04-أكتوبر-2021

(OCCRP)

ألتراصوت- فريق التحرير

في تحقيق استقصائي عالمي جديد بإشراف "الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية" وبالتعاون مع العديد من الصحف والمؤسسات الإعلامية، من بينها الغارديان وواشنطن بوست، إضافة إلى شبكة "أريج" العربية للصحافة الاستقصائية، تم الكشف عن أسرار مالية تعود إلى 35 من قادة العالم، الحاليين والسابقين، وزهاء 330 من السياسيين والمسؤولين الحكوميين وعدد من الفنانين والمجرمين والشخصيات الملاحقة بتهم جنائية في 91 دولة وإقليمًا.

التحقيق عرف باسم "وثائق باندورا" (Pandora Papers)، وهو يكشف بالاعتماد على وثائق مسرّبة حجم الثروات التي يمتلكها أثرياء ومتنفذون وقادة سياسيون

التحقيق عرف باسم "وثائق باندورا" (Pandora Papers)، وهو يكشف بالاعتماد على وثائق مسرّبة حجم الثروات التي يمتلكها أثرياء ومتنفذون وقادة سياسيون، وكيف يقوم بعضهم بحجبها عن السلطات وعن العامّة، عبر شبكات من المحامين والمؤسسات المالية التي تتعهّد بالسريّة التامّة في تعاملاتها.

ويعتمد تحقيق "وثائق باندورا" على 11.9 مليون وثيقة مسربة اطلع عليها الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية وعدد من المؤسسات الإعلامية حول العالم، والتي تعاونت في إجراء التحقيق واستخلاص المعلومات من الوثائق، في عمل ضخمٍ ساهم فيه أكثر من 600 صحفي وصحفية.

ووفق تعليقات أدلى بها مسؤولون في الاتحاد، فإن هذه المعلومات التي تم الكشف عنها قد تم استخلاصها من "وثائق سريّة للغاية من ملاذات ضريبية ومختصين بعمليات التهرب الضريبي الذين يعملون من أجل مساعدة الأثرياء ومن هم في السلطة، وبعض المجرمين أحيانًا، على تأسيس شركات وهمية على نحو يخفي أصولهم ويعفيهم من دفع الضرائب".

ويعدّ التقرير صادمًا وواسعًا للغاية في مقدار التفاصيل التي يكشف عنها، لذا سننقل منه هنا أبرز التفاصيل التي تهمّ القارئ العربي:

ماذا تعني الملاذات الضريبية؟

الملاذ الضريبي هو دولة أو إقليم تفرض ضرائب محدودة أو تقدم إعفاءات ضريبية، كما تمتاز الأنظمة المصرفية فيها بالالتزام بالسريّة التامّة وعلى نحو صارم فيما يتعلق بحسابات العملاء الأجانب، وهو ما يساعدهم على تفادي الخضوع للسلطات الضريبية في بلادهم الأصلية. من بين هذه المناطق التي تظهر في وثائق باندورا، دولة بليز (Belize)، وجزر العذراء البريطانية، وسنغافورة، وقبرص، وسويسرا، وبعض الولايات الأمريكية، مثل داكوتا الجنوبية، وديلاوير.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الحسابات الخارجية في هذه الملاذات الضريبية تستغل بعض الثغرات القانونية الرسميّة التي تجعلها نظريًا غير مخالفة للقوانين، وهو ما أكّدت عليه بعض الشركات التي تواصل معها الصحفيون، والتي ادّعت أنها لم تنتهك أي قانون في تعاملاتها.

لكن أصحاب الحسابات قد يلجؤون إليها لأغراض غير مشروعة، مثل التهرب من الضرائب في دولهم الأصلية أو تمويل مشاريع وأنشطة غير قانونية.

جردة حساب بثروات قادة بارزين

من بين أبرز الشخصيات السياسية التي ركّز التقرير على أنشطتها الاستثمارية والعقارية، كان العاهل الأردني عبدالله الثاني (59 عامًا)، والذي كشف التحقيق بأنه قد أنفق 100 مليون دولار أمريكي لشراء عقارات فخمة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الأردن. كما كشف التحقيق عن أصول سريّة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موناكو. ومن بين الشخصيات البارزة التي تناولها التحيق الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس، وبعض كبار المسؤولين المقربين من رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، والرئيس الكيني أوهورو كينياتا.

كما سلّط التقرير الضوء على الأنشطة المالية لعدد من المسؤولين في لبنان الذي تعاملوا مع ملاذات ضريبية آمنة، من بينهم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وحاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، ورئيس الوزراء السابق حسان دياب، ووزير الدولة السابق ورئيس مجلس إدارة "بنك الموارد"، مروان خير الدين.

ويل فيتزغيبون، أحد كبار الصحفيين العاملين في الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية، قال في حديث مع هيئة الإذاعة الوطنية الأمريكية، إن السياسيين الذين يقفون أمام عامة الناس ويدعون التزامهم بالمساءلة والشفافية "هم نفس الأشخاص الذين يلجؤون إلى مثل هذه الأساليب، وهو ما يدل على أنهم شركاء في النظام [الفاسد] نفسه".

وعلى الرغم من أهمّية هذه التحقيقات الضخمة والتي تسلط الضوء بشكل صادم على مقدار التفاوت في الثروات بين تلك الطبقة من الأثرياء والمتنفذين وبين عامّة الناس، في العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك بعض أشدّ الدول فقرًا واضطرابًا، مثل لبنان والأردن، إلا أنّ خبراء يخشون بأنها قد لا تؤدي إلى أية نتائج عمليّة فيما يتعلق بالقوانين الناظمة للملاذات الضريبية والتعامل معها.

قد لا تؤدي المعلومات التي كشفت عنها "وثائق باندورا" إلى أية تغييرات جذرية في طبيعة عمل الملاذات الضريبية وأنشطتها

فحين تم الكشف قبل سنوات عن "وثائق بنما"، توقّع كثيرون باحتمال أن يؤدّي حجم الفضائح التي تم تسريبها إلى بعض التغييرات الجذرية في النظام المصرفي لتلك الملاذات، وزيادة مستوى الشفافية في عملياتها، بما يصعّب على الأثرياء والسياسيين إخفاء ثرواتهم وأصولهم. لكنّ "وثائق باندروا"، تثبت بجلاء أنّ هذه الأنشطة لم تتراجع، وأن الأثرياء يجدون دومًا سبلًا جديدة وميسّرة من أجل مراكمة ثرواتهم وتجنب المساءلة حولها، خاصة وأن وثائق باندروا تكشف معلومات عن أكثر من 29،000 حساب مصرفي، أي ما يبلغ ضعفي العدد الذي كشفت عنه وثائق "بنما" عام 2016.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الأمم المتحدة تتحدث عن أرقام "نريليونية" في اليوم الدولي لمكافحة الفساد

لماذا لا نهزم الفساد في العالم العربي؟