09-مارس-2024
إهدار كبير في الذخائر المستعملة في الحرب على غزة (AFP)

آلاف الذخائر والقنابل قام جيش الاحتلال بإسقاطها على قطاع غزة (AFP)

قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إنّ الجيش الإسرائيلي، يستخدم ذخيرة عالية في عدوان المتواصل على قطاع غزة.

وتطرقت الصحيفة الإسرائيلية لتحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في أواخر كانون الثاني/يناير، الذي كشف عن أنّ الكثير من الذخائر التي استخدمتها حركة حماس في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وفي القتال الدائر حاليًا في قطاع غزة تم تصنيعها من ذخائر إسرائيلية الصنع لم تنفجر ووجدت في القطاع.

وبحسب تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، وصلت نسبة القنابل غير المتفجرة إلى 15% من مجموع القنابل التي ألقيت على قطاع غزة.

الجيش الإسرائيلي يستخدم القصف الجوي والمدفعي بكثافة ودون أي حساب 

على هذا النحو، تشير "هآرتس " إلى أنّ ذلك يعكس مشكلة كبيرة اضطر الجيش الإسرائيلي للتعامل معها خلال 5 شهور من الحرب المتواصلة على غزة، والتي لا تزال تؤثر على سلوك إسرائيل خلال العدوان.

وبحسب مصدر مطلع على علاقة ببيع المعدات العسكرية للجيش الإسرائيلي، فإن المؤسسة الأمنية كانت على معرفة بمسألة الذخائر الرديئة منذ البداية. علاوة على ذلك، فإن النسبة العالية من القنابل غير المنفجرة وقذائف المدفعية هي مشكلة من المرجح أن تستمر. ويوضح المصدر: "كدرس من حرب لبنان عام 2006، كان من المفترض استخدام أسلحة عالية الجودة. في حرب غزة، منذ البداية استخدم الجيش الإسرائيلي ذخيرة قديمة يعود تاريخها إلى حرب 1973".

ووفقًا لشخصية بارزة أخرى في الصناعات العسكرية الإسرائيلية، التي تعاملت كذلك تجاريًا مع الجيش الإسرائيلي لسنوات، كانت القنابل، التي لم تكن أمريكية الصنع مسؤولة عن العديد من الإخفاقات.

وحول كمية الذخائر المستخدمة في العدوان على غزة حتى الآن، لم يقدم الجيش الإسرائيلي تفاصيل عن الموضوع، لأسباب قال إنها "تتعلق بالأمن الميداني ومن أجل عدم تقديم معلومات للعدو". لكن وفق بعض المصادر، أسقطت الطائرات الإسرائيلية عشرات الآلاف من القنابل على القطاع، إلى جانب مئات الآلاف من القذائف التي تم إطلاقها على القطاع المحاصر.

وتقدر تكلفة قذيفة واحدة من عيار 155 ملم، ما بين 1500 دولار و3500 دولار، وتكلفة قذيفة 120 ملم لدبابات ميركافا حوالي 7500 دولار، وتكلفة القنبلة الذكية التي يستخدمها سلاح الجو الإسرائيلي 21 ألف دولار. ويمكن أن تقترب قيمة الذخائر وحدها التي استخدمت في قطاع غزة إلى نحو ملياري دولار، من دون وقود الطيران، أو الاعتراضات التي ينفذها نظام القبة الحديدية، أو النفقات الإجمالية للجيش بأكمله.

وتلفت الصحيفة الإسرائيلية، إلى أنّ المشكلة بدأت بالفعل في بدايات عام 2023 خلال الحرب أوكرانيا، حيث بدأ الجيش الأمريكي بتفريغ مستودعات الذخيرة التي يخزنها في إسرائيل.

ويتحدث كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي، يهوشوا كاليسكي، لـ"هآرتس" قائلًا: "بنى الأمريكيون مستودعات الطوارئ هنا على أساس أنها مهمة بالنسبة لهم ولنا. ولكن في الأشهر التي سبقت الحرب، قاموا بشحن 300 ألف قذيفة مدفعية إلى أوروبا من هنا. وقد تم ذلك بعلم الجميع، وعلى أساس أنه في اللحظة التي ستحتاج فيها إسرائيل إلى مثل هذه الذخائر، فإنها مخزوناتنا ستتجدد على الفور"، بحسب تعبيره.

وقالت شخصية بارزة في صناعة الأسلحة الإسرائيلية، "قبل الحرب في أوكرانيا، كان هناك شعور في جميع أنحاء العالم بأن الذخيرة لم تكن قضية حرجة. تم قطع العديد من خطوط الإنتاج في جميع أنحاء العالم، قبل كل شيء في الولايات المتحدة، وفي إسرائيل أيضًا، وكان هناك سببان رئيسيان لذلك: أولًا، بعد حرب يوم 1973، تركت الولايات المتحدة مخزونات هائلة من الذخيرة، التي يمكن أن يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي. ولم تر إسرائيل الذخائر حاجة ملحة".

وأضاف: "السبب الثاني، اعتقدنا دائمًا بأنه سيكون من الممكن الشراء في مكان آخر، وإنّ التكنولوجيا الإسرائيلية ستسد النقص. لكن الشيء المهم هو أن خطوط الإنتاج المحلية لا تحتاج إلى الآلات فحسب، بل تحتاج أيضًا إلى يد عاملة عالية التقنية، وهي ما لا تملكه المؤسسة الأمنية".

وكانت النتيجة عندما اندلعت الحرب، أنّ إسرائيل كانت بحاجة إلى جسر جوي ضخم من الذخيرة من الولايات المتحدة، التي تم توفيرها بالفعل.

ويوضح كاليسكي: "أظهرت 28 آلف طن من المعدات والذخيرة والمركبات الخاصة والمعدات الطبية التي وصلت إلى هنا في 280 رحلة وعبر 40 إلى 60 سفينة ضخمة مدى أهمية إعادة التخزين. خاصة لأن هذه حرب مشبعة باستخدام القنابل".

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية ما قد يفاقم من وضع مخازن الذخيرة المستنفدة هو حقيقة أنّ إسرائيل لا تتعامل مع الحرب على غزة من الناحية الاقتصادية.

ووفق ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي تحدث لـ"هآرتس" قائلًا: "وضعنا في القتال بالوقت الحالي مهدر بشكل غير عادي. يمكنك أن نطلق عليه حرب الأغنياء القساة. نحن نهاجم أهدافًا لا حصر لها، دون أن نسأل عما إذا كان الأمر يستحق مهاجمتها، ونستخدم المدفعية في أماكن ليست إلزامية حقًا".

ويضيف: "حقيقة أننا نهدم كل شيء قبل الدخول المنطقة، دون السؤال عن مدة العملية. إذا سألت قبل الحرب كم من الوقت سيستغرق غزو غزة، لكان الجواب هو أننا كنا نتحدث عن وضع يمكن تحقيقه في أقل من أربعة أشهر. من حيث المبدأ، سيكون من الممكن الوصول إلى إنجازات مماثلة بنسبة 10% من الدمار الذي تسببنا فيه. ولكنا تكبدنا المزيد من الإصابات"، وتابع: "تدمير أقل، يعني سنكون على الأرض لوقت أقل، ووقت أقل يعني عدد أقل من الإصابات".