10-نوفمبر-2023
الخروخ من مخيم الشاطئ للاجئين

(Getty) الخروج من مخيم الشاطئ للاجئين

يشهد الوضع في شمال غزة تدهورًا خطيرًا، مع محاولات جيش الاحتلال الإسرائيلي تطويق مدينة غزة، حيث يقول الاحتلال إن الجزء الأكبر من البنية التحتية لحركة حماس تقع فيها، ويدفع الجيش المدنيين جنوبًا، لأن هناك خطوة على حياتهم إذا بقوا في الشمال.

وأدى القصف الإسرائيلي العنيف للقطاع بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، والذي أعقبه الغزو البري الإسرائيلي لغزة، إلى تحويل أجزاء كبيرة من شمال غزة إلى أنقاض.

وواصلت بعض العائلات الاحتماء في منازلهم أو مع أقاربهم، لكن الغارات الجوية العنيفة على المناطق التي كانت مكتظة بالسكان، في بيت حانون وجباليا ومدينة غزة، أجبرت العديد من السكان على المغادرة.

ترصد صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير، أوضاع المدنيين الصعبة في القطاع، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل، حيث تشير إلى أن الأمم المتحدة، قدّرت عدد النازحين من شمال قطاع غزة بأكثر من 1.5 مليون فلسطيني منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وانتقل ثلثا النازحين في غزة إلى جنوب القطاع، لكن آخرين ما زالوا يبحثون عن مأوى آمن في الشمال.

قدّرت الأمم المتحدة عدد النازحين من شمال قطاع غزة بأكثر من 1.5 مليون فلسطيني منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر

وقد تم نقل أكثر من 121,000 شخص إلى الملاجئ في شمال غزة التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على الرغم من توقف توزيع المواد الغذائية والخدمات الطبية تمامًا.

ويوم السبت الماضي، أصابت غارات للاحتلال مدرسة تابعة للأونروا، مما أسفر عن استشهاد 15 شخصًا على الأقل، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. فيما لجأ ما يقرب من 80 ألف شخص في أكبر مستشفيين في مدينة غزة، وفقًا لوزارة الصحة.

يتحدث رئيس قسم الجراحة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، مروان أبو سعدة قائلًا: "الممرات مليئة بالجرحى، وغرف الطوارئ ممتلئة للغاية"، ويضيف: "هناك الآن احتمال كبير لانتشار الأوبئة بين المرضى والنازحين".

ومع استمرار الغارات الجوية، يقول فادي أبو شمالة للصحيفة الأمريكية إن جيرانه في مدينة غزة يحتمون في مرآب السيارات، على مستوى واحد تحت الأرض.

نقص الاحتياجات الأساسية

كان شمال قطاع غزة يضم 38 مخبزًا عاملًا، وقد دمرت 10 مخابز بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، أما المخابز المتبقية، فليس لديها ما يكفي من الماء أو الدقيق أو الوقود لتظل مفتوحة.

وتقول روان أبو حمدة، وهي أم تبلغ من العمر 41 عامًا، وتعيش في مدينة غزة: "لقد خفضت إسرائيل الاحتياجات الأساسية اللازمة للعيش، لا توجد مخابز تبيع الخبز في شمال غزة"، وأضافت "أرفف السوبرماركت فارغة والخضار نفدت".

وعلى الرغم من أن روان وفّرت ما يكفي من المياه أسرتها لمدة خمسة أيام أخرى، إلا أن معظم جيرانها لم يحالفهم الحظ.

وقال أبو حمدة: "الناس يسيرون على الطريق بحثًا عن إمدادات المياه"، ويتابع: "يمكنهم شراءه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة للغاية"، ويكمل: "معظم الأسر لا تستطيع توفير أي فائض من المياه للاستحمام، ولكن حتى بالنسبة للعائلات القادرة على توفيرها، فإن المياه غير نظيفة".

كما تواجه المستشفيات مصيرًا مماثلًا، فقد تم إغلاق أكثر من 90 %، من مرافق الرعاية الصحية في شمال غزة، وفقًا لوزارة الصحة.

وتم إغلاق 7 مستشفيات، ومن المتوقع أن يزداد النقص في الموظفين مع اختيار المزيد من الأسر الانتقال إلى جنوب القطاع.

بالإضافة لنقص الحاجيات الأساسية، فإن الوقود لم يدخل إلى غزة منذ 9 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عندما أعلن وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، عن فرض حصار كامل على قطاع غزة.

وبسبب نقص الوقود، أصبح العمل محدودًا للغاية، لدرجة أن أكبر مستشفيات مدينة غزة تعمل على تقنين الرعاية الصحية، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية الألواح الشمسية التي تزود الجناح الرئيسي بمستشفى الشفاء بالطاقة يوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر، مما أدى إلى تقليص إمدادات المستشفى إلى مولد ثانوي مخصص الآن فقط للأكسجين ورعاية غسيل الكلى. وأبلغ الهلال الأحمر الفلسطيني عن نقص حاد في الوقود لدرجة أن مستشفى القدس أغلق جناح الجراحة فيه.

وقالت المتحدثة باسم الأونروا جولييت توما: "نحن بحاجة إلى الوقود لتشغيل المرافق التي ندعمها"، وأضافت: "نحن نؤكد دون مجال للخطأ، أن الوقود يستخدم كسلاح حرب".

تستضيف مراكز الأونروا أربعة أضعاف طاقتها الاستيعابية في جميع أنحاء جنوب غزة، ما يزيد من حدة نقص الغذاء والمياه

 

ممر غير آمن إلى الجنوب

أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي تعليماته للمدنيين بمغادرة شمال غزة عبر ممر مدني باتجاه واحد. لكن العديد من العائلات لا تثق في أنها ستكون آمنة.

وقال أبو حمدة: "استشهد ابن عمي في قصف على الطريق بين مدينة غزة ورفح الأسبوع الماضي"، وأضاف "أخشى أن أقطع هذا الطريق الطويل مع بناتي".

وقد خاطر ما يقرب من نصف سكان شمال غزة البالغ عددهم 1.19 مليون نسمة بالذهاب جنوبًا. وتدفقت العائلات النازحة على باحات المستشفيات والمنازل الخاصة ومراكز الأونروا التي تستضيف ما يقرب من أربعة أضعاف طاقتها الاستيعابية في جميع أنحاء جنوب غزة، مما يزيد من حدة نقص الغذاء والمياه. وفي أحد المراكز في خان يونس، يتشارك أكثر من 600 شخص في مرحاض واحد في ملاجئ الأونروا، ولكل 700 شخص مكان واحد للاستحمام، وفقًا للوكالة.

وقالت مديرة برنامج هيومن رايتس ووتش، ساري باشي: "اتخذ الناس خيارات مستحيلة"، وأضافت: "إن تحذير الناس بالمغادرة عندما لا يكون هناك مكان آمن للذهاب إليه ليس فعالًا، والمدنيون الذين اختاروا البقاء ليسوا لعبة".