04-يناير-2020

يقع اليمن في قلب أي تصعيد محتمل (Getty)

لا ينذر مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس، بحرب أمريكية إيرانية مباشرة، بقدر ما قد ينذر بتصعيد أكبر في الشرق الأوسط، سيكون اليمن الذي يشهد صراعًا إقليميًا منذ 5 سنوات، في قلبه، خاصة أن طهران فاعل مهم جدًا على الساحة اليمنية، مع تأكيد التقارير على دعمها المباشر لجماعة الحوثيين، وتهديدها لمصالح أمريكية عديدة في المنطقة من هناك.

لا ينذر مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس، بحرب أمريكية إيرانية مباشرة، بقدر ما ينذر بتصعيد أكبر في الشرق الأوسط، سيكون اليمن الذي يشهد صراعًا إقليميًا منذ 5 سنوات، في قلبه

وقتلت الولايات المتحدة فجر الجمعة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وخمسة ضباط إيرانيين، بالإضافة إلى 5 آخرين من قيادات الحشد الشعبي العراقي المرتبطة بإيران، منهم أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي في ضربة جوية على محيط  مطار بغداد.

اقرأ/ي أيضًا: القصة الكاملة لاغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في بغداد

ينذر التصعيد الأمريكي الإيراني بتأثيرات بارزة على مناطق عربية تشهد حروبًا بالوكالة، وستزداد حدة التصعيد في اليمن والعراق وسوريا وليبيا ولبنان أيضًا بين الأطراف المحلية موزعة الولاءات بين واشنطن وطهران. خاصة أن تهديدات إيران وحلفائها في المنطقة متواصلة، يتضمن معظمها عنوانًا عريضًا، هو الانتقام لمقتل قاسم سليماني، برد سريع وقاسٍ وفعال.

كانت ردود جماعة الحوثيين في اليمن عديدة، توزعت بين خطابات مسؤولين وجهات حكومية، قدم العزاء بمقتل سليماني وأكدت وقوفها الى جانب إيران في "حربها ضد الغطرسة الأمريكية". 

"دماؤه ستطاردهم"

"إذا كانت واشنطن تظن أنها تخلصت من الشهيد سليماني فإن دماءه ستطاردهم أعظم مما كان أيام حياته"، يقول المكتب السياسي لأنصار الله، (الحوثيين)، في بيان له ردًا على الواقعة، وفي لغة تضمنت تهديدًا بالرد على العملية، من ميليشيا غالبًا ما وُصفت بأنها تعبر عن النوايا الخفية لطهران، وتقوم بالعمليات التي قد تحرج الدبلوماسية الإيرانية.

اعتبر الحوثيون مقتل سليماني جريمة "حرب على كل الأمة وعلى محور المقاومة وعلى القضية الفلسطينية"، على حد تعبيرهم، وقال المكتب السياسي لأنصار الله إنه "حري بشعوب المنطقة أن تدرك أن أمنها واستقرارها مرهونٌ بالمضي قدمًا في مشروع التحرر حتى طرد المحتل الأمريكي".

وفي ذات السياق أكد محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى في تغريدة على "تويتر" أن الرد السريع والمباشر في القواعد المنتشرة هو الخيار والحل.

تهديد للسلم والأمن الدوليين

أدانت وزارة الخارجية في حكومة الحوثيين من جانبها ما قامت به الولايات المتحدة واعتبرته "اعتداء غادر وجبان بحق سليماني والمهندس"، لافتةً إلى أن العملية الأمريكية مغامرة كبيرة من شأنها أن تزيد الأوضاع المتوترة في المنطقة، مؤكدة أن ما أسمته "الاغتيال الجبان"، لسليماني والمهندس يرقى إلى مستوى الأفعال الأكثر تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.

من جانبه  أكد محمد البخيتي عضو المجلس السياسي الأعلى  بـ"أن أمريكا وعملاءها في المنطقة سيندمون على ارتكاب هذه الجريمة الحمقاء، والأيام بيننا". إلى ذلك هدد عبدالملك الحوثي زعيم جماعة الحوثيين بالانتقام للمهندس وقاسم سليماني، مشيرًا في بيان له إلى أن "دماءهم الطاهرة وتضحيتهم في سبيل الله والمستضعفين لن تذهب هدرًا"، وأكد وقوف جماعته إلى جانب إيران في "معركة الكرامة والاستقلال والحرية ضد الاستكبار والإجرام الأمريكي والإسرائيلي".  

التهديدت التي وجهها الحوثيون بالانتقام لمقتل قائد فيلق القدس، تطرح سيناريوهات عدة عن تأثير العملية الأمريكية على الصراع في اليمن، بين الحوثيين الموالين لإيران، وبين التحالف السعودي الإماراتي المدعوم من واشنطن.

اليمن بوابة للرد؟

ترجح بعض التحليلات عودة سيناريو التصعيد الحوثي من خلال شن هجمات على مصالح الرياض، الحليف الرئيس لواشنطن، فـ"إيران لم تحدد مكان الانتقام" بحسب حديث محسن رضائي أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني لـ"التلفزيون العربي"، لكن كل السيناريوهات محتملة.

فالرد الإيراني وإن كان غير مباشر من ناحية استهداف العمق الأمريكي، فمن المرجح أن يكون مرتبطًا حسب مسؤولين إيرانيين في استهدف القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط وحلفاء واشنطن، الأمر الذي قد يهدد من المصالح النفطية الأمريكية ومن استقرار سعر النفط، في سيناريو قد يكرر تجربة الهجمات على منشآت أرامكو السعودية.

دعوات الحوثيين من اليمن جاءت بلهجة تهديد حادة إلى توحيد الصف ضد واشنطن، والرد العاجل من كافة الجهات الموالية لإيران، كما أنها قد تشير إلى مرحلة جديدة من الصراع في اليمن، بين الحوثيين وتحالف الرياض وأبوظبي، الأمر الذي يخشى اليمنيون من أنه سيهدد بإطالة أمد الحرب، التي عدتها الرياض منذ إطلاق التحالف أولى غاراته في 2015، عملية لقطع الأذرع الإيرانية في المنطقة حد زعمها.

وفي حال كان الرد الإيراني، غير المؤكد بعد، متعلقًا باستهداف القواعد الأمريكية، بالإضافة إلى المنشآت السعودية والإماراتية، فستكون الساحة اليمنية الأكثر تورطًا، بالمقارنة مع جبهات أخرى أبعد مثل العراق ولبنان، خاصة أنه وقبيل مقتل سليماني، كان الحوثيون قد هددوا باستهداف مواقع حساسة داخل السعودية والإمارات.

في حال كان الرد الإيراني، غير المؤكد بعد، متعلقًا باستهداف القواعد الأمريكية، بالإضافة إلى المنشآت السعودية والإماراتية، فستكون الساحة اليمنية الأكثر تورطًا

من جهة أخرى، يقلل سياسيون يمنيون آخرون من تأثير مقتل سليماني على  الوضع في اليمن، فالصراع الأمريكي الإيراني  مستمر منذ أربعة عقود بشكل غير مباشر في هجمات متفرقة لا ترقى إلى الحرب الحقيقية، وسيكون الرد الإيراني بطريقة غير مباشرة وغير مؤثرة على الصراع اليمني، معولين على دور محتمل لوسطاء عرب أوروبيين، وهو ما يبدو أنه قد يحظى بفرص نجاح، في ظل تحركات إقليمية جارية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما بعد اغتيال سليماني.. هل انتهى عصر الحرب بالوكالة في المنطقة؟

إسماعيل قاآني بديلًا عن سليماني.. ما دوره في الحرب العراقية الإيرانية؟