17-فبراير-2016

زصف وهّاب بالكوميدي يعد ظلمًا للكوميديين وإهانة لفنهم(فيسبوك)

استطاع جيمي موراليس، الممثل الكوميدي الغواتيمالي أن يستثمر تاريخه الفنّي، ويوظّفه في الانتخابات الرّئاسية ليهزم منافسه المُدان بقضايا فساد، أوتو بيريس. موراليس انتصر شعبياً بسلاح الكوميديا، ليتخذ منها طريقاً للسياسة، بينما، مدرسة وئامّ وهّاب ومن مثله، اتخذت من السّياسة، أو أقلّه، إدعاء العمل السّياسي، مطيّة لدخول عالم الكوميديا السوداء.

وئام وهّاب، المعروف في لبنان بتصريحاته النارية التي لا تراعي أيّ ضوابط، قرر مؤخراً الدخول إلى نادي الذكوريين الكريه

وصف وهّاب بالكوميدي يعدّ ظلماً للكوميديين وإهانةً لفنّهم، فوهّاب، الذي اعتدناه صاحب تصريحات ناريةٍ لا تراعي أيّ ضوابط، قرّر مؤخّراً الدّخول إلى نادي الذّكوريين الكريه، فالرّجل، وجد أن الشّتائم وحدها وثقافة "الأحذية" وحدها لا تكفي، فأضاف إلى معجمه "جندرية طافحة"، عند ردّه على زميلته، أو حليفته السّابقة، العضوة في مكتب المردة، فيرا يمّين.

لا يمكن اعتبار شتم وهّاب ليمّين عملاً صادماً، إذا ما قاربنا مسيرة وهّاب السّياسية كلّها، فبنظر الرّجل، النّساء اللواتي يرتدين العباءات السّوداء هنّ "أكياس نفايات"، ولو أنّه اعتذر عنها، بينما معارضوه "مخنّثون"، يكفي أن تُعارض الأسد، وترفض تنصيب ميشال عون رئيساً، كي يُفتح أمامك المُعجم الوهّابي.

وئام كثير الكلام، سليط اللسان، ومسلٍ كضيفٍ في المقابلات التّلفزية، فالمشاهد العربي عامّةً واللبناني خاصّةً، أدمن "التوك شوز"، بغضّ النّظر عن المحتوى، فالمحتوى لن يشكّل مادّةً تغييرية أو تأسيسية، بل مادّةً لتمرير الوقت أو التّخلص من الملل، ويُفضل أن يتخلل هذه البرامج الحوارية بعض الشّتائم واللكمات، أو التّبجّح وتسريب المعلومات المخابراتية التي لا صحّة لها ولا دليل، ووهّاب، كمثل ميشال سماحة، الوكيل الحصري لنقل المتفجّرات من صانعيها إلي لبنان، مطّلعون أصحاب معرفةٍ ومعلومات.

"أيها العجوز القبيحة"، يمكن تخيّل وهّاب وهو يصفّف شعره المزروع حديثاً، بينما يكتب تغريداته المهينة ليمّين. "الكوميديا السّوداء" برزت كمذهبٍ أدبي في الولايات المتحدّة في الخمسينيات والسّتينيات من القرن الماضي، لو عرف المخرج الأمريكي ستانلي كوبريك، صاحب فيلم "Dr. StrangeLove"، الذي يتحدّث عن نهاية الحياة على كوكب الأرض بسبب الأسلحة النووية، والذي يعالج الموضوع بطريقة كوميدية أن وهّاب سيكون نجماً للكوميديا ذاتها التي أخرج فيلمه على أساسها لكان ألغاها.

اعتاد وهّاب هذا الأسلوب من الشّتائم والتّناول الرّخيص لحلفائه قبل خصومه، الرّجل لا يقيم أي اعتبارٍ أو احترامٍ للآخر

لو أن خصم وهّاب "ذكر"، هل كان وهّاب ليصفه بالقبيح العجوز؟، نعم، فعلها وهّاب من قبل مع الدّكتور والأكاديمي حبيب فيّاض، واصفاً إياه بصاحب الوجه البشع، التّافه المستغلّ للقرابة، وفيّاض أيضاً، حليفٌ لوهّاب، بالمحصّلة، اعتاد وهّاب هذا الأسلوب من الشّتائم والتّناول الرّخيص لحلفائه قبل خصومه، الرّجل لا يقيم أي اعتبارٍ أو احترامٍ للآخر، بغضّ النّظر عن الموقف السّياسي، فوهّاب في ردوده غير معنيّ بالرّدود السّياسية، فهو يركّز على الجمال والبشاعة، القبح والعمر وغيره.

وهّاب وفي معرض هجومه على يميّن، أدان نفسه كشريكٍ صامت للفساد، فهو وصف فرنجية بزعيم العصابة الانبطاحي، الخائن لخصومه، الموعود بكرسي ومنصب، المرابي في الكازينوهات، المحتكر للمحروقات، "من يفرض الخوّات على مصانع التّرابة"، في إشارة لمعمل شكّا، وغير ذلك.

وهّاب يعلم كلّ هذا عن فرنجية ولم ينطق سابقاً، بحجّة التّحالف والخوف على مصالح فريق 8 آذار، أي أن وهّاب، يفضّل قتل النّاس وإصابتهم بالسّرطان، على فكّ تحالفه بقطبٍ من فريقه، لا يعني وهّاب ملفات الفساد إلّا عندما تعطيه حليفته حجماً يناسبه، عندما، يُفلت من عقاله، فاضحاً خبايا الغرف وأسرار أهل السّياسة والتّرف.

المشكلة ليست في وهّاب نفسه، أو أي نموذجٍ آخر شبيه، المشكلة في من أعطى هذه الفقاعات حجماً أكبر من ما يجب، ومع الأسف، فالمشاهدون، أي نحن، اعتدنا هذه النّماذج، فباتت بالنّسبة لنا ضرورةً بعد أن كانت منفية في غياهب الأحزاب والمخابرات.  

اقرأ أيضًا:

سياسيو لبنان من "طهّر نيعك" إلى "سد بوزك"

أوصال بيروت وحُكام زواريبها