08-يوليو-2021

صورة تعبيرية (Getty)

تتصاعد أسعار السلع الأساسية في لبنان في مقابل انهيار الرواتب مع استمرار العملة المحلية، الليرة اللبنانية، في الانخفاض بعد أن فقدت 90% من قيمتها وقدرتها الشرائية منذ تشرين الأول/أكتوبر في العام 2019. فيما لا تشير أي مؤشرات إلى إمكانية معالجة أو ردم هذا الانهيار للعملة المحلية وإعادة تعويمها في ظل المعطيات السياسية والاقتصادية المتأزمة التي تعيشها البلاد، لا بل تنتشر الأقاويل حول كيفية التعامل مع ما هو قادم من تفاقم حاد للأزمة مما سيجعل من العملة المحلية تفقد ما تبقى من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

ساعد انتشار أنماط الحياة الصحية وزيادة الوعي بقضايا المناخ في التشجيع على زيادة النزعة النباتية في جميع أنحاء العالم، لكن بعض اللبنانيين باتوا يتبعون هذا المسلك بدافع الضرورة

في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة مالية دفعت أكثر من نصف السكان إلى الفقر، وصنفها البنك الدولي من أحد أكبر الأزمات الاقتصادية واضعًا إياها في مرتبة من الثلاث الأولى من الأزمات الأكثر حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وفي ظل هذه الأوضاع يجد الكثير من اللبنانيين أنهم لا يستطيعون شراء العديد من السلع والحاجيات الأساسية، ومن هذه السلع، على سبيل المثال لا الحصر، اللحوم التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني بمعدل 12 ضعف، فكيلو اللحمة الذي كان يباع بقيمة 15 ألف ليرة لبنانية بات سعره اليوم يتجاوز 170 ألف ليرة لبنانية، في بلد يوازي الحد الأدنى للأجور فيه ما قيمته 700 ألف ليرة لبنانية، والمعدل الوسطي للأجور ما بين 3 إلى 5 ملايين ليرة لبنانية. وفيما كانت تدخل اللحوم في العديد من أصناف الطعام ضمن المائدة اللبنانية، بات من المتعذر اليوم، ومع ارتفاع أسعار اللحوم، الاستمرار باستهلاك اللحوم كما قبل من طرف المواطنين، وأصبح لزامًا اللجوء إلى التقشف. ويذكر أن تخفيضات الميزانية أجبرت مؤسسة الجيش اللبناني على إيقاف تقديم اللحوم والأسماك عن وجباتها العام الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: قضية سد النهضة تستمر بالتفاعل على منصات التواصل الاجتماعي في مصر عبر عدة وسوم

ناديا البدوي، مواطنة لبنانية، تبلغ من العمر 38 سنة، متزوجة وربة أسرة، شاركت ألترا صوت تجربتها بالقول "في الماضي كان أهلي وأهل زوجي والعديد من معارفنا يأتون باستمرار إلى منزلنا بدعوة منا، لكن اليوم صار من الصعب استقبال أي زوار على الغداء أو العشاء لأن ذلك سيكلف ربع راتب زوجي". وأضافت ناديا، وهي أم لطفلين، وكانت تعتبر من الطبقة المتوسطة وفقًا لراتب زوجها "أشعر بذلك أيضًا خلال زيارتي لأصدقائي حيث تراجعت هذه الزيارات كثيرًا، واختلفت طبيعة ما يقدم لنا"، وأشارت بالقول "هناك العديد من أنواع الطبخ التي تحتاج إلى لحوم، ولكنني صرت أقلل من نسبة اللحم في الطبخ قدر الإمكان، لا بل هناك بعض أنواع الطبخ التي أقوم بطبخها دون لحم مثل المعكرونة والعديد من أنواع الحبوب الأخرى كالفاصولياء والبازيلا وغيرها"، وختمت بالقول "بت أبحث عن وصفات طعام لذيذة لا تحتوي بالضرورة على اللحوم في مكوناتها".

وفي حين أن أنماط الحياة الصحية وزيادة الوعي بقضايا المناخ قد شجعت على زيادة النزعة النباتية في جميع أنحاء العالم، فإن بعض اللبنانيين باتوا يتبعون هذا المسلك بدافع الضرورة. مدير جمعية Basecamp، التي توزع الوجبات على المحتاجين، كميل ماضي، قال في تصريحات نقلتها وكالة رويترز خلال تقرير أعدته الصحفية الاء كنعان "هناك العديد من المشاكل في البلاد، حتى الجيش لا يستطيع توفير الكمية المناسبة من اللحوم والدجاج في الوجبات". وأشار ماضي إلى أن الأطفال الذين يأكلون منقوشة، بيتزا لبنانية مغطاة بالجبن، يمكنهم تحسين جودة وجباتهم إذا أنفقوا نفس الشيء على أصناف نباتية. ويضيف بالقول "الطفل الذي يأكل منقوشة كل يوم لن يكون لديه العناصر الغذائية الضرورية، ولكن اليوم بسعر منقوشة واحدة، يمكنك شراء كيلو أو اثنين من الخضروات التي يمكن أن توفر له العناصر الغذائية اللازمة".

ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية في لبنان وتأثيراتها على مائدة اللبنانيين تضافرت جهود Basecamp مع Lebanese Vegans Social Hub التي تروج للنباتيين، من أجل تقديم 100 وجبة نباتية، وأثناء تسليم صناديق المساعدات، كان أعضاء سوشيال هاب ينشرون الوعي حول الطعام النباتي ولماذا يمكن أن يكون حلًا بديلًا في هذه الأوقات. أما الناشط رولان عازار فقال في حديث اقتبسته رويترز "إن تقديم طعام نباتي أمر صحي وفي هذا الوضع الاقتصادي يكون مناسبًا جدًا، لأنه يمكننا استبدال البروتين الذي نحصل عليه من اللحوم، والكالسيوم الذي نحصل عليه من الأجبان، ويمكن استبدال كل منتج حيواني بالطعام النباتي وهو أرخص".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

جدل في أوساط جماعات البيئة والقطاع الصناعي حول قواعد حظر البلاستيك الأوروبية

مباحثات بريطانية دنماركية من أجل ترحيل اللاجئين إلى مراكز إيواء في أفريقيا