13-فبراير-2017

شيخ الأزهر أحمد الطيب في باريس سنة 2015 (Getty)

من يقتل إنسانًا، مسلمًا أو غير ذلك، كافر بروح الله، التي نفخها في أجساد البشر، فتحوَّلت إلى حياة كاملة قابلة للتدمير بكلمة أو نظرة، فما بالك بالعبوات الناسفة وبارود المدافع، والمحارق والمولوتوف، وإغراق الناس أحياء في البحر!

يعرف شيخ الأزهر تفاصيل كثيرة عن القتل، وعقابه من كتب الفقه والقرآن وأحاديث الرسول -التي لا تدعو للقتل منها- ومن دموع الحزن في عيون كل أم فقدت ابنها في ميادين الحرب، وعلى حدود الشرق الأوسط المرسومة بالدم. لكنه، رغم كل شيء، لا يستطيع تكفير داعش.

يريد شيخ الأزهر أن يظل إمامًا لكل المسلمين، لكن الظرف الراهن ليس مثاليًا لهذا الحد. فيكفي أن يعترف أن داعش من الخارجين عن الدين

لم يقترب أحد الصحفيين منه ليسأله مباشرة: لماذا؟ هل تخاف منهم؟ هل تعتبرهم الإسلام الصحيح؟ هل تؤمن بمذاهبهم؟ من الممكن أن نتفهم رفض شيخ الأزهر تكفير الآخر، أيًا كان إيمانه، فالتكفير كرة نار ليس مهمًا من أين تبدأ، لكنها ستنتهي بحريق كبير يطول الجميع. وساعتها، لن يخرج أحد سالمًا.

يريد الرجل أن يظلّ إمامًا للمسلمين، كل المسلمين، لكن الظرف الراهن ليس مثاليًا إلى هذا الحد. يمكن أن تمتنع عن التكفير من بابه، ولكن يكفي أن تعترف أن داعش من الخارجين عن الله والدين، أن تصدر موقفًا دوليًا يعلن الحرب على داعش من الأزهر، كعبة الإسلام الوحيدة التي لا تزال لم تدخل حربًا سياسيًا إلا قليلًا. والحروب القليلة له لم تهل بالتراب عليه.

اقرأ/ي أيضًا: مشايخ السلطة.. الصراع على تصدر المشهد

يستشهد شيخ الأزهر دائمًا بآية "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" ليفصل في أمر قتلة آخرين، لكنه يأتي إلى داعش ويتوقف قليلًا قبل أن يقول إنهم يرتكبون كبيرة تخرجهم من الإسلام. فهم يحرمون روح الله من أن تبقى، يريدون أن يحبسوها في قمقم لو رفضت أن تكون سوداء وشريرة مثل أرواحهم.

لا نريد من صاحب العمامة أن يقول إن داعش من أهل النار، فلا علاقة لنا بالآخرة، الله كفيلٌ بها، هو وحده بيده الأمر والفَصْل والمصير.

على الأقل قل إنهم خارجون عن الإسلام، ليسوا فقط مسلمين عصاة، وإن دين داعش لا يمثل دين محمد، وإلا فلا تعترض على اللافتات التي تسبّ النبي، وتعتبره دمويًا جاء برسالة دموية ونشرها بحد السيف. ليترك لأنصاره، وحملة رايته، القتل وسفك الدم فريضة.

تأخَّر شيخ الأزهر لوقت طويل في إصدار الحكم على تنظيم إرهابي لو طال رقبته سيسفك دمه، ويتخلص منه، ويضع قنبلة موقوتة في موتور سيارته، ويتخلص منه بالضربة القاضية، لأنه يعتبره عاصيًا، ومفسدًا في الدين، فهو يمسك العصا من المنتصف، لا يريد أن يعارض داعش، يخاف من غضبه، وفي الوقت نفسه، لا يريد أن يقول الحقيقة. إنه تنظيم لا يعرف الله. أو لديه إله آخر غير الذي نؤمن بغفرانه ورحمته.

تأخّر أحمد الطيب حتى أصدرت داعش بيانًا تعلن فيه وضع اسمه على قائمة الاغتيالات. فالمسألة منذ البداية ليست دين وفقه وتفسير وقرآن، إنما حرب وجود البادئ فيها أظلم. وليس أظلم ممن افترى على الله كذبًا. وجُند داعش هم الذين كذبوا على الله أولًا. ولا يمكن أن تكون آياته آيات عذاب كما يفسرها قتلة التنظيم، ويرضى عنها شيخ الأزهر. فإما أنه لا يعرف الله، وإمّا أننا لا نعرفه. فله ولهم دين ولي دين!

اقرأ/ي أيضًا:
أغرب 5 فتاوى مصرية في رمضان
المناهج الدينية المصرية بحاجة إلى مناهج!