13-يناير-2023
gettyimages

التضخم يصل أعلى مستوياته منذ سنوات وانهيار الجنيه مقابل الدولار (Getty)

واصل الجنيه المصري تراجعه، مسجلًا أدنى مستوياته على الإطلاق أمام الدولار. وتجاوز سعر الدولار مستوى 30 جنيهًا خلال تداولات الأربعاء، وأظهرت بيانات "Refinitiv" أن الجنيه انخفض إلى أدنى مستوى له عند 32.14 للدولار، ليتحسن سعر صرفه يوم الجمعة ويصل إلى 29 جنيهًا مقابل الدولار.

كانت الحكومة المصرية قد تعهدت خلال السنوات الأخيرة بتطبيق برنامج إصلاح هيكلي يشمل تحرير سعر صرف الجنيه 

وتتعرض العملة المصرية لضغوط مع رفع البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة مؤخرًا وسماحه بهبوط العملة، إضافة إلى طرح أكبر مصرفين في البلاد شهادات ادخار (استثمار) بمعدلات فائدة قياسية. وهذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها تخفيض قيمة العملة المصرية في 10 أشهر، استجابةً لمطالب صندوق النقد الدولي.

وكانت الحكومة المصرية قد تعهدت خلال السنوات الأخيرة بتطبيق برنامج إصلاح هيكلي، يشمل تحرير سعر صرف العملة المحلية (أي ألَّا يتدخل البنك المركزي في تثبيت سعر الصرف)، بالإضافة إلى منح القطاع الخاص دورًا أكبر في الاقتصاد، ومجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية، وهو ما كشف عنه تقرير صادر عن الصندوق يوم الثلاثاء.

وفي سياق متصل، اتفقت مصر على حزمة دعم مالي بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، على أن تسدّد على مدى 46  شهرًا.

getty

ويأتي هذا التهاوي للجنيه وسط تصاعد أزمة شح الدولار في البلاد، وما يتسبب في ذلك من أزمة على حركة الاستيراد في بلد يعتمد في غالبية احتياجاته على وارداته من الخرج. في حين ستنعكس كل زيادة في سعر الدولار على أسعار السلع، مما سيزيد من معاناة الأسر المصرية، التي تكافح للحصول على السلع الغذائية الأساسية مع ارتفاع نسب التضخم.

وبحسب الارقام الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، بلغ مستوى التضخم السنوي عتبة الـ 21.9% في شهر كانون أول/ديسمبر 2022، مقابل 6,5% في الشهر من العام الماضي. وهو أعلى مستوى تضخم تصله البلاد منذ عام 2017. وهو ما أدى وفقاً للجهاز الحكومي إلى ارتفاع أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 38%.

وأثارت حالة التأرجح التي يعرفها سعر الدولار في مصر العديد من التساؤلات حول مستقبل العملة المحلية، وإلى أي مدى قد يستمر انهيار الجنيه مقابل نظيره الأمريكي، وسط تحديات اقتصادية كبيرة وفجوة تمويلية قدرها صندوق النقد الدولي خلال الأربع سنوات المقبلة بنحو 17 مليار دولار، مرجعًا ذلك إلى الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.

اتفقت مصر على حزمة دعم مالي بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، على أن تسدّد على مدى 46  شهرًا

وقالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر إيفانا هولار، خلال مؤتمر صحفي، إن "الانخفاض المستمر في قيمة العملة في وقت ترتفع فيه أسعار السلع العالمية، أدى إلى الضغط على الأسعار المحلية وارتفاع التضخم". وطالبت هولار من الحكومة المصرية مواجهة هذا التحدي بـ "استعادة استقرار الأسعار عبر تشديد السياسة النقدية، وحماية المعرضين للخطر من خلال دعم موجه بعناية إلى المحتاجين".

وترى رئيسة بعثة الصندوق أن الإصلاحات الهيكلية التي يتعين على الحكومة المصرية القيام بها "لن تكون سهلة، سوف تستغرق وقتًا لتنفيذها، وتحقيق النتائج المرجوة منها للحد من التعرض للصدمات".

وخفض صندوق النقد الدولي، حسب تقريره، يوم الثلاثاء، توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي في مصر بالنسبة للعام الجاري، ليقدره في 3,2 % بدلًا من 4.4% في السابق. كما يتوقع الصندوق أن الاتفاق يُسهّل إتاحة تمويل إضافي لصالح مصر بقيمة 14 مليار دولار تقريبًا من شركائها الدوليين والإقليميين، شاملًا موارد تمويلية جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي، وشركاء آخرين من خلال عمليات البيع الجارية للأصول المملوكة للدولة، وقنوات "التمويل التقليدية من الدائنين الثنائيين ومتعددي الأطراف".

من جانبها، وجهت الحكومة المصرية الوزارات لخفض الإنفاق غير الضروري حتى نهاية السنة المالية الجارية، وتضمن القرار الذي اتخذ في 4 كانون الثاني/ يناير، ونشر في الجريدة الرسمية تأجيل "أي مشروعات قومية جديدة لم يتم البدء فيها، ولها مكون دولاري واضح"، إلى جانب إلزام الجهات الحكومية بالحصول على "موافقة وزارة المالية بالترخيص بالصرف بالمكون الأجنبي على أي من أوجه الصرف". بالمقابل، لا تسري أحكام هذا القرار على وزارات الصحة والداخلية والدفاع، وديوان عام وزارة الخارجية، ولا على "الجهات القائمة على تدبير السلع التموينية والمواد البترولية والغاز".

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي في مصر إلى في 3.2 %، بدلًا من 4.4% التي توقعها في السابق.

 

هذا، ولا يتجاوز احتياطي الصرف من العملة الصعبة لدى مصر 34 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج. وقالت الحكومة المصرية، إنها حصلت على تأكيدات بأن ودائع دول الخليج في البنك المركزي المصري لن تسحب قبل أيلول/ سبتمبر 2026، ولن تُستخدم لشراء أسهم أو ديون. ويذكر أن ديون مصر الخارجية تضاعفت أكثر من 3 مرات في السنوات العشر الأخيرة، لتصل الى أكثر من 155 مليار دولار.

ونقلت صحيفة العربي الجديد عن مصادر نيابية مصرية، قولها إن رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، وجه النواب بعدم انتقاد السياسات الاقتصادية علنًا، المالية منها والنقدية، سواء في الجلسات العامة للبرلمان أو في وسائل الإعلام، إضافةً إلى عدم التقدم ببيانات عاجلة أو أسئلة أو طلبات إحاطة بشأنها، ولو بشكلٍ مؤقت، بدعوى أهمية الوقوف إلى جوار الدولة ومؤسساتها في أزمتها الحالية، والتصدي لمحاولات "زعزعة الاستقرار" من جانب البعض في الداخل والخارج.