23-أبريل-2021

صورة تعبيرية (Getty)

أصبحت التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ أكثر وضوحًا بفعل ما ينتج عنها من كوارث وما تخلفه من دمار على الكائنات الحية والنظم الإيكولوجية وعلى تقلبات الطقس في أنحاء العالم. إلا أنه كلما صارت التأثيرات أشد كلما بدأت المعلومات المضللة حول تغير المناخ بالانتشار بشكل أوسع من أجل رد أسباب ما يحصل إلى عوامل أخرى بعيدة عن تغير المناخ. ويمكن الاستدلال مثلًا بالعاصفة التي ضربت ولاية تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي وترك الملايين من الأمريكيين دون تدفئة. وكذلك حرائق الغابات التي ضربت ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وتم رد هذه الكوارث البيئية إلى موجة من الادعاءات الكاذبة التي تسعى بشكل دؤوب إلى ربط ما يحصل بالسياسة، أي بكونه عملًا سياسيًا مقصودًا وموجهًا، أو ربط هذه الكوارث بأسباب أخرى مثل تنظيم الطاقة او الإهمال البشري وغيرها، فيما تبتعد الادعاءات عن البحث في أسباب أساسية تتعلق بتغير المناخ وآثاره وأسبابه ومسؤوليات الدول والشركات الكبرى في ذلك، بحسب ما نقلت شبكة abc News الأمريكية في تقرير لها بهذا الخصوص. 

تشتهر المواقع الإلكترونية الموصوفة بأنها مواقع "نظرية مؤامرة" بنشر ادعاءات مغلوطة حول التغير المناخي

وقد حذر علماء المناخ لسنوات من أن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض من شأنه أن يسبب العديد من العواصف المدمرة، وقد بدأ البعض في البحث عن تفسيرات أخرى لتقلبات الطقس والعواصف وانقطاع التيار الكهربائي الناجم عن العواصف. فقد قدم موقع The Gateway Pundit ادعاء بأن سياسات الطاقة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي جو بايدن منعت محطات تكساس بطريقة أو بأخرى من توليد الطاقة التي تحتاجها الولاية، و"أدت إلى تجميد سكان تكساس حرفيًا حتى الموت". ونشر موقع نظرية المؤامرة Infowars قصة غير صحيحة تمت مشاركتها 70 ألف مرة على فيسبوك وتويتر. وبعد أيام، غردت النائبة الأمريكية لورين بويبرت، بولاية كولورادو، على تويتر لمتابعيها البالغ عددهم 100 ألف متابع بأن سياسات جو بايدن في مجال الطاقة "تترك الملايين من سكان تكساس يتجمدون حتى الموت". لكن ما أشارت إليه الأسوشيتد برس في تقريرها هو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كانت قد أعطت الإذن للسلطات المحلية في ولاية تكساس لتوفير ما يكفي من الطاقة للسكان.

اقرأ/ي أيضًا: القاضية غادة عون تتسبب بانقسام عبر السوشيال ميديا في لبنان

وبالنسبة لعلماء المناخ فإن هذه الادعاءات المغلوطة تشكل تحولًا مهمًا. قديمًا كان التركيز على الإنكار، أما اليوم فقد صارت المعلومات المضللة المناخية تركز على ظواهر الطقس المتطرف في المناطق المحلية أو ضمن بعض البلدان لكنها تهمل رؤية الصورة الكلية التي تقف خلف الكوارث البيئية وفي مقدمتها النشاط الاقتصادي وطبيعة الإنتاج والاستهلاك العالميين. في هذا الصدد قال عالم المناخ في جامعة ولاية بنسلفانيا، مايكل مان، "إن إنكار تغير المناخ أو الآثار المترتبة عليه ليس من المعقول، فالناس يرون آثار تغير المناخ الكارثية بأم أعينهم".

كما يمكن الاستدلال بما حللته إحدى وسائل الإعلام، Zignal Labs لملايين من منشورات وسائل التواصل الإجتماعي والقصص الإخبارية وغيرها من المحتوى المنشور عبر الإنترنت ووجدت أنه بشكل عام بلغت المحادثات حول تغير المناخ طيلة السنة الماضية ذروتها خلال الكوارث الطبيعية البارزة، بما في ذلك عاصفة تكساس وحرائق الغابات في كاليفورنيا. وبشكل عام، زاد أيضًا ذكر الكوارث الطبيعية على الإنترنت وعلاقتها بتغير المناخ بنسبة 27%. كما تظهر الدراسات الاستقصائية أن الطقس القاسي يغير تفكير الناس بشأن تغير المناخ. ووفقًا لاستطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس عام 2019، فقد قال ما يقرب من 75% من الأمريكيين بأن آرائهم حول تغير المناخ تأثرت بالطقس القاسي في السنوات الخمس السابقة.

ومع قول حوالي 7 من كل 10 أمريكيين أنهم يعتقدون أن تغير المناخ قضية حقيقية، وهذا أمر إيجابي لأنه يدل على زيادة فهم الجمهور للمشكلة، ولكنه يخلق أيضًا فرصًا جديدة لأولئك الذين ينشرون معلومات زائفة عبر الإنترنت وتنتشر بسرعة. فهناك فئة لا تزال تحمل الشكوك على ما يحصل ومنها نظرية المؤامرة أو طرح تفسيرات لا تمت بصلة للأمر، فقد زعم البعض مثلًا  أن جو بايدن يمتلك قدرة تكنولوجية على التحكم في الطقس وهو المتسبب بذلك. وأما النائبة الأمريكية مارجوري تايلور غرين فتكهنت ما إذا كانت الحرائق تسبب بها لايزر قادم من الفضاء.

فيما لا تزال هذه المعلومات المضللة موجودة على الإنترنت، على الرغم من المحاولات المعلنة من جانب الكثير من المنصات الإلكترونية للقضاء عليها. ففي حين أزال كل من فيسبوك وتويتر ويوتيوب محتوى ينشر معلومات مضللة حول فيروس كورونا والانتخابات الأمريكية الأخيرة، إلا أن مراقبون يجدون أن المنصات الإلكترونية كانت متساهلة عندما يتعلق الأمر بالمعلومات المضللة المناخية. وقال متحدث باسم فيسبوك إن المنصة تبذل جهودًا أكثر من أي وقت مضى لربط المستخدمين بمعلومات دقيقة حول تغير المناخ. ومركز معلومات علوم المناخ التابع له، الذي أنشئ في العام الماضي، متاح الآن في 16 بلدًا و9 لغات، ولديه قسم جديد مخصص لفلترة الأخبار المغلوطة عن تغير المناخ. وكذلك تفعل الشركات الصناعية التي تبث أخبار مغلوطة لتحييد مسؤوليتها عن التلوث، إلا أن المسألة صارت أصعب بالنسبة إليهم لأن الجمهور أصبح أكثر وعيًا، بحسب ما أشارت النائبة الأمريكية ورئيسة لجنة المناخ في مجلس النواب، كاثي كاستور.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2021.. التراجع مستمر

جريمة جديدة في الكويت ضد امرأة تشعل موجة غضب على السوشيال ميديا