24-يوليو-2023
gettyimages

يسعى الائتلاف الحكومي في إسرائيل إلى إلغاء معيار المعقولية اليوم الإثنين (Getty)

أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن قلقه من استمرار الحكومة الإسرائيلية في محاولة تمرير تشريع إلغاء معيار المعقولية، ضمن خطة اليمين الإسرائيلي للتعديلات القضائية.

أعلنت القناة 12 الإسرائيلية، عن عن فشل المفاوضات حول تمرير قانون المعقولية بشكلٍ نهائي

ودعا بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عدم المضي قدمًا في التشريع بشكله الحالي، بحسب ما ورد في موقع "والا" العبري، وأضاف بايدن: "يبدو أن مشروع القانون الذي تمت مناقشته كجزء من الإصلاح القانوني يوسع الانقسامات في إسرائيل فقط ولا يقللها".

من

وتابع الرئيس الأمريكي، قائلًا: "بالنظر إلى حجم التهديدات والتحديات التي تواجهها إسرائيل، فليس من المنطقي أن يسارع قادة إسرائيل إلى الأمام. على قادة إسرائيل أن يركزوا على حشد كل الناس معًا من أجل التوصل إلى إجماع"، وفق تعبيره.

ويأتي تصريح بايدن، قبيل ساعات من اتجاه الكنيست الإسرائيلي، للتصويت بالقراءة الثانية والثالثة، على مشروع قانون معيار المعقولية، والذي يترافق معه حركة احتجاجات واسعة في دولة الاحتلال، ومفاوضات مكثفة خلال الليلة الماضية من أجل التوصل إلى تسوية، بين الائتلاف والمعارضة، تبدو بعيدةً حتى الآن.

وأعلنت القناة 12 الإسرائيلية، عن عن فشل المفاوضات حول تمرير قانون المعقولية بشكلٍ نهائي.

وتشهد دولة الاحتلال، مظاهرات منذ ساعات الصباح الأولى، احتجاجًا على نية الائتلاف الحكومي التصويت على معيار المعقولية، اليوم الإثنين، وذلك وسط إضراب واسع، شمل أكثر من 150 شركة، إلى جانب انضمام مؤسسات عدة للإضراب. كما نفذ جنود الاحتياط في جيش الاحتلال، مظاهرات بالقدس المحتلة في محيط مبنى الكنيست.

بالإضافة، إلى حركة احتجاج واسعة، داخل جنود الاحتياط في جيش الاحتلال، تقوم على رفض الخدمة الاحتياطية، التي شارك فيها أكثر من 10000، مما دفع المؤسسة الأمنية إلى تقديم إحاطة أمنية للمعارضة، وأخرى للوزراء في الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو، من المقرر تقديمها خلال الساعات القريبة، اليوم الإثنين، في محاولة لعرض الواقع الأمني، وانعكاسات هذه الخطوة عليه.

وسيقدم الإحاطة الأمنية لنتنياهو ووزراء الحكومة، رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي أهارون هاليفا، ورئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي عوديد بسيوك، وستناقش الإحاطة العدد الحالي لجنود الاحتياط الذين رفضوا الخدمة، وتقييم الجيش للأفراد الذين سيتوقفون عن الخدمة بعد تشريع القانون، والتهديدات المختلفة مع التركيز على الجبهة الشمالية والضرر الذي سيلحق بالردع الإسرائيلي في حال استمرار تشريع قانون التعديلات القضائية.

getty

ومن المقرر بداية التصويت على تمرير مشروع إلغاء معيار المعقولية، بعد ظهر اليوم الإثنين، في الكنيست، خلال جلسة أعلنت المعارضة الإسرائيلية عن مقاطعتها.

ووفق الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد فقد "ذكر مصدر أمني أن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت تحدث صباح اليوم مع كبار المسؤولين في المعارضة والائتلاف، وأكد أن التشريع الخاص بموضوع المعقولية يجب تخفيفه وإيجاد حل وسط لأن هذا هو الأفضل للجيش والأمن".

وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، اليوم الإثنين: "بعد لقائي بالمسؤولين الأمنيين أقول إننا في الطريق إلى كارثة"، وأضاف مخاطبًا أعضاء الائتلاف الحكومي، قائلًا "إنتم تقربون ’جيش الشعب’ من نهايته، تعزّزون من قوّة أعدائنا"، وفق تعبيره.

ومع إعلان فشل المفاوضات، قال لبيد: "مع هذه الحكومة من المستحيل التوصل إلى اتفاقات".

