15-يوليو-2023
كان رئيس الزوراء الهندي ضيف الشرف في احتفالات العيد الوطني الفرنسي (GETTY)

كان رئيس الزوراء الهندي ضيف شرف في احتفالات العيد الوطني الفرنسي (GETTY)

قلد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الوسام الأرفع للجمهورية الفرنسية، وهو وسام جوقة الشرف من رتبة الصليب الأكبر، وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان، إن "هذا الوسام يشكل تحية لدور رئيس الوزراء في علاقة الصداقة والثقة الممتازة بين باريس ونيودلهي".

وجه الرئيس الفرنسي كلامه لرئيس الوزراء الهندي، قائلًا: "سنواصل تعزيز علاقة الثقة التاريخية بين بلدينا، اللذين يحتفلان بالذكرى الخامسة والعشرين لشراكتهما الاستراتيجية"

تعزيز التعاون المشترك

في حين قال رئيس الوزراء الهندي، بعد تقلده الوسام "بتواضعٍ كبير أقبل وسام جوقة الشرف من رتبة الصليب الأكبر. إنه لشرف كبير لسكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة"، وأضاف "أشكر الرئيس إيمانويل ماكرون، حكومة وشعب فرنسا. ما يدل على محبتهم العميقة تجاه الهند والسعي وراء الصداقة مع أمتنا".

وفي خطاب مشترك قبل عشاء في متحف اللوفر، وجه الرئيس الفرنسي كلامه لرئيس الوزراء الهندي، قائلًا: "سنواصل تعزيز علاقة الثقة التاريخية بين بلدينا، اللذين يحتفلان بالذكرى الخامسة والعشرين لشراكتهما الاستراتيجية".

تنا

وعن المبادرة المشتركة بين فرنسا والهند، التي تم إطلاقها خلال قمة المناخ "COP 21" لدعم الطاقة الشمسية، قال الرئيس الفرنسي إنه "يجب أن يتجاوز التحالف الدولي للطاقة الشمسية الهدف الأولي المتمثل في تركيب ألف جيغاوات بحلول العام 2030"، وأضاف: "سنكون قادرين على المضي أبعد من ذلك مع شركائنا الدوليين".

وعلى الصعيد الدولي، أوضح ماكرون: "نتقاسم القلق المشترك من خطر تفكك المجتمع الدولي، في ضوء الحرب في أوكرانيا"، وأضاف "لدينا الهدف نفسه المتمثل في السعي لتحقيق سلام دائم والرد على هذه الحرب العدوانية على البلدان الأكثر ضعفًا، خصوصًا من حيث الأمن الغذائي والقدرة على التمويل".

في السياق ذاته، ومع أن الهند تواصل التعاون مع روسيا، على الرغم من قطع الغرب علاقاته معها منذ غزو أوكرانيا، إلا أنها تتبع سياسة التعددية في علاقاتها الخارجية، وأشار رئيس الوزراء الهندي إلى أن "الهند مستعدة للمساهمة في استعادة السلام الدائم".

علاقات استراتيجية

ضيف شرف والمواقف المشتركة

وعن العلاقة مع فرنسا، قال مودي "نعتبر فرنسا شريكًا طبيعيًا.. لقد وضعنا خارطة طريق للسنوات الـ25 المقبلة"، وأضاف أن "تعزيز علاقاتنا الاقتصادية هو أولويتنا المشتركة"، مشيرًا إلى "التعاون على المستوى الدفاعي".

وخلال مقابلة مع صحيفة "ليزيكو" الفرنسية، تحدث رئيس الوزراء الهندي عن تقارب المواقف الهندية الفرنسية، قائلًا: "لدينا رغبة الاستقلالية الاستراتيجية نفسها. يتمسك بلدانا بعمق بالقانون الدولي ونريد أن يكون العالم متعدد الأقطاب"، مؤكدًا أن الهند ترى في فرنسا "أحد شركائها الدوليين الرئيسيين".

