28-ديسمبر-2023
خلافات في إسرائيل

ترتفع وتيرة الخلافات داخل إسرائيل، وتتزايد الانتقادات ضد الحكومة والمحكمة العليا (Getty)

تواصل إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، فيما تتصاعد الأزمات السياسية الداخلية في إسرائيل، إذ بدأت الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، بالظهور على السطح، فيما أصبحت المحكمة العليا، عامل تفجير مع الحديث عن نيتها إلغاء تشريع الكنيست عن "بند المعقولية".

كما تستمر الاتهامات والخلافات ضد نتنياهو، سواء داخل الجيش الإسرائيلي، أو من عائلات المحتجزين في قطاع غزة.

غانتس وبن غفير.. خلاف داخل الحكومة

بوادر الأزمة السياسية، في الحكومة الإسرائيلية، ظهرت مع انتقاد الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس، محاولات اليمين المتطرف "لتفكيك" الحكومة.

الخلاف الأبرز حاليًا، يدور داخل الحكومة الإسرائيلية، فيما تسعى أطرافها إلى إنهاء الخلاف بين بن غفير وغانتس

وذكر غانتس، أن من يعتقد أنه من الممكن تبديل رؤساء الفروع الأمنية في زمن الحرب "يعرضون أمننا ويقوضون قدراتنا". يأتي ذلك بعد إعلان وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير يوم الثلاثاء، أنه لن يمدد فترة ولاية مفوضة مصلحة السجون الإسرائيلية كاتي بيري.

وأضاف غانتس في بيانه: "أسمع أصواتًا تقترح أن أغادر أنا وزملائي الحكومة. أريد أن أقول لهم: لسنا في الحكومة لنبقى، ولكن حتى تتمكن إسرائيل من الفوز"، وفق تعبيره.

ورد بن غفير على غانتس، قائلًا: إن "خلافي مع بيني غانتس أعمق بكثير من تمديد ولاية رئيس السجن. بل يدور حول دعمه لتزويد حماس بالوقود، وهو ما أعارضه، أو على خطته، وموقفه المؤيد لتقديم المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط لسكان غزة".

ومساء أمس الأربعاء، التقى بن غفير بنتنياهو وغانتس. وعقب اللقاء، قال حزب غانتس: "لم يتم التوصل إلى أي اتفاقات".

ويتناقض قرار بن غفير مع الاتفاق بين حزب غانتس والليكود بشأن دخولهما في حكومة الطوارئ. وقال حزب الوحدة الوطنية إنه يتوقع أن يحترم نتنياهو الاتفاق.

وبموجب الاتفاق بين نتنياهو غانتس الذي أدخل حزب معسكر الدولة بزعامة غانتس إلى الحكومة، من المفترض ألا يتم إجراء أي تغييرات في المناصب العليا في الخدمة المدنية خلال الحرب، لذلك من المفترض أن يتم تمديد ولايات أي مسؤولين تنتهي ولايتهم، وبالتالي فإن موقف بن غفير ينتهك هذا الاتفاق.

خلافات غانتس ونتنياهو.. المرحلة التالية تنتظر

كما تتكشف الخلافات، عن انشقاق في موقف غانتس ونتنياهو حول الانتقال للمرحلة التالية من الحرب.

إذ تقول المصادر الإسرائيلية: "لقد استعد المستوى العسكري بالفعل للانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب في غزة (القتال المركز)، لكن على المستوى السياسي لم يقرروا بعد أمرين: متى سيحدث ذلك، وكيفية الانتقال إلى المرحلة المقبلة".

وكشف غانتس هذا الأسبوع في الجلسة العامة خلال النقاش حول عودة المحتجزين، أنه في سلم الأولويات العملياتية، مما يضع القضية فوق هدف "تفكيك حماس". وهذا على النقيض من نتنياهو ويوآف غالانت اللذين يدعيان أن التحرك العسكري سيؤدي أيضا إلى إطلاق سراحهما. وتضيف المصادر: "لكن هذا ليس هو الجدل الوحيد في غرفة مجلس الوزراء. ليس فقط ترتيب العمليات هو الذي يخضع للنقاش، ولكن أيضًا تاريخ الانتقال إلى المرحلة الثالثة من القتال في غزة، والتي في إطارها سيخفض الجيش الإسرائيلي وجوده جزئيًا في بعض الأماكن وسيتصرف بطريقة مركزة".

