17-مايو-2017

تحافظ الزوايا على مكانتها في المغرب (Getty)

الاحتفال بالمناسبات الدينية له وقع خاص لدى المغاربة، ومما يجعلها مميزة أن إحياءها يكون بالطريقة نفسها التي كان يحتفل بها الأجداد منذ عقود، لتصبح موروثًا شعبيًا يتوارثونه جيلًا بعد جيل. هذا الموروث يحترمه البعض بينما يقدسه البعض الآخر ويحرص عليه.

"الأربعين دخلات"، تعبير عن طقس شعبي مغربي يُحرم المشروبات الكحولية لمدة أربعين يوماً قبل شهر رمضان

يمارس المغاربة اليوم عادات وطقوسًا ابتدعها الأجداد وصارت من الموروث الديني أو الشعبي بالأحرى. وفي هذا التقرير، يقدم "الترا صوت" لمحة عن موروثات شعبية مغربية للاحتفال ببعض المناسبات الدينية.

اقرأ/ي أيضًا: المغاربة.. محافظون في رمضان فقط؟

الجمعة.. يوم الكسكس "المقدس"

يعتبر يوم الجمعة عند المسلمين يومًا خاصًا، والبعض منهم يسميه "عيد المؤمنين"، أما المغاربة فيحتفلون به بطريقتهم عبر إعداد طبق "الكسكس" الشهي. إذ لا يؤكل طبق الكسكس عند المغاربة إلا يوم الجمعة غالبًا، فهو جزء من احتفال هذا اليوم.

والمغاربة إضافة إلى الجزائر وتونس، يشتهرون بطبق الكسكسي. والنساء في بعض المناطق المغربية اعتدن منذ عقود على طبخه يوم الجمعة، اعتقادًا منهن أن البركة ستحل وأن في ذلك أجرًا من السماء.

وبمجرد حلول وقت الغداء والانتهاء من صلاة الجمعة، تجد المغاربة مهرولين إلى أقرب طبق كسكس، سواء بسبع خضار أو بـ"تفاية" أو "زبيب" في بعض المناطق. وبالرغم من تغير عادات الأكل لدى المغاربة، بسبب تحولات وضرورات الحياة السريعة، فإن وجبة الكسكس ظلت محافظة على مكانتها في نفوس الناس في يوم الجمعة.

40 يومًا قبل رمضان

قبل أسابيع من موعد حلول شهر رمضان، تسمع بين الفينة والأخرى عبارة ألف المغاربة على ترديدها كلما اقترب الشهر الفضيل، وهي "الأربعين دخلات" والمقصود بها ضرورة اجتناب المشروبات الكحولية لمدة أربعين يوماً قبل شهر رمضان، وهي طبعًا طقس وموروث شعبي وليس دينيًا، ويعتقد المغاربة في أن المسلم لا يجب أن يشرب الخمر قبل أربعين يومًا من شهر رمضان، مبررين ذلك، بأن الكحول ستظل في جسم الإنسان لمدة أربعين يومًا، وبالتالي الصوم لن يكون جائزًا.

الاحتفال بليلة27 من رمضان

يحتفل خلال ليلة 27 من رمضان بالأطفال الصائمين لأول مرة من خلال أزياء تقليدية وطقوس مبهجة

شهر رمضان شهر صيام وعبادات وكله مميز لدى المسلمين لكن ليلة 27 من هذا الشهر لها خصائص واحتفالات خاصة عند المغاربة، لا سيما من الناحية الاجتماعية. فهم يحيونها بالكثير من مظاهر الاحتفال والفرح، إذ في هذه الليلة تحضر وجبة الكسكس المقدسة، يجتمع حولها جميع أفراد العائلة، كما توزع في المساجد ليتناولها المصلون عند الاستراحة من الصلاة أو من تلاوة القرآن.

ومن بين مظاهر الاحتفال أيضًا، الاحتفال بالأطفال خصوصًا حين يتزامن مع صيامهم لأول مرة، فالطفل يكون بمثابة العريس في عيون أسرته ومعارفه ويكون بطل الليلة. وفي تلك الليلة، يرتدي الأطفال من مختلف الأعمار، الذين استطاعوا الصيام خلال اليوم، أزياء تقليدية، ويتم احتفال بهم بشرب الحليب وأكل التمر والصعود إلى "العمارية" وأخذ صور للذكرى.

اقرأ/ي أيضًا: عاشوراء المغرب.. يوم للفرح والفرجة 

زمزم عاشوراء

عاشوراء أو كما يسميه المغاربة يوم "زمزم"، نسبة إلى ماء زمزم، وهو مناسبة يحتفل بها المغاربة في العاشر من محرم من كل سنة، باحتفالات تختلف عن نظيرتها في بقية البلدان العربية والإسلامية.

يسمي المغاربة عاشوراء بزمزم في بعض المدن، إذ اعتاد البعض رش المياه يومها، وفي القديم كان يتم رش المياه التي يأتي بها الحجاج من الديار المقدسة. ويصاحب هذا الاحتفال أيضًا ما يسمى بـ"لعشور"، حيث يقوم كبار التجار في المنطقة بتوزيع مبلغ من المال للأسر التي تنتمي إلى طبقة فقيرة، فضلاً عن شراء لعب خاصة للأطفال احتفالاً بهذا اليوم.

ويذكر أن الاحتفال بعاشوراء غني بالموروثات الشعبية، من رش المياه، إلى القفز من فوق النار، فضلًا عن قص النساء شعورهن، والسهر بترديد مقطوعات موسيقية تخص فقط ذلك اليوم.

طقوس المولد النبوي المغربية.. بين الحلال والحرام

يحيي المغاربة المولد النبوي بالكثير من الطقوس الروحانية، وفي هذا اليوم يحتدم النقاش بين  الحلال والحرام في هذا الاحتفال. يمتاز اليوم بالذكر والصلاة على النبي، ولكن أيضًا تشهد الأضرحة والزوايا، التي لها مكانة خاصة لدى الكثير من المغاربة، نشاطًا ملحوظًا حيث يمكن اعتبار هذا اليوم مثل عيد للزوايا والطرق الصوفية المغربية. تجتمع فيه أعداد غفيرة جدًا لإقامة ذكرى المولد النبوي، وتبدأ الجلسات بالذكر، وإلقاء القصائد في تمجيد الله ورسوله، في جو مهيب.

ومن أشهر احتفالات المولد النبوي مغربيًا تنظيم موكب الشموع، بمدينة سلا، بالإضافة إلى عديد المدن الأخرى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المولد النبوي في تونس.. احتفالات وطقوس

المولد النبويّ في الأردن: موسم الخلافات والتكفير