممارسة شعائرهم، واعتقل على خلفية "اختلالات مالية تخص وكالة للبريد كان يتولى إدارتها". إلا أن إلا أن "الخط الرسالي" كانت أكدت أن سبب الاعتقال هو انتمائه إلى أحد المذاهب الشيعية، وأن الاتهامات الموجهة ضده مفبركة.

يتجنب الشيعة المغاربة البروز ما عدا قلة لكنهم يتعرضون لمغالطات مسيئة تروج ضدهم إعلاميًا خاصة من شيوخ السلفية

من جهة أخرى، يقول إدريس الهاني، الباحث الشيعي المغربي، إن "الشيعة المغاربة مسالمون، وبالتالي لا توجد مضايقات ضدهم إلا  نادرًا و تخص حالات فردية فقط". مضيفًا أن "انقطاع العلاقات في فترة بين المغرب وإيران انعكس سلبيًا عليهم لكن دون أن يكون الأمر خطيرًا"، وفق لتعبيره، مستطردًا "بعض الشيعة  هنا يفضلون ترجمة معتقدهم على أرض الواقع وهو ما قد يخلق مشاكلًا إلا أن البعض الآخر يفضل ممارسة طقوسه بشكل شخصي وبعيدًا عن الأعين".

تعسف إعلامي أيضًا..

يعتقد الشيعة المغاربة أن أهم المضايقات التي يتعرضون لها مصدرها الإعلام الذي يساهم بطرق مختلفة في الشحن ضدهم. يشرح إدريس الهاني ذلك: "تروج بعض وسائل الإعلام للأفكار المسبقة عن الشيعة، وبعض هذه المؤسسات تخدم أجندات وهابية". بينما يؤكد آخرون أن خطاب الكراهية الذي يسوّق له بعض الشيوخ السلفيين مغربيًا هو الذي يفاقم المغالطات حولهم ويجعلهم مهددين لردود فعل سلبية تجاههم، عن قصد أو عن غير قصد".

 

اقرأ/ي أيضًا:

المهدي المنتظر.. بين الواقع والأسطرة

التطبير باسم الحسين.. دعامة للجهل مرفوضة