وتفاصيل الخلاف، هي أن "غانتس، كما يقول وزراء الحكومة، يدفع للانتقال إلى المرحلة الثالثة بالفعل، واليوم وعدم الانتظار أكثر من ذلك. في المقابل، يعمل غالانت ونتنياهو على إطالة أمد الحرب في هذه المرحلة بضعة أسابيع أخرى، فيما تهدف المؤسسة الأمنية إلى نهايتها خلال الشهر المقبل على الأكثر".

كما تنعكس الخلافات على الجبهة الشمالية، إذ يتصاعد الاحتمال بإمكانية "عمل إسرائيل عسكريًا هناك، مع فشل الخيار الدبلوماسي".

ويواصل نتنياهو، رفض مناقشة خطة "ما بعد الحرب" على غزة، رغم رغبة الجيش في فتح هذا النقاش.

المحكمة العليا.. شرارة للخلاف

وفي تصعيد للخلافات، كشف يوم أمس، عن مسودة حكم المحكمة العليا الإسرائيلية، التي تشير إلى أن القضاة يستعدون لإلغاء القانون الذي ألغى بند المعقولية الذي تم إقراره في تموز/يوليو الماضي.

تمت الموافقة على تعديل القانون الأساسي الإسرائيلي شبه الدستوري، وإلغاء بند المعقولية، من قبل الكنيست في تموز/يوليو، ويمثل القانون حجر الزاوية في التعديل القضائي الذي قاده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين منذ بداية ولايتهما في وقت سابق من هذا العام.

ويتعلق شرط المعقولية ببند يتطلب أن تكون الإجراءات الحكومية معقولة ومتناسبة، ويعمل كمعيار للتقييمات القانونية والمراجعات القضائية للقرارات الحكومية.

القضاة الذين ورد أنهم يؤيدون الإلغاء هم: الرئيسة السابقة إستير حايوت، ورئيس تصريف الأعمال الحالي عوزي فوجلمان، وإسحاق عميت، وعنات بارون، وعوفر غروسكوبف، وشالد كابوب، ودافني باراك-إيريز وروث رونين.

وبحسب ما ورد فإن المعارضين هم نوعام سولبيرج، ويحيئيل مئير كاشير، ويوسف إلرون، وأليكس شتاين، ويائيل ويلنر، وديفيد مينتز، وجيلا كانفي شتاينتز.

وبحسب التقرير، فإن رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت، التي تؤيد إلغاء القانون، ذكرت أن "القانون الأساسي ينحرف بشكل كبير عن الدستور قيد التشكيل، مما يستلزم إجماعًا واسع النطاق بدلاً من أغلبية ائتلافية محدودة".

getty

وقالت السلطة القضائية الإسرائيلية ردًا على التسريب، إن "الحكم لم يكتمل بعد. ونحن ننظر إلى التسريبات التي لم يتم التحقق منها بمنتهى الخطورة ولن نعترف بها. وسيتم نشر الحكم بعد الانتهاء منه".

وفي سبتمبر/أيلول، استمعت لجنة كاملة من جميع قضاة المحكمة العليا الخمسة عشر إلى الطعون المقدمة ضد القانون. واعتبرت هذه المناشدات أنه يخل بتوازن القوى بين السلطات ويقوض الديمقراطية، لذلك طالبت بإلغائه. وأيد المدعي العام موقف المستأنفين.

وعن سيناريوهات التي ستظهر بعد إقرار الحكم بشكلٍ رسمي، فهي بحسب موقع "واللا"، قد تكون "الدخول في أزمة دستورية غير مسبوقة في خضم الحملة العسكرية على غزة والشمال. وتعلن الحكومة أنها لن تحترم الحكم، وقد تنهار الحكومة ويعود الاحتجاج إلى الشوارع. وهذا هو السيناريو المتطرف والأصعب الذي يمكن أن تتدهور إليه إسرائيل".

أمّا السيناريو الآخر، فهو إمكانية التفاف الحكومة على القرار، من خلال تشريع جديد، يتجاوز انتقادات المحكمة العليا، وهي سيناريو سيعيد الاحتجاج إلى الشوارع. والسيناريو الأخير، هو التزام الحكومة بالقرار، وهو سيشكل توترات داخل الحكومة.

