07-يوليو-2023
gettyimages

تسعى روسيا إلى تثبيت وجودها في أفريقيا من خلال السيطرة على عناصر فاغنر (Getty)

أفاد تقرير في صحيفة الغارديان البريطانية أنّ روسيا طمأنت الجنرال المتقاعد في ليبيا خليفة حفتر فيما يتعلق باستمرار عمل مرتزقة فاغنر في ليبيا، كما أفاد تقرير الغارديان بأنّ عمليات فاغنر ستظل كما هي في مالي ومناطق أخرى من أفريقيا.

روسيا تحاول تثبيت نفوذها في أفريقيا، التي دخلت إليها من خلال مجموعة فاغنر

وأعادت الغارديان سبب تمسك موسكو بمليشيات فاغنر رغم تمردها الأخير، بما تجنيه روسيا من أرباح ومصالح اقتصادية من وراء عمل شبكة المرتزقة التي تُعدّ حاليًا أقوى شبكة مرتزقة حول العالم، وبالتالي لا يمكن للسلطات الروسية أن تجازف بخسارتها، حسب الغارديان.

وفي التفاصيل، يذكر تقرير الغارديان أنّ مبعوثًا روسيًا من الكرملين وصل إلى عاصمة الشرق الليبي بنغازي بعد أقل من أسبوع على تمرد فاغنر الأخير، والتقى المبعوث الروسي مع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، حيث طمأنه على مصير قوات فاغنر الموجودة في ليبيا مؤكّدًا أن القوات البالغ تعدادها نحو ألفين من المرتزقة والفنيين والإداريين لن يغادروا البلاد.

وقال المبعوث الروسي لحفتر، حسب الغارديان "لن تكون هناك مشكلات، وربما حصلت بعض التغييرات السطحية، ولكن الآلية ستظل كما هي: الناس على الأرض، ورجال المال في دبي، والعقود والمصادر المخصصة لليبيا"، مردفًا له القول: "لا تقلق، فلن نبرح مكاننا".

من

ونقلت الغارديان التصريحات المشار إليها آنفًا عن  مسؤول ليبي سابق على اطّلاع، حسب الصحيفة، بالحوار المباشر الذي دار في بنغازي بين حفتر والمبعوث الروسي.

وقد علّقت الغارديان على هذه المعلومات بالقول إن استمرار عمليات فاغنر رغم التطورات الأخيرة في روسيا وانفراط عقد العلاقة بين الكرملين وزعيم فاغنر يفغيني بريغوجين، حسبما هو ظاهر، مؤشر قوي على نية الكرملين "مواصلة استغلال الشبكة المربحة بدلًا من إغلاقها".

ومما يعزز هذا الاستنتاج أنه منذ اندلاع الأزمة بين مليشيا فاغنر والكرملين لم تتغير نشاطات عمل المجموعة خارج روسيا، فلم يلحظ المتابعون أي نشاطات غير معتادة لمقاتلي فاغنر في ليبيا، ما عدا إعادة نشر مجموعة مكونة من 50 مقاتلًا قريبًا من الحدود مع السودان. والوضع نفسه في مناطق القارة الأخرى، بحسب مصادر مختلفة على معرفة بعمليات فاغنر.

getty

وينقل تقرير الغارديان عن ناتاليا دخان المتابعة لعمليات فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى قولها: "حاليًّا، يبدو أن عمليات فاغنر متوقفة لكنها ناجحة وغير مكلفة. ومن المحتمل إعادة لقب فاغنر والحفاظ على معظم نظامه الأساسي".

مضيفةً القول: "إنهم مثل فيروس انتشر، ينوون البقاء، ويخططون للمواصلة". ورغم التركيز على الدور القتالي للمجموعة في أوكرانيا، إلا أن الخبراء والمحللين يرون أن الدور الاقتصادي والسياسي لفاغنر في أفريقيا هو المهم لبوتين.

وتقول جوليا ستانيارد، الخبيرة في فاغنر، بالمبادرة الدولية ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود: "ما إن انتشرت أول مرة عام 2017، أصبحت قوات فاغنر منتشرة وبصورة كبيرة، ويبدو أن الكرملين الآن يحاول التأكيد على الاستمرارية، إن لم يكن التوسع المباشر".

