19-نوفمبر-2022
gettyimages

بث للتجربة الصاروخي الكورية الشمالية في العاصمة الكورية الجنوبية سيول | gettyimages

تتسارع التطورات الميدانية في شبه الجزيرة الكورية، بعد سلسلة من التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية منذ بداية العام، كان أبرزها تجربةً صاروخيةً يوم أمس الجمعة، اختبرت خلالها بيونغ يانغ صاروخًا بالستيًا عابرًا للقارات ويمتلك القدرة على الوصول إلى البر الرئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية. في الوقت نفسه كثفت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة من تدريباتها العسكرية المشتركة في المنطقة.

اختبرت بيونغ يانغ صاروخًا بالستيًا عابرًا للقارات ويمتلك القدرة على الوصول إلى البر الرئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية

من جانبه، لم يفوت الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الفرصة لإطلاق رسائل كلامية، إلى جانب التجارب الصاروخية، وعقب على الحدث بشكلٍ مُقتضب، متعهدًا باستخدام السلاح النووي في مواجهة التهديدات النووية، بحسب ما جاء في وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية. وأجرت بيونغ يانغ تجربتها الصاروخية قبل ساعات من افتتاح منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ الذي يضم 21 دولةً في العاصمة التايلندية بانكوك.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي، اجتماعًا يوم الاثنين، لبحث الملف الكوري الشمالي، بعد التجربة الصاروخية الأخيرة. وبعد سقوط  الصاروخ داخل المنطقة الاقتصادية الخاصة باليابان قرب جزيرة هوكايدو الشمالية، وعلى بعد حوالي 200 كم من السواحل اليابانية، وصف رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا التجربة الصاروخية بأنها "غير مقبولة إطلاقًا"، مشيرًا إلى "عدم ورود أنباء عن وقوع أضرار بأي سفن أو طائرات"، وأضاف كيشيدا أن "اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية يجب أن تنسق بشكل وثيق العمل على النزع الكامل للسلاح النووي لكوريا الشمالية".

بدورها، نقلت وكالة "يونهاب" للأنباء الكورية الجنوبية عن هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية بأن "كوريا الشمالية أطلقت صباح الجمعة ما يبدو أنه صاروخ باليستي عابر للقارات نحو الشرق"، وأضافت أن "الجيش الكوري الجنوبي يجري تحليلًا مفصلًا للتحقق من تفاصيل الصاروخ".

من جهتها، تعهدت الولايات المتحدة بضمان أمنها وأمن حلفائها، وقال البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة ستتخذ كافة الإجراءات الضرورية لضمان أمنها وأمن حلفائها في اليابان وكوريا الجنوبية"، وأشار الناطق باسم مجلس الأمن القومي أدريين واتسون إن "هذا الإطلاق يشكل انتهاكًا صارخًا للعديد من قرارات مجلس الأمن الدولي، ويثير بلا داعٍ توترًا ومخاطر زعزعة استقرار الوضع الأمني في المنطقة"، لافتًا النظر إلى أن "الرئيس جو بايدن، وفريقه سيواصلان المشاورات الوثيقة مع الحلفاء والشركاء".

كما عقدت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس اجتماعًا طارئًا على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في العاصمة التايلندية بانكوك مع قادة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وكندا ونيوزيلندا لبحث إطلاق كوريا الشمالية صاروخًا بعيد المدى، وندد المجتمعون بالعملية، ودعوا إلى رد فعل موحد إزاء هذه الخطوة. 

وقالت نائبة الرئيس الأمريكي إن "هذا السلوك الذي قامت به كوريا الشمالية مؤخرًا هو انتهاك صارخ للعديد من قرارات الأمم المتحدة"، معتبرةً أن التجربة الصاروخية "تزعزع الأمن في المنطقة وتزيد من التوترات دون داع". 

