10-مايو-2016

إن حرمانهم من التعليم سيلقي بظلاله الثقيلة على حياتهم وعلى مستقبل المنطقة لوقت طويل(روف ملتلاس/الأناضول)

نشرت ميريديث يونج في على "فورين بوليسي":

في شاحنة تابعة للمفوضية العامة للاجئين التابعة للأمم المتحدة جلس أربعة من الشبان السوريين، في أوائل العشرينات، أمام أجهزة الكمبيوتر، يعملون بإصرار لإدخال البيانات للمنظمة الدولية. قبل الحرب كانوا قد انتسبوا إلى الجامعات السورية، متطلعين نحو مستقبل مشرق كمهندسي الميكانيكا أو كمدرسين للغة الفرنسية مثلًا، أما الآن فهم يعيشون ويعملون في مخيم الزعتري، الذي يبعد تقريبًا حوالي ساعة عن العاصمة الأردنية عمان، حيث يسكن ثمانون ألف لاجئ سوري آخر.

بناء على مقابلة مع 736 شخصًا من اللاجئين السوريين الواصلين اليونان في شهر واحد، تبين أن 73% منهم لم يكملوا سنواتهم الدراسية

على مستويات عديدة، يعد هؤلاء الشبان من المحظوظين لأنهم يعملون ويوفرون دخلًا وشيئًا ما لمستقبلهم ومستقبل أسرهم خلال أيام إقامتهم في المخيم، في مكان لا يعمل فيه أحد تقريبًا، لكن الإحباط الذي يشعرون به إثر الزيارة الأخيرة كان ملموسًا، فهذا لم يكن بأي حال من الأحوال المستقبل الذي يأملونه لأنفسهم ولعائلاتهم.

اقرأ/ي أيضًا: التعليم.. حل أطفال اللاجئين الأفارقة بالجزائر

قبل أن تذوق سوريا ويلات الحرب كانت البلاد تتمتع بنظام تعليمي جيد، يعتبر واحدًا من أهم أنظمة التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 350 ألف رجل وامرأة انضموا لهذا النظام من الشباب أي ما يمثل ربع سكان البلاد تقريبًا. اليوم الصورة مختلفة تمامًا. بعد خمس سنوات من الحرب، تاهت مجموعات بشرية كاملة عن الصورة الكبيرة. بعضهم قُتل في الحرب والبعض الآخر خرج في هجرة داخل سوريا بحثًا عن الأماكن الأكثر أمانًا، وجزءًا آخر ترك البلاد هربًا من الصراع العنيف الدائر.

في تقرير للأمم المتحدة، أجريته بناء على مقابلة مع 736 شخصًا من اللاجئين السوريين الواصلين إلى اليونان في شهر واحد فقط، وهو فبراير من هذا العام، تبين أن 73% من اللاجئين كانوا طلبة ولم يكملوا سنواتهم الدراسية بسبب الحرب. وبالنسبة للكثير من السوريين فإن التعليم العالي حلم بصدد الاندثار والحرب تدخل عامها السادس. وهذه مأساة لكل سوري كان يتمنى أن يتخرج من الجامعة ولكنها مأساة أيضًا تلقي بظلالها على القطر السوري وعلى كل العالم، فكيف يمكن لسوريا أن تستعيد عافيتها دون مهندسين يعيدون تخطيط البلاد ودون محامين يعيدون كتابة الدستور؟

يواجه السوريون تحديات عديدة وهم يناضلون لأجل استكمال تعليمهم الجامعي، بعضها واضح ومرتبط بالحالة العامة للاجئ والبعض الآخر مختلف كحاجز اللغة، حواجز المنع من السفر، عدم القدرة على تمويل التعليم لضعف القدرة المادية أو انعدامها. ومن أهم هذه المشاكل، التي يواجهها اللاجئون الذين تحدثت إليهم، مشكلة الوثائق الثبوتية، وهي مشكلة صعبة الحل تواجههم كلما فكروا في التقدم للحصول على مكان في جامعة ما.

في الأردن ولبنان، حيث الأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين، يعتبر من المستحيل أن تدخل الجامعة دون أوراق ثبوتية

اقرأ/ي أيضًا: الطلاب العرب في تركيا.. تحديات وصعوبات

في الأردن ولبنان، حيث الأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين، يعتبر من المستحيل أن تدخل الجامعة دون أوراق ثبوتية، بينما في تركيا سُمح لبعض السوريين بدخول الجامعة دون أوراق لكن دون أن يكونوا متأكدين من الحصول على شهادة في نهاية الدراسة وذلك لخلو ملفاتهم من الأوراق الثبوتية، هكذا تطاردهم هذه المشكلة حتى بعد وصول بعضهم إلى أوروبا، حتى أن البعض خاطر بالعودة إلى بلاده للحصول على أوراق ثبوتية تساعده على استكمال دراسته بالخارج.

وعلى الرغم من هذه العقبات فإن اليونان على سبيل المثال تدرس تعديلًا على قانون استضافة الطلاب الأجانب، يقضي بتحديد نسبة تواجدهم في الجامعات إلى 5%، وفي الأردن، بدأت بعض الجامعات الأردنية باستضافة بعض الطلاب اللاجئين في مخيم الزعتري، في شكل تعليم منزلي محدود وذلك بعد مفاوضات مع بعثة الأمم المتحدة، وهناك أيضًا مبادرة واعدة من جامعة غازي عنتاب في تركيا، فقد قام رئيس الجامعة بإدخال برنامح دراسي باللغة العربية حيث يقوم الطلاب الجامعيون فيه بتلقي تعليمهم باللغة العربية على يد أكاديميين سوريين.

من السخيف أن يكون عبء الأوراق الثبوتية حاجزًا لاستكمال جزء أصيل من حق هؤلاء في العيش الكريم خاصة بعد ما ذاقوا من ويلات الحرب. وإن حرمانهم من التعليم سيلقي بظلاله الثقيلة على حياتهم وعلى مستقبل المنطقة لوقت طويل.

*ترجم بتصرف

اقرأ/ي أيضًا:

اللاجئون السوريون في البازار اللبناني

بكرا بس تخلص الحرب.. افتراضيًا