12-يناير-2022

(Getty Images)

كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني يوم الثلاثاء، 11 كانون الثاني/يناير، أن واحدة وثلاثين منظمة أجنبية مارست الضغط على الحكومة الأردنية بمساعدة من سفراء خمس عشرة دولة أجنبية سعيًا للحصول على استثناءات من قانون الدفاع رقم 6، وهو ما يتيح لها المجال لطرد عاملين أردنيين لديها.

 واحدة وثلاثين منظمة أجنبية من ضمنها أوكسفام ومنظمة "أنقذوا الأطفال" و"المجلس النرويجي للاجئين"، طالبت السلطات الأردنية بالسماح لها بالالتفاف على أمر الدفاع رقم 6 الذي يحمي العاملين الأردنيين في القطاع الخاص من الفصل أو تقليص الأتعاب خلال فترة جائحة كورونا

وفقا لرسالة موجهة من منتدى المنظمات غير الحكومية الدولية في الأردن (The Jordan INGO Forum) إلى السلطات الأردنية، اطلع عليها ميدل إيست آي، فإن واحدة وثلاثين منظمة أجنبية من ضمنها أوكسفام ومنظمة "أنقذوا الأطفال" و"المجلس النرويجي للاجئين"، طالبت السلطات الأردنية بالسماح لها بالالتفاف على أمر الدفاع رقم 6 الذي يحمي العاملين الأردنيين في القطاع الخاص من الفصل أو تقليص الأتعاب خلال فترة جائحة كورونا.

الرسالة التي سربها موظف في إحدى المنظمات في المنتدى، تقول إن المنظمات تجبر على مواصلة دفع رواتب الموظفين العاملين وفقًا لعقود ثابتة رغم أن وظائفهم تنتهي بمجرد انتهاء المشاريع التي يعملون فيها، وهو ما فنده التقرير بإشارته إلى أنه عادة ما تجدد عقود الموظفين المحليين العاملين بعقود ثابتة فورًا بعد انتهاء المشاريع التي يعملون فيها، وذلك باستخدام أموال مخصصة لمشاريع أخرى، وهكذا ينتقل الموظفون من عقد إلى آخر لدى نفس المنظمة ومن دون فترات انقطاع في العمل.

كما تصف الرسالة أجزاء من أمر الدفاع رقم 6 بأنه "يتعذر تطبيقها في القطاع غير الربحي"، وتضيف: "لقد تم تركنا في وضع غير قابل للاستمرار... إذ إن الالتزام بدفع رواتب الموظفين الذين انتهت أعمالهم" يعني إنفاق حوالي مليون دينار أردني من أموال كانت مخصصة للبرامج الإنسانية في المملكة ومناطق أخرى في الشهور الثماني عشرة الماضية.

جزء من الرسالة التي اطلع عليها موقع MEE

وتؤكد الرسالة أيضا أن "العديد من المنظمات على شفا أزمة مالية، ونحن نطلب دعمكم في الوصول إلى حلول فيما يتعلق بتحديات نواجهها، بالأخص، في تطبيق قانون الدفاع رقم 6"، ولم تقدم المنظمات أي تفاصيل حول ميزانيات المنظمات المعنية، كما يشير الموقع أيضا إلى عدم حصوله على أي  رد من قبل المنظمات الموقعة ولا الديوان الملكي أو مكتب رئاسة الوزراء أو وزارة العمل أو وزارة التخطيط يؤكد أو ينفي حصول المنظمات على الاستثناء المطلوب.

ضغوط خارجية

بالإضافة إلى ما سبق، يكشف تقرير ميدل إيست آي أن سفراء خمس عشرة دولة أوروبية راسلوا الحكومة الأردنية في شهر أغسطس/آب من العام الماضي بشأن أمر الدفاع رقم 6 وآثاره على منظمات المجتمع المدني الدولية.

وفقا للموقع، فإن سفير هولندا في عمان آنذاك، دولف هوغوونينغ، أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء ووزراء آخرين يقول فيها إن إبقاء الموظفين على رأس أعمالهم "بعد انتهاء المشاريع الممولة بالمنح... له آثار سلبية بالغة على العمليات الأساسية للمنظمات غير الحكومية". 

