15-ديسمبر-2020

في حرم الجامعة الأمريكية في بيروت (جوزيف عيد/ا.ف.ب/Getty)

نتيجة الوضع اللبناني المتأزم في مختلف نواحيه، خاصة في ظل انهيار العملة الوطنية اللبنانية وتضييق نطاق فرص العمل أمام اللاجئين فإن مئات الطلاب يتخلون عن دراساتهم الجامعية إذا لم يحصلوا على المساعدات. فالتحديات الاقتصادية باتت تقلص من قدرة الطالب اللاجئ على مواصلة تعليمه الجامعي.  في ذات الوقت تتوفر بعض فرص الإسناد لهذه الشريحة من طلاب الجامعات، عبر بعض المنح التي تقدمها صناديق طلبة وبرامج منح في الجامعات، كالذي في الجامعة اللبنانية.

 تتصاعد التوقعات بتفاقم أزمة التعليم الجامعي للاجئين في لبنان نظرًا لتراجع الخدمات والمنح المتوفرة لهم

مع ذلك تبقى مسألة وفرة المنح المخصصة للاجئين، محكومة بأوضاع التراجع الكبير الذي تشهد عليه كافة مناحي الحياة في لبنان. إذ تراجعت هذه الوفرة بشكل ملحوظ في ظل تجميد الكثير من برامج المنح أو تقليصها أو تعديلها، ما يؤثر بشكل مباشر على وصول اللاجئين في لبنان إلى التعليم الجامعي.

اقرأ/ي أيضًا: منح دراسية في جميع المستويات الجامعية للطلبة العرب من جامعة حمد بن خليفة

ووفق الطالب السوري عبد الرحمن حداد في حديثه لألتر اصوت، وهو ناشط في قطاع الشباب والطلاب السوريين وحاصل على منحة جامعية، فإن "هناك عدد من المؤسسات المانحة التي كانت في بداية الأزمة السورية تقدم عددًا كبيرًا من المنح، وأما الأن فالوضع ضبابي إذ أن غالبية المؤسسات المانحة لم تعلن عن منحها بعد ولم تفتح طلبات التسجيل أمام الطلاب".

ويقول حداد "المنح ليست في متناول جميع الطلاب، إذ تعتمد شروط ومعايير عالية جدًا، ويزيد من صعوبة المشهد تعقيدات يواجهها الطلاب السوريون فيما خص تعديل شهاداتهم في وزارة التربية اللبنانية حيث يتم الطلب من اللاجئ السوري إرفاق شهادات صفي الثانوي الأول والثانوي الثاني مع الملف لقبول طلب المعادلة"، فيما يشير إلى أن ذلك "متعذر على بعض الطلاب حيث لا يمكنهم العودة إلى سوريا أو دمرت المدارس التي تعلموا فيها وأتلفت الملفات". وعن المنح المقدمة حاليًا يعدد حداد "منحة سبارك، منحة لايزر، منحة دافي، منحة الماستر كارد، منحة تومورز ليدرز، منحة عبدالله الغرير، منحة هوبز، منحة WUSC" وغيرها من المنح التي تخول الطالب للدراسة الجامعية في لبنان والخارج. 

لمى أبو خروب، 22 سنة، طالبة فلسطينية قالت لألترا صوت أنها حصلت على منحة جامعية من الأونروا للدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وأشارت إلى أن المنحة تقدم لأول 12 طالب فلسطيني على صعيد لبنان ممن لديهم معدلات مرتفعة جدًا، 80 في المئة وأكثر، وبالتالي إنها "تشمل جزءًا بسيطًا يكاد لا يذكر من الطلاب الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى منح جامعية للدراسة في لبنان أو خارجه". وتذكر أبو خروب أن "الأونروا قد توقفت عن تقديم المنح الجامعية هذا العام الدراسي"، لكن تجدر الإشارة إلى أن المرحلة الجامعية ليست ضمن مسؤوليات البرنامج التعليمي للأونروا، الذي يعنى بالتعليم في المرحلة الأساسية حتى المرحلة الثانوية فقط، فيما المنح الجامعية تأتي كمبادرات من المنظمة الأممية ليس إلا.