وسيلتقي نتنياهو مع رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، ظهر اليوم، في اجتماع عمل، من أجل بحث التطورات في المنطقة، وحالة الجيش الإسرائيلي مع رفض خدمة الاحتياط.

تسوية بعيدة

وطالب الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ بالتوصل إلى اتفاقات بخصوص استمرار التعديلات القضائية، اليوم الإثنين، قائلًا: "نحن في حالة طوارئ وطنية. هذه لحظة المسؤولية"، مضيفًا: "نحن نعمل على مدار الساعة لإيجاد حل. هناك بنية تحتية محتملة للتفاهم، ولكن لا تزال هناك فجوات تمنع التوصل إلى تسوية"، داعيًا قادة المعارضة والائتلاف التوصل إلى تسوية. وذلك بعد جولة مفاوضات قادها على مدار يوم أمس، بين المعارضة والائتلاف الحكومي، دون التوصل إلى نتيجة.

وأعلن زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لبيد الموافقة على اقتراح حلّ وسط قدمه هرتسوغ، يوم الأحد، ويقضي بتجميد الحكومة لتشريع التعديلات القضائية لمدة 15 شهرًا. 

واجتمع هرتسوغ، مع نتنياهو ومع وزير الأمن السابق بيني غانتس، فيما كانت العقبة الأساسية، رفض الليكود تجميد التعديلات القضائية لأكثر من ثلاثة أشهر إلى أربعة أشهر، وهي فترة أكثر بقليل من فترة توقف الكنيست الإسرائيلي القادمة.

وقال لبيد: "المبادئ التي قدمها لي الرئيس تتطابق مع المبادئ التي التزمنا بها: حماية حراس البوابة، ومنع الانقسام بين الناس، وشرط معقول لا يضر بديمقراطيتنا"، أي التوافق على تمرير مشروع قانون المعقولية، بنسخة مخففة.

ودعا رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، والمقرب من نتنياهو، إلى إيقاف خطة التعديلات القضائية، كوهين الذي أشير إلى إمكانية أن يخلف نتنياهو في قيادة الليكود، حمل مسؤولية رفض الخدمة الاحتياطية لتمرير مشروع قانون المعقولية.

كما شارك رئيس جهاز الشاباك السابق يوفال ديسكن، في الاحتجاجات، داعيًا جنود الاحتياط للتوقف عن الخدمة.

getty

لماذا تقلق الولايات المتحدة؟

يدور قلق الولايات المتحدة تحديدًا، نتيجة التأثير الكبير للخطوة التشريعية على الجيش الإسرائيلي، في ضوء التعاون الكبير بين الجيش الإسرائيلي والأمريكي، وقد يحلق هذا الضرر تأثيرًا على القدرة التشغيلية لسلاح الجو الإسرائيلي، وقد ينعكس على نشاط الجيش الأمريكي في المنطقة.

كما تخشى الولايات المتحدة من التأثير الذي قد ينعكس على "الردع" في إسرائيل، وسط تقديرات بحدوث ضرر وانقسامات طويلة الأمد في الجيش.

وينظر في إسرائيل، إلى أن تحذيرات الولايات المتحدة، حاسمة في سياق العلاقة بين تل أبيب وواشنطن، خاصةً في ظل الإشارة إلى تشارك "القيم الديمقراطية"، وامتداح بايدن لحركة الاحتجاج في دولة الاحتلال.

وانشغل بايدن في قضية التعديلات القضائية، بكثافة على مدار الأسابيع الماضية، وخلال الأسبوع الأخير، تحدث للمرة الرابعة حول القضية، بداية بمكالمة مع نتنياهو، ولقاء الرئيس الإسرائيلي، ومن ثم مقال رأي في نيويورك تايمز للكاتب توماس فريدمان الذي نقل كلام بايدن، بالإضافة إلى تصريحاته الليلة الماضية.

من جانبه، شبه كاتب الرأي في صحيفة "واشنطن بوست" ماكس بوت، رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، معتبرًا أن نتنياهو "هو الخطر الأمني الأول لإسرائيل.

"فقط بايدن قادر أن يحافظ على إسرائيل الآن"، كان هذا عنوان مقالة توماس فريدمان، الثالثة خلال الشهر الأخير، والتي تتناول التعديلات القضائية في إسرائيل، حيث تحدثت الأولى عن إمكانية قيام واشنطن بـ"إعادة تقييم العلاقات مع تل أبيب"، والثانية نقل فيها رسائل بايدن التي طالب من خلالها بإيقاف التعديلات القضائية، وفي مقالته الأخيرة طالب بايدن بالتدخل بشكلٍ عاجل لـ"إنقاذ" دولة الاحتلال، مشبهًا هذا التدخل، بمثل الذي حصل خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973.

