23-يونيو-2017

عمل تركيبي في كييف/ أوكرانيا

كنت أحب اللعب مع الألوان قبل الحرب، وكانت أمي تنزعج من يدي المتسخة بالألوان، وتهددني دائمًا بأن تقطع يدي وتغسلها، ثم تنشرها على حبل الغسيل مع قطع ثيابنا أنا وأبي. كانت تروق لي فكرة أن تتحول يدي إلى قطعة ثياب مبللة تتأرجح على ذلك الحبل وتقبلها الشمس صباحًا، وأكاد أجزم أن لثيابي صوتًا خفيًا تحادث به العصافير أيضًا.

في يوم من الأيام قبّلت أمي مسرعًا، ونظرت إلى حبل الغسيل بفرح؛ فعند عودتي من المدرسة سأعلّق يدي عليه لتتأرجح.

كانت الألوان مغرية جدًا في ذلك اليوم وكانت تتعمد أن تلتصق بيدي، كنت سعيدًا جدًا وقلت لنفسي: "إذا حزنت أمي عند قطعها يدي المتسخة، سألوم حينها الألوان التي تعمدت الالتصاق بي".

بعد ثوان، انفجر شيء غريب في مقدمة الفصل.

أذكر أن الصوت اقترب مني كثيرًا، وأذكر أيضًا أن أقلام التلوين كانت ترتجف خائفة. وعندما اقتربت لأحتضنها، فقدت يدي.

عندما عدت إلى المنزل كانت أمي تبكي وحبل الغسيل الملقى على الأرض كان يشاركها البكاء.

يبدو أن جثتي كانت متسخة أيضًا، وربما أرادت أمي أن تغسلها وتنشرها - كما كانت تهددني-  لكن حبل الغسيل كان ضعيفاً جدًا فسقط، أو ربما كان قلبي ثقيلًا ومحملًا برائحة أمي فلم يقو حبل الغسيل على حمله.

كل الاحتمالات واردة.

لا أحتاج الآن إلى ذلك الحبل لأتعلق به وأطير، فقد أصبح لدي جناحان، من دون أن أعرف إلى أين سأذهب! فلا ملاقط تقيدني من الأعلى، ولا أرضية تنتظر سقوطي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الهواء خلف الحصانِ

فلامنكو "ب".. غناء الفلاح المنكوب