23-مايو-2016

المجتمعات السّليمة تطير بجناحين المرأة والرّجل(جوزيف براق/أ.ف.ب)

بينما كانت المعركة الانتخابية في الجنوب على أشدّها، ما بين تحالف حزب الله-أمل السّاعي لبسط سيطرته من جهة، وبين اليساريين والعائلات من جهةٍ أخرى، ومع بروز عدد كبيرٍ من النّاخبات والمرشّحات أيضًا، في إقبالٍ لافت للنساء على المشاركة في الحياة السّياسية، انتفض البعض، ولم يرضَ لمن من المفترض أن تحصر اهتماماتها "بمطبخها وتربية أولادها"، أن تكون فاعلةً في العمل السّياسي، التّنموي أو البلدي.

من المستغرب الدّعوة اليوم في القرن الحادي والعشرين لإقصاء المرأة، ما التّالي؟ الدّعوة لمنعها من التّجوال وحرمانها من حقوق التّعليم؟

اقرأ/ي أيضًا: هل المرأة إنسان؟

"تروح تخلص ترباية ولادها وشغلها بالبيت وبعدين تحكينا"، بهذا الكلام عبّر الإعلامي في قناة "المنار"، الناطقة الرّسمية باسم حزب الله، علي نور الدّين عن سخطه من المشاركة النّسائية في الانتخابات، فنور الدين، مقدّم برنامج "فقه الحياة" يجهل فقه الحياة على ما يبدو، مقدّم البرامج الدّينية تناسى أن رافعة الإسلام في بداية عهده وشريكة النّبي محمّد في نشر الدّعوة كانت زوجته السّيدة خديجة بنت خويلد، فهي التي دعمت النّبي محمّد بالمال والمساهمة في الحفاظ على صمود الرّسالة يوم حوصر النّبي وبني هاشم بالمجمل في شعب أبي طالب لمدّة ثلاث سنوات، واشتهرت بالتّجارة، كانت امرأة وسيدة أعمالٍ ناجحة. كما أن نور الدّين فاته أن مصطلح الصّمود استوحي من الخنساء، التي قُتل زوجها وأبناؤها ولم تتراجع أو تستسلم.

نور الدّين، الإعلامي لم يحفظ التّاريخ جيّدًا، فالسّيدة زينب بنت علي، كانت منبرًا إعلاميًا لا يستهان به، ساهمت بنشر قضية أخيها في أصقاع الأرض، مدافعةً عنها ورافعةً إياها، لم تكن "جالسة في البيت، تربّي الأولاد وتطهو الطّعام". ينتقد المقدّم في قناة "المنار" حرمان المرأة السّعودية من حقوقها، ومنعها من قيادة السّيارة مثلًا، يدافع عنها ككائن له حقوق ولا يجدر بالقوانين السّعودية معاملته كملحقٍ أو تابع، يشتم "داعش" لسوقها النّساء سبايا وجعلهن أغراضًا لتنفيس الكبت الجنسي، ليعود هو في آخر النّهار إلى داعشيته الباطنية، وذكوريته الطّافحة، مطالبًا بسجن المرأة في مطبخها وبيتها.

اقرأ/ي أيضًا: ما يجب أن يقال في يوم المرأة

المجالس البلدية تحتاج لكفاءاتٍ علمية وخبراتٍ مهنية، تتمتّع بها بطبيعة الحال النّساء كما الرّجال، من المستغرب الدّعوة اليوم في القرن الحادي والعشرين لإقصاء المرأة، ما التّالي؟ الدّعوة لمنعها من التّجوال وحرمانها من حقوق التّعليم؟ بالطّبع ستكون الإجابة بكلّا، لتتعلّم المرأة وتخدم عائلتها بعلمها من خلال تدريس أبنائها. 

حذف المقدّم ما كتب، لكن استعمال التّقية لا ينفع، في "المنار" ذاتها، إعلاميات، ينظر إليهن زميلهن كأشياء غرضها العمل المنزلي، لا ككائناتٍ بشرية حتّى، من المعيب اليوم ازدراء المرأة وتهميشها، من المستغرب هضم دورها واختصاره في التّربية مع أنّ الأم التي تهزّ السّرير بيمينها تهزّ العالم بيسارها. المجتمعات السّليمة تطير بجناحين، المرأة والرّجل، إذا غاب أحد الأجنحة، سيعجز المجتمع عن الطّيران.


اقرأ/ي أيضًا:

#اعرفي_حقك.. ضد اغتصاب المرأة السودانية وتجريمها

المرأة الليبية.. العنف متواصل