وطالب فريدمان بتحقيق أكبر ضغط ممكن على إسرائيل، من منطلق الحفاظ على إسرائيل، وعلاقات الولايات المتحدة الاستراتيجية، مشيرًا إلى تقديم "38 مليار دولار لتعزيز الجيش الإسرائيلي. هل من المفترض أن نجلس ونراقب بصمت بينما هذا الجيش -الذي استثمرنا فيه بمثل هذا الاستثمار الضخم لتضخيم عرض قوتنا في الشرق الأوسط- ينقسم حول الجهود المبذولة لتقييد سلطة المحكمة العليا الإسرائيلية؟ ستكون كارثة لنا ولإسرائيل"، وفق تعبير فريدمان.

ورغم استمرار العلاقات الأمنية بين تل أبيب وواشنطن، إلى أن التوترات تدور تحديدًا بين بايدن ونتنياهو، حيث يرفض الرئيس الأمريكي دعوة الأخير للبيت الأبيض، منذ عودته للمنصب، بسبب خطة التعديلات القضائية، فيما يمنع نتنياهو وزراء الحكومة الإسرائيلية من زيارة الولايات المتحدة.

وفي تصريحات سابقة، وصف بايدن الائتلاف الحكومي في إسرائيل بـ"الأكثر تطرفًا"، منذ حكومة غولدا مائير.

ضرر أمني؟

قال المعلق العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هارئيل، إن حركة الاحتجاجات "لعبت ورقتها الأخيرة، مع إعلان المئات من عناصر سلاح الجو، إيقاف الخدمة الاحتياطية".

ويصف هارئيل الخطوة، بالقول: "تشكل رسالة الطيارين زلزالًا حقيقيًا في العلاقات بين الجيش الإسرائيلي وجنود الاحتياط، وقد يكون لها تأثير كبير على سلاح الجو. يوضح تحليل الرقم الوارد في الرسالة أنه في حالة متابعة جميع الموقعين لتحذيرهم، فلن يكون سلاح الجو في حالة استعداد عملياتية للحرب".

وينقل هارئيل عن عسكري إسرائيلي، قوله: "نحن في حالة مماثلة لتلك التي عشية حرب يوم الغفران".

وفي تقييم الحالة، يقول هارئيل، إنه لا يمكن "تجاهل الضرر الذي وقع بالفعل، والذي يقع اللوم في الغالبية العظمى منه على رئيس الوزراء".

ويتابع المعلق العسكري، مشيرًا إلى أن القرار برفض الخدمة الاحتياطية هو سابقة خطيرة، وتهدد تماسك القوة الجوية والجيش الإسرائيلي في المستقبل، ومصطلح "جيش الشعب"، مشيرًا إلى أنه في حال نجاح حركة الاحتجاج، "فذلك لن يكون انتصارًا بلا تكلفة. الانقسامات الاجتماعية الهائلة سيكون من الصعب إصلاحها لسنوات قادمة".

وتصف معظم التقييمات الأمنية الإسرائيلية، الحالة في إسرائيل بـ"المقلقة للغاية".

ويضيف هارئيل، قائلًا: "يبدو أن نتنياهو أخطأ بشكل خطير في تقدير كثافة الحركة الاحتجاجية بشكل عام، واحتجاج الاحتياط بشكل خاص".

بدوره، قال الجنرال احتياط في جيش الاحتلال ورئيس معهد دراسات الأمن القومي تامير هايمان، أن "نموذج جيش الشعب بدأ في التفكك، ولم تعد محاولات إبعاد الجيش الإسرائيلي عن الخطاب السياسي ذات صلة". مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي، بدون قوات الاحتياط، سيتحول إلى جيش صغير، كما أن "معادلة الردع الإقليمي" تتآكل باستمرار.

زكي وزكية الصناعي

وأضاف هايمان: "الحكومة الإسرائيلية هي الوحيدة التي تملك القوة لمنع استمرار هذا الاتجاه التفكيكي. رئيس الوزراء يدرك جيدًا خريطة التهديد، والتوقع الوحيد منه هو التوقف وإعادة حساب المسار. يجب متابعة التغييرات في النظام القانوني بتوافق واسع في الآراء. سوف تستغرق الجروح سنوات عديدة لتلتئم ، لكن إذا لم نتوقف الآن فقد لا يكون هناك أي شيء ولا أي أحد حتى يشفى".