الرسالة التي اطلعت عليها ميدل إيست آي وقعت من قبل "ممثلين عن مجتمع المانحين"، هم سفراء كل من السويد وأستراليا وألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا وكندا وإيطاليا وبلجيكا والولايات المتحدة وسويسرا والاتحاد الأوروبي واليابان وفرنسا والنرويج.

يأتي هذا التقرير وما احتوى عليه من مراسلات بعد شهور قليلة من تسريبات أوراق باندورا التي ربطت على إثرها وسائل إعلام أجنبية بين المنح والمساعدات التي تقدم إلى المملكة وبين ما كشفت عنه الأوراق عن عقارات مسجلة باسم الملك.

اقرأ/ي أيضًا: ما هي "وثائق باندورا" وما الذي تكشفه عن أساليب "الكبار" في إخفاء أموالهم؟

يذكر أن الديوان الملكي الأردني قد وضح آنذاك أن "أي ادعاء يربط هذه الملكيات الخاصة بالمال العام أو المساعدات افتراء لا أساس له من الصحة"، وأن وثائق باندورا "شوّهت الحقيقة وتضمنّت ادعاءات مضلّلة". (يمكن الاطلاع هنا بشكل أوفى على ردّ الديوان الملكي على "وثائق باندورا" والذي تناولناه في التراصوت في مقال سابق). 

هذا ويعد الأردن أحد أفقر دول المنطقة وهو يعتمد على المساعدات الخارجية لتلبية جزء كبير من نفقاته في توفير خدمات أساسية للمواطنين، وتلبية احتياجات ما يقارب أربعة ملايين لاجئ تستضيفهم البلاد. وتشير الإحصائيات إلى أنه في عام 2020 فقط قدمت الولايات المتحدة للأردن أكثر من 1.5 مليار دولار على شكل مساعدات مدنية وعسكرية، في حين قدم الاتحاد الأوروبي للأردن مساعدات إنسانية بقيمة 17 مليون يورو عام 2021.

تقدم دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة مساعداتها على شكل منح وعقود ودعم للميزانية بالإضافة إلى مشاريع تشرف وتقوم عليها منظمات أجنبية غير حكومية، وتشير دراسات نقلا عن مسؤولين أوروبيين إلى أن هذه المساعدات عادة ما تكون مقابل ضغوط "إصلاحية" تهدف إلى "تعزيز الديمقراطية"، إلا أن الدول المانحة في الوقت ذاته تراعي عدم تشديد ضغوطاتها بهدف تحقيق مصالح جميع الأطراف.

راسل سفراء خمس عشرة دولة أوروبية الحكومة الأردنية في شهر آب/أغسطس الماضي بشأن أمر الدفاع رقم 6 وآثاره على منظمات المجتمع المدني الدولية

من ناحية أخرى، لا زالت منظمات محلية تؤكد على سوء أوضاع العمال في البلاد، إذ أشار تقرير للمرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية نهاية عام 2021، إلى أن واقع العمال خلال العام الماضي ما هو " إلا إعادة تدوير للانتهاكات التي سبقتها في عام 2020"، كما أكد مركز الفينيق في تقرير آخر صدر مطلع عام 2021 أن عمل منظمات المجتمع المدني المحلية محاط بالمعيقات، ولا يحظى بمساحة من الحرية والتعبير، وأن "موقف الحكومة السلبي تجاه منظمات المجتمع المدني، واتهامها لها بتوفير قاعدة لجهات أجنبية معادية وخلق مشكلات اجتماعية، أحد أهم الأسباب المعيقة لعمل المنظمات، التي تحول بينها وبين تنفيذ مشاريعها وبرامجها."

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بدنا حق نضال: حملة أردنية للمطالبة بإنصاف عسكري يُحاكَم على خلفية تغريدة

الأردن.. مطالبات بالتحقيق بعد وفاة مؤلمة لطالبة تأخر إسعافها في سكن جامعي