14-يناير-2023
محاربة التشتيت

يؤدي الجلوس لفترات طويلة إلى مضاعفة احتمال الموت المبكر.

إذا كنت تجلس أمام جهاز الكمبيوتر طوال ساعات النهار، ثم تنتقل في المساء إلى الأريكة لقضاء المزيد من الوقت أمام الشاشة، فأنت في خطر! ذلك إذ يوجد احتمال كبير أن تتعرض صحتك لهزّة خطيرة دون أن تدرك، وقد تكون قاتلة.

حسب دراسات حديثة، وبصرف النظر عما إذا كان الشخص يمارس الرياضة أم لا، فاحتمال الموت المبكر أزيد بالضعف إعند الأشخاص الذين يقضون أكثر من 12-13 ساعة في اليوم جالسين.

فثمة مجموعة أدلة متزايدة تربط بين أنماط الحياة الخاملة، التي تتسم بقلة الحركة، وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري والخرف والوفاة بسبب أمراض القلب. هذا ضمن نطاق واسع من الأمراض الأخرى التي قد تعزى إلى نمط الحياة الخالي من النشاط الرياضي، أو بالأحرى، تلك التي يمضي بها الإنسان وقتًا طويلًا وهو جالس، حتى وإن كان يحاول الحركة بين فينة وأخرى. 

طالب عربي يجلس على كرسي

وحسب دراسات حديثة، وبصرف النظر عما إذا كان الشخص يمارس الرياضة أم لا، فاحتمال الموت المبكر أزيد بالضعف عند الأشخاص الذين يقضون أكثر من 12-13 ساعة في اليوم جالسين، مقارنة بالأشخاص الذين لا يعتمد نمط عملهم على الجلوس لساعات طويلة. 

إلا أن الدراسة في الوقت ذاته أكدت على إمكانية تقليل هذا الخطر بنسب معتبرة، باعتماد بعض النصائح والتكتيكات المهمّة، وذلك كما يؤكّد باحثون من جامعة كولومبيا الأمريكية، الذين حاولوا تحديد ما هو مطلوب من كل شخص لتفادي المخاطر الصحية القاتلة للجلوس. 

التجربة كانت بسيطة، اعتمدت على عدد من المتطوعين تم إحضارهم إلى المختبر للجلوس لمدة ثماني ساعات، وخلال ذلك تتم مراقبة تغير مستويات السكر وضغط الدم عبر إيصالهم بأجهزة لمراقبة ذلك، وبعدها يأخذ المشاركون فترات راحة للمشي على درجات متفاوتة من الطول والوتيرة.  وبحسب الباحثة كيث دياز، المشرفة على الدراسة، فإن المشي لمدة خمس دقائق كل نصف ساعة كان كفيلًا بتعويض الكثير من أضرار الجلوس الطويل. 

وطلب من المشاركين في الدراسة المشي بعد كل فترة جلوس على جهاز "تريدميل"، بوتيرة مريحة (3 كم\ساعة) أو أعلى قليلًا، وبحسب الدراسة، كان أثر ذلك مدهشًا على الأرقام المسجلة في نسب الجلوكوز وضغط الدم بين الأشخاص الذين كانوا يتحركون لمدى خمس دقائق كل نصف ساعة من الجلوس. 

ومع أن المعروف هو ‘مكانية أن تساعد التمرينات الرياضية في التحكم في نسبة السكر في الدم، إلا أن خبراء اندهشوا من نتائج هذه الدراسة الجديدة، نظرًا لأنها توضّح مدى فائدة نوبات الحركة المتكررة والقصيرة، وأهمّيتها للموظفين في المكاتب، وخاصة فيما يمسّ مستويات السكّر في الدم والقدرة على خفضها بنسب كبيرة تصل إلى 60% بعد وجبات الطعام. يُنصح البالغون بالالتزام بممارسة نشاط بدني متوسط ​​الشدة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا.

فتاة تجلس على كرسي في قاعة فارغة

هذا، وحسب بعض التقديرات، يعاني ثلث البالغين في العالم تقريبًا من "مقدّمات السكري"، كما تتزايد نسب الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وهي أعراض ترفع من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والتعرض لخطر الوفاة المبكّرة. 

في حين يُنصح البالغون بالالتزام بممارسة نشاط بدني متوسط ​​الشدة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا، إلا أنه من الضروري، بحسب الخبراء، تقسيم هذه الدقائق إلى أجزاء صغيرة، وتوزيعها على أيام الأسبوع، وذلك لكي تكون أكثر تكرارًا، واعتبار تلك الدقائق الخمسة من المشي المتوسط أو السريع كل نصف ساعة من الجلوس، جزءًا من هذه الدقائق الأسبوعية للحركة الرياضية النشطة. 

كما يجب، بحسب الدراسة، أن يدرك الموظفون وغيرهم ممن يعتمد عملهم على الجلوس ساعات طويلة أن للحركة المتكررة القصيرة خلال اليوم فائدة أخرى، قد تنعكس إيجابًا على عملهم. هذه الفائدة تتمثل في التحسين الكبير للمزاج بين المشاركين في الدراسة، وقلة شعورهم بالتعب مقارنة بغيرهم ممن تجنبوا أخذ فترات حركة قصيرة كل ثلاثين دقيقة من الجلوس. 

يُنصح البالغون بالالتزام بممارسة نشاط بدني متوسط ​​الشدة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا، مع ضوروة تقسيم هذه الدقائق إلى أجزاء صغيرة.

وهكذا فإن "الحركة بركة" بالفعل كما يقول المثل العربي، وليس فيها مضيعة للوقت، بل إنها قادرة على جعل عملنا أفضل كما تجعلنا أكثر صحة وتفاؤلًا في نفس الوقت.