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكّد في وقت سابق للدول الأفريقية التي تنشط فيها فاغنر أن قواتها لن تغادر تلك الدول، خاصة مالي وأفريقيا الوسطى حيث تحقق مليشيا فاغنر أهم نجاحاتها وتجني منها روسيا أكثر أرباحها بالإضافة للسودان وليبيا.

ففي أفريقيا الوسطى التي وصلتها فاغنر 2018 لمساعدة الرئيس فوستين أرشانج تواديرا ضدّ المتمردين أنشأت فاغنر عدة قواعد عسكرية حول العاصمة بانغي ومناجم للتنقيب عن الذهب والماس وبدأت بتصنيع البيرة والمشروبات الروحية، بل ومنحت امتيازات لاستغلال الغابات الماطرة في جنوب البلاد. وأكبر مشروع لها هو منجم الذهب في نداسيما الذي استحوذت عليه فاغنر وطورته.

وتستفيد فاغنر من الذهب المهرّب إلى السودان بفضل علاقاتها الوطيدة مع قوات الدعم السريع، كما تستفيد من عائدات تهريب الماس من أفريقيا الوسطى نحو الإمارات ودول أوروبية عبر شركات وسيطة.

وتفيد تقارير عدة أنّ لفاغنر مكتب قرب مطار الخرطوم الدولي، حيث كان يتم نقل سبائك الذهب من قاعدة جوية في الصحراء، إلى الإمارات العربية المتحدة وموسكو للبيع في السوق الدولي.

getty

أما في مالي التي انتشرت فيها فاغنر منذ 2021 فتحصل الشركة على معظم أموالها من الجيش المالي لقاء تدريبه، وفي هذا الصدد يعتقد البيت الأبيض أن الحكومة المالية دفعت نحو 200 مليون دولار لفاغنر منذ 2021، حسبما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي للصحافيين الأسبوع الماضي. وخلا المجال لفاغنر في مالي بعد تصويت الأمم المتحدة لصالح سحب قوات حفظ السلام من مالي بعد عقود في البلاد. 

وفي شرق ليبيا حيث ينتشر المئات من عناصر فاغنر الذين شاركوا في حصار طرابلس 2019 وساعدوا على تهريب النفط الليبي وتجارة السلاح عبر الحدود، حصلت الشركة من الجنرال المتقاعد خليفة حفتر على مئات ملايين من الدولارات في مدفوعات مباشرة.

في لـ"فورين بوليسي" تحدثت عن صراع عن النفوذ من أجل السيطرة على قوات فاغنر في الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن تمرد فاغنر يقوي إيران على حساب روسيا في سوريا. وأوضحت المجلة الأمريكية أن قيادات فاغنر في سوريا تم اعتقالها، فيما تم منح عناصر المجموعة الخيار، بالتوقيع على عقود مع وزارة الدفاع الروسية، أو الانتقال إلى روسيا

ومما سبق يستنتج الخبراء والمتابعون أن موسكو لن تجازف بهذه المصالح وتتخلى عن فاغنر التي تعد جزءًا أساسيًا من نفوذها الجيو سياسي في أفريقيا، بل تطمح روسيا لتوسيع عمل المجموعة ليمتد إلى  بوركينا فاسو وتشاد، لكن الجائزة الكبرى، حسب الغارديان، ستكون جمهورية الكونغو الديمقراطية، ففي العام الماضي حاول ممثلون عن الشركة التواصل مع فليكس تشسكيدي الذي قرر في النهاية عدم الاستعانة بمرتزقة الشركة للقتال ضد المتمردين في شرق البلاد.

وفي تقرير سابق لـ"فورين بوليسي" تحدثت عن صراع عن النفوذ من أجل السيطرة على قوات فاغنر في الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن تمرد فاغنر يقوي إيران على حساب روسيا في سوريا. وأوضحت المجلة الأمريكية أن قيادات فاغنر في سوريا تم اعتقالها، فيما تم منح عناصر المجموعة الخيار، بالتوقيع على عقود مع وزارة الدفاع الروسية، أو الانتقال إلى روسيا.