07-أكتوبر-2016

أ.ف.ب

كانت الجامعات العراقية في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، من أهم الجامعات في الوطن العربي وحتى في كل منطقة الشرق الأوسط. كما أنها كانت تمتلك مختبرات لم تكن موجودة في أغلب جامعات العالم. وبحسب أساتذة وطلاب في الجامعات العراقية في ذلك الوقت، فإن الجامعات العراقية كانت تستقطب الطلبة العرب والأجانب، كما أن الحكومات العراقية كانت تخصص لها موارد مالية كبيرة، تمكنت من خلالها من تحقيق نتائج إيجابية على مستوى التعليم والبحث العلمي.

بعد حرب 2003، تراجع التعليم وتضررت الجامعات العراقية، وأصبحت لا تستقطب الطلبة الأجانب ولا العرب كما دخلت السياسة إلى أروقتها

وبعد الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق في العام 2003، تراجع التعليم وتضررت الجامعات، وأصبحت لا تستقطب الطلبة الأجانب ولا العرب، فدخلت السياسة إلى أروقتها وجعلت منها منبرًا سياسيًّا وطائفيًّا وليس تعليميًّا. هذا حدث مع أغلب الجامعات ولم يكن في جامعات محددة.

اقرأ/ي أيضًا: الجامعات العراقية.. الخراب مستمر

أصبح تصنيف الجامعات العراقية عربيًّا وعالميًّا لا يلبي الطموح، فالمقاييس التي تُصنف على أساسها الجامعات أغلبها مفقودة، والأسس العلمية التي يجب أن تكون عليها الجامعات وتتواصل من خلالها مع العالم، كانت على مستوى أفراد وليس على مستوى مؤسسات.

تقول اليونسكو، في تقرير لها، عن التعليم في العراق: "يعتبر قطاع التعليم العالي أحد القطاعات التي عانت تدميرًا كبيرًا ومستمرًا في بنيتها التحتية خلال حرب العام 2003.  فقد لحقت أضرار الحرب المباشرة بحوالي 61 مبنى ومعهدًا جامعيًا، فيما تمّ نهب 101 مؤسسة. وكان للمختبرات والمكتبات وغرف الدروس التطبيقية الأخرى الحصّة الأكبر من النهب خلال تلك الحقبة".

وتشير إحصائيات إلى أنه ومنذ العام 2003، خرج 7935 عالمًا عراقيًا من البلاد، نسبة عالية جدًا منهم من الأساتذة المتميزين، وقتل أكثر من 500 عالم. وكان بذلك من أهم أسباب تردي التعليم في العراق، مغادرة العلماء والعقول الأكاديمية البلاد.

تشير إحصائيات إلى أنه ومنذ العام 2003، خرج 7935 عالمًا عراقيًا من البلاد، أغلبهم من الأساتذة المتميزين، وقتل أكثر من 500 عالم

اقرأ/ي أيضًا: طلبة العراق.. ممنوعون من التظاهر!

ساسة العراق الذين يسيطرون على كل شيء بعد العام 2003، زجوا المؤسسات التعليمية في خانة الصراعات السياسية التي ينتجونها، فأصبح وزير التعليم العالي والبحث العلمي جزءًا من ملف المحاصصة. لم يكن منصب الوزير وحده خاضعًا للمحاصصة، فرؤساء الجامعات يتبعون كتلاً سياسية بعينها وينفذون أوامرها وإن كان بالسر، وعمداء كليات يُعينون بتزكية الأحزاب، وربما حتى رؤساء الأقسام أصبحوا أو سيصبحون ضمن خانة المحاصصة.

قبل أيام قام مسؤول في إحدى الجامعات بشطب اسم منافس على دراسة الدكتوراه ومعدله أكثر من 90 من الـ100، ووضع أسماء أعضاء في الحزب الذي ينتمي إليه بدلاً عنه، رغم أنهم أقل من درجة المتقدم الذي شطب اسمه.

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق ذياب العجيلي، الذي ينتمي للمكون السُني، يحارب الطلبة الشيعة الراغبين بإكمال دراستهم خارج العراق على نفقة الدولة، وبعد أن عُين وزير آخر وهو علي الأديب، القيادي في حزب الدعوة الشيعي، مارس ذات الأفعال التي كانت في فترة العجيلي.

ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تراجع مستوى التعليم في العراق وتراجع تصنيف الجامعات العراقية، الإهمال المستمر من الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 13 عامًا، حيث تذهب أكثر التخصيصات المالية للإنفاق العسكري والرواتب التشغيلية، بينما كانت حصة التعليم قليلة جدًا.

اليوم، يعول الجميع على وجود وزير "تكنوقراط" على رأس وزارة التعليم العالي مؤخراً، لكن السؤال سيبقى، هل سيتمكن من إعادة المجد للجامعات العراقية في ظل وضع اقتصادي متردٍ، واستفحال نفوذ الكتل السياسية في مؤسسات التعليم العالي.

اقرأ/ي أيضًا:

شارع المتنبي.. ليس الكتاب وحده هناك

السياسة العراقية.. الأرنب والغزال