بدوره، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وقوف بلاده إلى جانب حلفائها في المنطقة لضمان إيقاف كوريا الشمالية "عملياتها الاستفزازية". كما قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي إن "إطلاق الصواريخ عمل طائش"، وأضاف "نحن مع العالم، وبالتأكيد مع حلفائنا في موقف المعارضة والإدانة لهذا العمل بأشد العبارات الممكنة". أمّا رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن فقالت إنها "تدرك حالة القلق والمخاوف الشديدة والتهديد الأمني الذي تشعر به اليابان وكوريا الجنوبية".

getty

يأتي إطلاق الصاروخ بعد 24 ساعةً من إطلاق بيونغ يانغ صاروخًا باليستيًا قصير المدى، بعد ساعات من  تحذير وزيرة خارجية كوريا الشمالية تشوي سون هوي من "ردود عسكرية أعنف" على التحركات الأمريكية في المنطقة، قائلةً إن "واشنطن تقوم بمقامرة ستندم عليها". كما نقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية، عن أمين اللجنة المركزية لحزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية باك جونغ تشون، تحذيره للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من أي محاولة للهجوم، في إشارةٍ للتدريبات المشتركة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وقال تشون "إذا حاولت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية استخدام القوات المسلحة ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، فإن الوسائل الخاصة لقواتنا المسلحة ستنفذ مهمتها الاستراتيجية دون تأخير، وسيتعين على الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مواجهة وضع مروع ودفع أغلى ثمن في التاريخ".

من جهتها، نقلت وكالة "ريا نوفوستي" للأنباء الروسية عن نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف قوله إن "موسكو قلقة من الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وتدعو الأطراف المعنية إلى الابتعاد عن المواجهة، وقال ريابكوف إن "موسكو تبقى وفية للبحث عن حل دبلوماسي لشبه الجزيرة الكورية، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة يفضلون مسارًا مختلفًا، كما لو أنهم يختبرون صبر بيونغ يانغ"، وتابع ريابكوف "نحن نراقب الوضع بقلق".

وكانت كوريا الشمالية، قد أطلقت بداية الشهر الحالي عددًا من الصواريخ الباليستية، وتسبب أحد الصواريخ  في إطلاق طوكيو إنذارًا للسكان في وسط البلاد للاحتماء في أماكن مغلقة، فيما حذرت الحكومة من إمكانية  تحليق أحد الصواريخ فوق البلاد، إلّا أنها عادت في وقت لاحق لتنفي الأمر. وجاءت تجربة الصاروخ البالسيتي، بعد يومٍ واحدٍ من تجربة كوريا الشمالية 23 صاروخًا، وهو أكبر عدد في يوم واحد، سقط أحدها ولأول مرة على بعد أقل من 60 كم من سواحل كوريا الجنوبية، الأمر الذي دفع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول لوصف التجربة الصاروخية بأنها "تعدٍ على الأراضي الكورية".

getty

وتتعامل كوريا الشمالية، مع المناورات العسكرية بين سيول وواشنطن، باعتبارها تمهيدًا لغزوها. ففي آب/ أغسطس الماضي، أجرت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أوسع مناورات مشتركة بين البلدين منذ العام 2018، وتصاعدت التوترات في المنطقة مطلع تشرين أول/ أكتوبر الماضي بعدما أرسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات رونالدو ريغان إلى المنطقة للمرة الأولى منذ 5 سنوات، وأجرت تدريبات بحرية مشتركة مع البحرية الكورية الجنوبية. فيما ردت عليها كوريا الشمالية بالتهديد باستخدام السلاح النووي، وقالت كوريا الشمالية إن سلسلة تجاربها الصاروخية الأخيرة كانت تحاكي استهداف كوريا الجنوبية بوابل من الأسلحة النووية التكتيكية، وأشارت إلى أن "سلسلة التجارب الصاروخية التي أجرتها مؤخرًا كان الهدف منها التحذير بعد تدريبات بحرية واسعة النطاق أجرتها القوات الكورية الجنوبية والأمريكية". 

سجل العام 2022 رقمًا قياسيًا للتجارب الصاروخية الكورية الشمالية، فقد وصل إجمالي الصواريخ البعيدة وقصيرة المدى التي تم إطلاقها إلى حوالي 50 صاروخ

هذا وقد سجل العام 2022 رقمًا قياسيًا للتجارب الصاروخية الكورية الشمالية، فقد وصل إجمالي الصواريخ البعيدة وقصيرة المدى التي تم إطلاقها إلى حوالي 50 صاروخ، ودافعت بيونغ يانغ عن سلسلة تجاربها الصاروخية، بالقول إنها "رد مشروع  على التهديدات العسكرية الأمريكية المباشرة".