18-أبريل-2016

تُعد الانتخابات البلدية القادمة الاختبار الأول منذ العام 2010 للديمقراطية اللبنانية(باتريك باز/أ.ف.ب)

أقلُّ من شهرٍ يفصلنا عن موعد الجولة الأولى من الانتخابات البلدية في لبنان، الانتخابات التي ستجرى على جولاتٍ في مختلف المحافظات، في شهر أيّار/مايو القادم، تُعد الاختبار الأول منذ العام 2010 للديمقراطية اللبنانية الميتة سريريًا، بعد التّمديد للمجلس النّيابي مرّتين.

تعتبر الانتخابات البلدية في لبنان، في شهر أيار القادم، الاختبار الأول منذ سنة 2010 للديمقراطية الميتة سريريًا، بعد التمديد للمجلس النيابي مرتين

تعذّر إجراء الانتخابات البلدية، يعني تلقائيًا نعي الدّيمقراطية اللبنانية رسميًا، وبحجج أمنية واهية لا تُقنع أحدًا، العامل الأمني ليس شرطًا منطقيًا، انتخابات سوريا الصّورية جرت في ظلّ حربٍ ضروس، العراق أيضًا أجرى انتخاباته بدل المرّة اثنين، أفغانستان، مصر وغيرها من التّجارب، الهاجس الأمني الذي يتذرّع به السياسيون اللبنانيون ليس إلّا وسيلةً يبرّرون بها خوفهم من المحاسبة، يعون جيّدًا أن زمن "المحادل" و"البواسط" قد ولّى. لا يمكن اليوم لأي طرفٍ حاكم شراء الأصوات، فالأصوات التي اعتاد شراءها ليست معروضةً للبيع اليوم، بعد أن بُدّدت صحّتهم، أي أصحاب الأصوات، بين المستشفيات بفعل الأزمات المتلاحقة وأبرزها أزمة النّفايات.

اقرأ/ي أيضًا: وثائق بنما اللبنانية.. "شو وقفت عليهن"؟

التّمديد اليوم للمجالس البلدية، ولو لعامين كما يُحكى، حاجةٌ للطبقة السّياسية بمختلف أطيافها. 8 آذار مشغولةٌ بترتيب بيتها الدّاخلي، بعد "ضربة المعلم" التي سدّدها الحريري للفريق بترشيحه فرنجية بمواجهة عون لموقع رئاسة الجمهورية، وحزب الله مشغولٌ بحربه في سوريا، صحيحٌ أن الحزب شبه ضامنٍ للفوز، لكنه لن يمانع تأجيل الانتخابات.

14 آذار، وعلى رأسها تيّار المستقبل، تعتبر الخاسر الأبرز من أي انتخابات قد تجرى. "المستقبل" شرّع المطامر في مناطقه، تجاهل صراخ أهل النّاعمة وأوجاعهم، خسر شعبيته في العديد من المناطق بسبب تلاشي القوّة المالية التي كان يملكها في مقابل تمدّد نفوذ الإسلاميين بفعل الواقع الإقليمي المحيط، إضافةً إلى ضعضعة صفوفه الدّاخلية، فالمقاعد المسيحية التي اعتاد حسمها، قد يخسرها في ظلّ "التّمرد الجعجعي"، والتّحالف بين القوات والتّيار الوطني الحرّ، أما المقاعد السّنية، خاصةً في الشّمال، فسيجد "المستقبل" الحريري من يشاركه فيها من مَن كانوا بالأمس موظفين لديه، كريفي والأحدب وغيرهم، طبعًا في حال حسم الفوز أو وافقت القيادات السّنية على التّحالف معه لا سيما في طرابلس، حيث تتمتّع القيادات السّنية بنفوذٍ كبير، سياسي ومادّي، كميقاتي، الصّفدي وكرامي.

اقرأ/ي أيضًا: بين موراليس ووهّاب.. "شويّة أخلاق"

التّمديد اليوم للمجالس البلدية حاجةٌ للطبقة السّياسية بمختلف أطيافها في لبنان

الأطراف السّياسية، وقياسًا لنشاط ماكيناتها الانتخابية، يبدو أنّها قرّرت تأجيل الانتخابات، بانتظار ظرفٍ مناسب، التّأجيل سيأتي نتيجةً لحدثٍ أمني على الأرجح، كما جرت العادة، أو توتّراتٍ مذهبية ستكون هذه الطّبقة السّياسية خلفها كمحرّكٍ أساسيٍ مستفيد، مع أن القانون المعتمد، أكثريٌ لا نسبي، لا يمثّل الجميع، ويحرم نسبةً كبيرةً من العمل الخدماتي في وقتٍ أمست فيه البلديات منابر سياسيةً للفرقاء، وكيف لا، والزّعيم قادرٌ على استغلال البلدية لتمرير خدماتٍ لأبناء حزبه، كتزفيت الطّرقات وتأهيل البنى التّحتية، كي يضمن ولاءهم دائمًا.

على أي حال، إن لم تمدّد المُهل للمجالس البلدية وجرت الانتخابات، الشّارع اللبناني على موعدٍ مع مفاجآت عديدة، ستكون ردًّا شعبيًا واضحًا على ممارسات الطّبقة الفاسدة، ردًا على أزمة النّفايات المتروكة، فساد قوى الأمن الدّاخلي، شبكات الإنترنت التجسسية غير الشّرعية، غياب الخدمات وغيرها من المشاكل اليومية.

اقرأ/ي أيضًا:

مافيا النقل في لبنان.. طُرُق ارتزاق ملتوية

إنترنت لبنان الإسرائيلي.. التجسس في زمان العولمة