في حين قالت رشا ميرلي لألترا صوت، وهي طالبة صحافة وإعلام فلسطينية، حاصلة على منحة الأونروا من ضمن 13 منحة فقط قدمتها الأونروا في دفعتها سنة 2016،  أن "الشروط والمعايير للحصول على المنحة مرتفعة جدًا فيجب إنهاء جميع المواد في ثلاث سنوات بالتمام ويجب أن تكون العلامات مرتفعة جدًا، وكذلك المعدل العام ويمنع الرسوب في أي مواد". وأضافت ميرلي "من لا يستطيع الحصول على المنحة فعلى الأرجح سيقوم بالتسجيل في الجامعة اللبنانية ويفقد القدرة على اختيار الاختصاص الذي يحبه ويلبي طموحاته ويحقق أحلامه، إضافة إلى المسافات البعيدة للوصول إلى الجامعة اللبنانية لمن يسكنون بعيدًا عن المدن الرئيسية في لبنان وارتفاع المصاريف ورفض المصرف دفع مساعدات الطلاب وفق سعر الدولار المتداول مما أفقد المساعدة المالية قيمتها".

اقرأ/ي أيضًا: التعلم عن بعد من أكبر تحديات التعليم للاجئين في لبنان خلال عام 2020

أما الطالبة السورية بشرى دعاس، اختصاص صحافة وإعلام، قالت أنها حصلت على منحة مشتركة من سبارك ولايزر، وأشارت إلى "وجود نوع من الغيرة أو العنصرية من بعض الناس بسبب حصولنا على المنح التعليمية الكاملة"، وأوضحت أن هناك "صعوبات في التوظيف وإيجاد فرص عمل في المجال الإعلامي حيث يكون الرد سلبي بمجرد معرفة أنني سورية الجنسية، وكذلك توقف عملي الفريلانس بسبب إنهيار الليرة اللبنانية وارتفاع سعر الدولار".

تراجعت وفرة المنح الجامعية بشكل ملحوظ في ظل تجميد الكثير من برامج المنح أو تقليصها أو تعديلها، ما يؤثر بشكل مباشر على وصول اللاجئين في لبنان إلى التعليم الجامعي

في المقابل قالت صونيا الخوري، مديرة وحدة التعليم الشامل في وزارة التربية اللبنانية، لألتر اصوت "في المدارس اللبنانية 149 ألف طفل أجنبي في الدوام المسائي موزعون على 344 مدرسة، 48 ألف طفل في الدوام الصباحي المختلط. وأما في المرحلة الثانوية فهناك خمسة آلاف طالب سوري ضمن الدوام الصباحي فقط. وأشارت إلى أن نسبة نجاح السوريين في الثانوي تقدر بـ 83%".

وعند سؤالها حول أسباب وصول هذا العدد المتدني من الطلاب إلى الثانوي وبالتالي إلى الجامعات، حيث أنه من أصل 250 ألف طالب هناك أعداد قليلة تصل إلى الجامعات، أجابت  الخوري بالقول "المشاكل لا تقع على عاتق وزارة التربية. هناك أسباب اقتصادية واجتماعية ومؤهلات علمية غير متناسبة مع المنهاج اللبناني تعيق الطالب السوري من التكيف مما يؤدي إلى ارتفاع نسب التسرب المدرسي". وتشير إلى أن جودة التعليم بالتأكيد سوف تتأثر كلما أصبحت الموارد المالية أقل وفي ظل غياب مستلزمات التعليم الحيوية.

في ذات الإطار تتصاعد التوقعات بتفاقم أزمة التعليم الجامعي للاجئين في لبنان، ليس فقط نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها البلد، بل لعوامل أخرى أيضًا، منها الصعوبات التي تقف أمام استمرار الأونروا في تقديم خدماتها التعليمية، ما يعني المزيد من التسرب المدرسي وبالتالي عدم وصول الطلبة أساسًا إلى المرحلة الجامعية. وكذلك الحال في المدارس الحكومية اللبنانية التي تعاني من مسألة الاكتظاظ وزيادة عدد الطلبة عن طاقة تحمل هذا القطاع وضعف الموارد المقدمة للمدارس في ظل استمرار أزمة اللجوء السوري، ومضاعفة التحديات المتعلقة بتعليم اللاجئين الفلسطينيين. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

التعليم في اليمن من أكثر القطاعات تضررًا بفعل الحرب

مشروع "الدولار الطالبي" في لبنان.. مستقبل أكاديمي قيد التعطيل