19-ديسمبر-2022
gettyimages

الاحتجاجات في اليابان على القرار الحكومة (Getty)

تشهد منطقة شرق آسيا، توترًا مستمرًا منذ سنوات، ازداد النظر إليه بجدية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وفي الوقت الذي كثفت فيه كوريا الشمالية من تجاربها الصاروخية البالستية، والتي سقط الكثير منها بالقرب من شواطئ اليابان أو حلقت فوقها، ومع التأهب العسكري المستمر للصين والمناورات المتكررة. استفاقت اليابان لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وأعلنت عن استراتيجية جديدة للدفاع تُبيّن طرق الردع الياباني للتهديدات المتزايدة من الجارتين النوويتين اللتان تمتلكان ترسانة كبيرة من الصواريخ البالستية بعيدة المدى.

تشهد منطقة شرق آسيا، توترًا مستمرًا منذ سنوات، ازداد النظر إليه بجدية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا

وتعليقًا منها على الاستراتيجية اليابانية الجديدة للدفاع وصفت صحيفة وول ستريت جورنال الخطوة اليابانية بأنها تحوّل دراماتيكي وتاريخي يقف خلفه رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ومهّد له سلفه الراحل تشينزو آبي بعدما تبنت اليابان طيلة عقود دستورًا سلميًا عقب الحرب العالمية الثانية "ينبذ التسلح ولا يعير اهتمامًا لبناء جيش قوي"،  فقد قرر كيشيدا زيادة الإنفاق الدفاعي بزيادة تصل نسبته إلى 2% من حجم الاقتصاد بحلول عام 2027. في وقت اعتبر فيه متابعون أن هذه الاستراتيجية "مخاطرة سياسية" من اليابان ورسالة ربما تكون سلبية للمنافسين ولا سيما كوريا الشمالية التي كثّفت مؤخرًا من تجاربها الصاروخية البالستية، لكنّ مثل هذه التجارب هي التي تدفع دولًا مثل اليابان إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لتحقيق الردع في ظل عدم القدرة على التنبؤ بسلوك بيونغ يانغ ومخاطر الجار الصيني الذي بدأ هو الآخر بزيادة مطّردة في الإنفاق الدّفاعي.

وفي تفاصيل وثيقة الدفاع الاستراتيجية الجديدة لليابان التي اطلعت عليها وول ستريت جورنال تتحدث الوثائق المصاحبة لها أن "اللحظة الراهنة تشكّل "البيئة الأمنية الأشد والأكثر تعقيدًا وذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية" حسب تقديرات الخبراء والسياسيين في طوكيو.

getty

الوثيقة أيضا، كانت صريحة، حسب وول ستريت جورنال في الحديث حول ما وصفته بـ"التحدي الصيني أو التحدي القادم من بكين"، ففي آب/ أغسطس الماضي، وفي ذروة الغضب الصيني من زيارة نانسي بيلوسي لتايبيه، سقطت 5 صواريخ باليستية صينية في المياه القريبة من اليابان، هذا بالإضافة إلى الصواريخ التي دأبت كوريا الشمالية بشكل روتيني على إطلاقها صوب الجزر اليابانية.

وبموجب الاستراتيجية الدفاعية الجديدة، فإن طوكيو تعبّر بصراحة أنها "ستستعد لأسوأ سيناريو ممكن للدفاع عن مصالحها وأراضيها أمام المتربَصين بها ولا سيما كوريا الشمالية والصين"، وستحقق اليابان ذلك الهدف من خلال الحصول على "صواريخ بعيدة المدى وتقنيات عسكرية متطورة تجعل العدو يفكر مرتين قبل مهاجمة دولة مجاورة ذات سيادة" حسب صحيفة وول ستريت جورنال  التي قالت في افتتاحية خاصة بالموضوع إن "الإستراتيجية الجديدة ترقى إلى ثورة في السياسة الداخلية اليابانية"، وذلك لأنها تقوم في أول مرة وبشكل لافت بتجاوز دستورها السلمي بعد الحرب العالمية الثانية، وتمهّد للقطيعة مع نهج من التردد ساد الأوساط السياسية والعسكرية اليابانية حول ضرورة بناء جيش قوي، ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن رئيس الوزراء السابق شينزو آبي والذي اغتيل قبل أشهر، كان من أوائل من بدأوا في التخلص من النهج المتردد الموروث من الحرب العالمية الثانية.

ترحيب أمريكي

من جانبها، رحبت الخارجية الأمريكية باستراتيجية اليابان الجديدة للأمن القومي، واستراتيجية الدفاع الوطني، وبرنامج تعزيز الدفاع. مشيرةً إلى أن الاستراتيجية اليابان تتلاقى مع الأمريكية في إدراك أن الروابط الوثيقة بين الدول متشابهة التفكير أمر بالغ الأهمية لحماية المصالح والقيم المشتركة والتصدي للتحديات المشتركة، بحسب ما جاء في البيان. 

getty

وأضافت الخارجية الأمريكية "من أفغانستان إلى أوكرانيا، اليابان هي شريكنا الذي لا غنى عنه في مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا للاستقرار العالمي وفي دعم جميع الدول التي تعتز بنظام دولي قائم على القواعد". واختتمت البيان بالقول "تهانينا لليابان على هذه الخطوة التأسيسية الجديدة في تحديث تحالفنا وتعزيز قدرتنا الجماعية لمواجهة التحديات العالمية".

السلاح الهجومي

وتنهي الاستراتيجية السياسة الحكومية التي وضعت عام 1956 والتي أوقفت قدرة اليابان على ضرب الأهداف خارج حدودها، وأكدت على مشروعية الخيار الدفاعي بحسب الدستور.

وتحتاج الحكومة إلى 30 مليار دولار سنويًا من أجل تمويل الاستراتيجية الجديدة، وسط اقتراحات حكومية بزيادة الضرائب من أجل تمويلها.

تحتاج الحكومة إلى 30 مليار دولار سنويًا من أجل تمويل الاستراتيجية الجديدة

ومن المتوقع أن تنفق اليابان 37 مليار دولار، للحصول على الصواريخ بعيدة المدى، من أجل نشرها في عام 2026. بالإضافة للحصول على طائرات مُسيّرة ومركبات أخرى غير مأهولة، بالإضافة إلى تعزيز القدرات السيبرانية والاستخبارية.