وقال سمحا روثمان، رئيس لجنة الدستور في الكنيست: "أدعو المحكمة العليا وقضاتها إلى العودة إلى رشدهم والتواصل مع روح الوحدة والمسؤولية التي تنبض في جميع مجالات الجمهور، وتجنب خلق خلاف غير ضروري بين الناس. وسوف أستمر وأبذل كل ما في وسعي للتأكد من استيعاب دروس 7 أكتوبر، وأن التغييرات المطلوبة والضرورية في جميع الأنظمة الحكومية والنظام القضائي، سيتم تنفيذها من قبل المسؤولين المنتخبين من الشعب، مع اتفاقات واسعة تليق بالدولة".

ورد وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريش أيضًا على التسريب من خلال مهاجمة القرار الذي قال إنه تم اتخاذه. وأضاف أن "رفض قانون أساسي لأول مرة في تاريخ البلاد، يحزن ويعمق الانقسام والجدل".

كما أعرب وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير عن انتقاده، بالقول: "ليس للمحكمة العليا سلطة إبطال القوانين الأساسية. نقطة. مجرد إجراء النقاش الذي جرى حول التشريع كان أمرًا خطيرًا، والآن النية هي إبطال القانون الأساسي. يجب على قضاة المحكمة العليا أن يظهروا المسؤولية الوطنية ويقبلوا قرار الشعب، وألا يحاولوا تحويل إسرائيل إلى دكتاتورية قانونية بالكامل".

هاجم عضو الكنيست ألموغ كوهين، من عوتسما يهوديت، الجهاز القضائي في أعقاب مشروع الحكم المتعلق بإلغاء "بند المعقولية"، وقال: "الحكم هو دعوة إلى حرب بين الأشقاء. ماذا نريد؟ دماء في الشوارع؟ جثث في الفناء؟ هذا الشيء يمكن أن يسبب حربا أهلية أكثر من أي شيء آخر".

اتهام للجيش

وفي جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي يوم أمس، تحدثت عضوة الكنيست عن حزب الليكود ميري ريغيف، عن التسريبات التي تحصل للإعلام، واتهمت الجيش بها، مطالبة بإجراء تحقيق في الموضوع.

ومع بداية حديث ريغيف، انسحب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هليفي، من الاجتماع.

وبعد انسحاب هليفي، قال إيتمار بن غفير: "لا نتعلم من الأخطاء ونتعامل مع لبنان بنفس الطريقة التي تعاملنا بها مع غزة. من المؤسف أن رئيس الأركان غادر الغرفة وهو ليس هنا لسماع الأمور".

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي ردًا على ذلك: "ترك رئيس الأركان مجلس الوزراء لمواصلة إدارة النشاط العملياتي".

هاجم عضو الكنيست ألموغ كوهين، من عوتسما يهوديت، الجهاز القضائي في أعقاب مشروع الحكم المتعلق بإلغاء "بند المعقولية"، وقال: "الحكم هو دعوة إلى حرب بين الأشقاء. ماذا نريد؟ دماء في الشوارع؟ جثث في الفناء؟ هذا الشيء يمكن أن يسبب حربا أهلية أكثر من أي شيء آخر"

نتنياهو منبوذ

وفي سياق متصل، رفض عدد من جنود جيش الاحتلال، الذين يعالجون في قسم إعادة التأهيل في مستشفى هداسا بالقدس المحتلة، مقابلة نتنياهو الذي جاء لزيارة الجرحى.

وكتب أحد الجنود على موقع "إكس" (تويتر سابقًا): "أنا في المستشفى في جناح إعادة التأهيل في هداسا. نتنياهو قادم لزيارتي الليلة، وسألتني إحدى النساء المسؤولات عما إذا كنت أريده أن يفعل ذلك. يأتي إلى غرفتي، بالطبع رفضت. اتضح أنه من بين جناح يضم 18 جريحًا، 15 طلبوا منه عدم دخوله".

وقال مكتب نتنياهو: "الأغلبية المطلقة من الجنود تتطلع بشدة للقاء رئيس الوزراء".