18-يونيو-2016

جرافيتي في الجامعة اللبنانية (Getty)

أصدرت كلية العلوم في الفرع الخامس من الجامعة اللبنانية الرسمية بيانًا هو الأول منذ فترةٍ طويلة. بيان صادر عن جامعة، لكن لا علاقة له بالنظام التعليمي، أو باقتراح المناهج، أو حتى بتطوير الدروس المعطاة والمنهاج الذي لم يتغيّر منذ زمن. بل إن البيان أصدر خصيصًا للردّ على تقريرٍ تلفزيوني أعدّته المؤسسة اللبنانية للإرسال، حول طالبٍ يتولى مسؤولياتٍ في مجلس الطلاب، عن كتلة حزب الله، أراد أن يفرض نظامًا ولبسًا موحّدًا خاصًا بأفكاره.

تقول نور، وهي طالبة دراساتٍ عليا، فرع المالية، "أن المقررين والعمداء أرادوا تطوير المنهاج التعليمي، فأدخلوا عليه درسًا عن تطوّر الشّركات، آخذين انطلاقة "كوداك"، التي انهارت، كنموذجٍ يحتذى"، وتكمل متهكّمةً: "ندرس عن نشأة كوداك بعد انهيارها، من يدري، ربما سندرس عن نوكيا واحتكارها سوق الجوالات لاحقًا!". في حين تنضمّ زميلتها اليسار للشكوى ذاتها، وهي طالبة في فرع علوم الحياة في كلية العلوم: "المنهاج قديم ونظري لا عملي، الأساتذة يهملوننا، على العكس تمامًا مما يفعلونه في الجامعات الخاصة، فلا يعيد الأستاذ الشرح او يسمح بالأسئلة، ناهيك عن التدخلات الحزبية والواسطات".

جانب من دعاية حزب الله ضد داعش والسعودية يتعلق بالموقف من المرأة، بينما في الممارسة اليومية يأتي بذات السلوكيات التي تحتقر المرأة وتهدف إلى إخضاعها

اقرأ/ي أيضًا: حزب الله يجتاح كلية العلوم في الجامعة اللبنانية

يمكن القول إن الجامعة اللبنانية، ما زالت تحافظ على مكانتها في العديد من الاختصاصات، لا سيما الهندسة، لكنها تعاني من فقرٍ في الإمكانات والعديد، رغم كونها الجامعة الوطنية الوحيدة بين 41 جامعةٍ مرخصةٍ في لبنان.

يفترض بمجلس الطلاب، أن يهتم بشكلٍ رئيسي بالمستوى التعليمي في الجامعة، وتطوير المناهج بما يخدم سوق العمل، إضافة لحقوق الطلاب السياسية والاجتماعية، لكن المجلس قرّر أن الأهم بالنسبة له هو فقط اللباس، فمن ترتدي التنورة القصيرة غير مرحبٍ بها، وعرضةٌ للضرب والتأديب بحسب ما قال أحد الطلاب المناصرين لمشروع المجلس.

أساس النقد على السلوك/المشروع المتعلق باللباس في الجامعة اللبنانية هوالتدخل أصلًا باللباس في جامعةٍ لها قوانينها المرعية، وتخضع للدستور اللبناني الذي ينص بشكل أساسي على احترام حرية الرأي والتعبير والمعتقد، كما أن الجامعة اللبنانية تضم طلابًا من مختلف الطوائف والمعتقدات والتيارات، وليست حكرًا على فريقٍ دون غيره، ولو أن فروعها تخضع لسيطرةٍ حزبية حسب المنطقة، ففي المناطق المسيحية، يسيطر حزبا القوات والتيار الوطني على الفروع، بينما في المناطق الإسلامية، تتراوح السيطرة بين حزب الله وأمل، وفي الفرع المذكور، أي حيث قرّر الطالب ضرب صاحبات التنانير، يسيطر حزب الله بشكلٍ رئيسي.

اقرأ/ي أيضًا: مقدم "المنار": حدود المرأة مطبخها!

فور دخولك الجامعة، تبصر صور مقاتلي الحزب الذين سقطوا في سوريا والأعلام الحزبية، صورة الجامعة النمطية ظاهرة بشكلٍ واضح، ربما هذا ما أعطى الطالب محمد فحص، عن حزب الله، الجرأة لفرض ما يريد.

تضم الجامعة اللبنانية طلابًا من مختلف الطوائف والمعتقدات والتيارات، وليست حكرًا على فريقٍ دون غيره

إبان الانتخابات البلدية، خرج إعلاميٌ في المنار، ليطالب المرأة بالتزام منزلها وعدم الترشّح أو التّصويت حتى، لأن المرأة مكانها المطبخ لا الحياة السياسية أو الاجتماعية، وبعده خرج السيد سامي خضرا، سيدٌ معمم يصف نفسه بالمربي، ليربّي المرأة، ويطالبها باحترام زوجها حتّى ولو ضربها، وشدّد على عدم نزولها السّوق وان اضطرت، يستحسن أن تسير بجانب الحائط، وأن تنجز أمورها بسرعةٍ وتعود لمملكتها، أي منزلها، سامي خضرا يبث برنامجين على قناة المنار والصراط، وفحص، أي التلميذ المؤدّب للمرأة، من جمهور القناة، وهؤلاء كلهم، يشدّدون على أنهم هم الطرف المحارب لـ"داعش" وأفكارها، ويهاجمون من ينتقدهم بحجة رفضه الدين وعدم قبول "التنوير"، قبل أن ينتقدوا السعودية لاعتمادها نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

صحيحٌ أن الجامعة شدّدت على احترام الآخر، ومجلس طلاب الفرع تبرأ من تصريحات محمد فحص، لكن القول لا ينطبق على الفعل، فالأعلام لا تزال مكانها في الكلية ومجلس طلاب الفرع هو ذاته، والإيديولوجيا المفروضة هي ذاتها، قد تكون حادثة فحص، على بساطتها القشة التي ستقسم ظهر البعير، وقد يعي مجلس الطلاب ومعه الجامعة وعمداؤها أن الوقت حان لتطويرها، بينما ينظر طلبة لبنان إلى العتبة التي ربما تتيح لهم يومًا أن يتعلموا فعليًا، بلا حزبية وتشتيت.

اقرأ/ي أيضًا: 

الجامعة اللبنانية.. "حارة كل مين إيدو إلو"

الانتخابات البلدية اللبنانية.. "مكانك راوح"