20-مارس-2018

جنود أمريكيون في بغداد 2003 (وكالات)

لم تشهد العلاقة العربيّة - الأمريكيّة طيلة سنواتٍ مضت، ومنذ نشوئها أساسًا، استقرارًا طويل الأمد، بل ظلّت دائمًا علاقةً متأرجحة بفعل المتغيّرات الدوليّة والإقليميّة، وتباين المواقف السياسيّة تجاه قضايا عدّة. منطويةً ربّما على قلق متبادل بين الطرفين. ناهيك عن الانقسام العربيّ بين حلفاء للولايات المتّحدة من جهة، وأعداءٌ، مزعومين، لها من جهة أخرى. في هذا السياق، أصدر "المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات" كتابًا بعنوان "العرب والولايات المتّحدة الأمريكيّة: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيّرة"، الذي يأتي استكمالًا لمشروع المركز الذي يسعى إلى رصد وتشريح علاقة العرب بالدول الأخرى، إذ سبق وأن أصدر كتابًا بعنوان "العرب وإيران"، وآخر بعنوان "العرب وتركيا".

ظلّت العلاقة العربيّة - الأمريكيّة دائمًا علاقةً متأرجحة بفعل المتغيّرات الدوليّة والإقليميّة

يقع الكتاب في 639 صفحة، موزّعة على ثلاثة أقسام رئيسيّة، لكلّ منها عدّة فصول فرعية. وجاء جامعًا لأبحاثٍ ودراسات مُختارة من المؤتمر الذي عقده "المركز العربيّ"، في العاصمة القطرية الدوحة، بين 14و16 حزيران/ يونيو 2014 تحت العنوان نفسه، أي عنوان الكتاب.

اقرأ/ي أيضًا: تبغ وزيتون: حكايات وصور من زمن مقاوم

يُستهلُّ القسم الأوّل من الكتاب "الاستراتيجيا الأمريكيّة في الشرق الأوسط" ببحثٍ بعنوان "جذور الواقعية والمثالية: تدخل الولايات المتحدة الأميركية في شؤون الشرق الأوسط بين عامي 1918 و1939" قدّمه الدبلوماسي الأمريكيّ ريتشارد مورفي، وتناول فيه استراتيجيات الولايات المتّحدة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالميّة الأولى وحتّى بداية الحرب العالميّة الثانية. بالإضافة إلى تقديمه صورة كاملة للمواقف والمصالح الأمريكيّة في تلك المنطقة، حيث قال إنّ شعوبها لم تشعر يومًا بأنّ للولايات المتّحدة مصالح أو مطامع في بلادها، بل أنّها تسعى إلى تمكينها من حق تقرير مصيرها بنفسها، وتحريرها من الحكم العثماني. وذلك على الرغم من أنّ إدارة الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون أيَّدت وعد بلفور الذي منح فلسطين لليهود. وقال مورفي إنّ الرئيس ويلسون أيّد الوعد دون أن يقوم بأي ربطٍ بين ذلك، وبين موقفه العام حول حقّ الدول في أن تحظى بحكمٍ ذاتي. ويرى مورفي أيضًا أنّ هذا التناقض في المواقف هو الذي أظهر أنّ الولايات المتّحدة منافقة في سياساتها تجاه المنطقة. أمّا فيما يخصُّ تغيير الاستراتيجيات، أكّد مورفي أنّ ذلك حدث بسبب الحرب الباردة.

[[{"fid":"99022","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"العرب والولايات المتحدة الأمريكية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"العرب والولايات المتحدة الأمريكية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"العرب والولايات المتحدة الأمريكية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة","field_file_image_title_text[und][0][value]":"العرب والولايات المتحدة الأمريكية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"العرب والولايات المتحدة الأمريكية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة","title":"العرب والولايات المتحدة الأمريكية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة","height":283,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

من جهة أخرى، وفي سياق الحديث عن الحرب الباردة، يرى مروان قبلان في بحثه "المقاربة الأميركية تجاه تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي" أنّ هدف الولايات المتّحدة الأمريكيّة من سياساتها تجاه الشرق الأوسط، ومواقفها نحو عملية السلام والسير بها، كان كبح جماح التوسّع السوفياتي في المنطقة، وبالتالي إبقاء تفوّق دولة الاحتلال الإسرائيليّ من ناحية القوّة العسكريّة على الدول العربيّة، ما يسهم في مضاعفة حماية الكيان من التهديدات العربية والتي هي تهديدات مباشرة للمصالح الأمريكيّة أيضًا.

فيما يرى أسامة أبو أرشيد، في دراسته المعنونة بـ"التسوية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين وآفاقها في ظلّ إدارة أوباما: الواقع والآفاق"، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عمل جاهدًا على إيجاد حل للصراع العربيّ – الإسرائيليّ من أجل ضمان المصالح الحيوية والأمن القومي الأمريكيين. ويرجع أبو أرشيد موقف أوباما هذا إلى خلفياته التاريخيّة والفكريّة، ورغبته في تحقيق ما لم يحقّقه أي رئيس أمريكي آخر، وظهرت هذه الرغبة واضحةً من خلال الضغط الذي مارسه أوباما على رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو من أجل وقف الاستيطان والتسريع من عملية السلام بينه وبين السلطة الفلسطينّية، الأمر الذي سوف يعود بنتائج إيجابيّة على المصالح الأمريكيّة ويخفف نوعًا ما من الاحتقان الشعبيّ العربيّ ضدّها، ويحسّن من صورتها عربيًا.

عمل أوباما جاهدًا على إيجاد حل للصراع العربيّ – الإسرائيليّ من أجل ضمان المصالح الحيوية والأمن القومي الأمريكيين

اقرأ/ي أيضًا: المركز العربي يقارب الذكرى المئوية للحرب العالمية

تناولت بقية الدراسات والبحوث مواضيع عدّة في هذا الشأن، كمستقبل السياسة الخارجيّة الأمريكيّة حيال العراق، وتغيير سياساتها نحو منطقة الشرق الأوسط وإعادة تعريفها، ومواقفها السياسية إزاء العمل العربي المشترك. ومواضيع أخرى أكسبت الكتاب أهمية عالية من الناحية الأكاديمية ودقة البحوث المنجزة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الطاعون كارثة العصر الأموي

"ابن تيمية وعصره" كما تراه الأكاديمية الغربية