وكان مودي، قد تم اختياره ليكون ضيف شرف احتفالات العيد الوطني في 14 تموز/ يوليو، وحضر مع الرئيس الفرنسي صباح الجمعة العرض العسكري لليوم الوطني في جادة الشانزليزيه، الذي شاركت فيه كتيبة هندية، بالإضافة إلى ثلاث طائرات من طراز "رافال".

وتزايد نفوذ الهند بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة وأنها تحتل حاليًا رئاسة "مجموعة العشرين"، في  المقابل نجحت فرنسا في نسج علاقة مميزة مع الهند "لأنها نادرًا ما تُعلّق على الشؤون الهندية الداخلية، وهذا ما ترحّب به الهند".

ويشير مدير الأبحاث في مركز البحوث الدولية في جامعة العلوم السياسية بباريس، والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي كريستوف جافريلوت، خلال مقابلة صحفية، إلى أن الهند تُعدّ شريكًا مهمًا لفرنسا في جهودها لإيجاد ثقل موازي للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ - وهي استراتيجية تنفذها الولايات المتحدة ، التي استقبلت مودي بحفاوة.

وفي الحالة الفرنسية ، فإن التحدي الذي يمثله هذا النهج أكبر لأن فرنسا قوة مقيمة في المحيط الهندي، حيث تسعى نيودلهي وباريس إلى مزيد من التعاون. ومن ناحية أخرى، يمكن تجسيد المصلحة في الدبلوماسية الاقتصادية التي تشغل مساحة أكبر وأكثر والتي تعتبر العقود التجارية محورها، سواء كانت تتعلق  بالصناعة العسكرية أو الصناعات التكنولوجية.

لقاء لمنتدى الرؤساء التنفيذيين الفرنسيين والهنود

عقود واتفاقيات

هذا، وأعلنت الهند الخميس، موافقتها "مبدئيًا" على شراء 26 طائرة "رافال"، و3 غواصات "سكوربين" من فرنسا، وتعتبر الهند زبون مهم لصناعة الأسلحة الفرنسية منذ الثمانينيات.

وقالت وزارة الدفاع الهنديّة في بيان، إن "المجلس المسؤول عن مشتريات الدفاع قد وافق على مقترحات للشراء"، وأضاف البيان أنه "ما زال يتعيّن التفاوض على السعر، وشروط أخرى مع الحكومة الفرنسية".

ومقاتلات "رافال" التي ستشتريها الهند مخصّصة لحاملة الطائرات الهنديّة "أيه إن سي فيكرانت" المحلية الصنع.

وأشار البيان، إلى أن الهند أتمت صفقة شراء 6 غواصات سكوربين، 3 منها ستصنعها شركة "مازغون دوك" بالقرب مومباي، ما سيوفر "فرص عمل كبيرة في القطاع المحلي"، بحسب ما جاء في البيان.

كما تم الكشف عن التوقيع على عدة اتفاقات تعاون مشترك في المجال الفضائي، من بينها وضع نظام مشترك للمراقبة البحرية عبر الأقمار الاصطناعية، وإطلاق بناء قمر صناعي فرنسي-هندي يعمل بالأشعة تحت الحمراء.

هذا، وعقد الرئيس الفرنسي، ورئيس الوزراء الهندي، اجتماعًا مشتركًا، لمنتدى الرؤساء التنفيذيين الفرنسيين والهنود، حضره كبار المديرين التنفيذيين في مجال الطيران والتصنيع والدفاع والتكنولوجيا والطاقة.

وشدد رئيس الوزراء الهندي على الدور الذي يلعبه العاملين في هذه الصناعات في "تعزيز العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الهند وفرنسا"، وسلط  مودي الضوء على "التقدم الذي أحرزته الهند في مجال مصادر الطاقة المتجددة، والشركات الناشئة للأدوية، وتكنولوجيا المعلومات والمدفوعات الرقمية والبنية التحتية، والمبادرات المختلفة التي تم الاضطلاع بها لتعزيز الأعمال".

وشجع رئيس الوزراء الهندي، الرؤساء التنفيذيين الفرنسيين على الاستفادة من فرص الاستثمار في الهند وأن يكونوا جزءًا من نمو الهند.

وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، قد وصل الخميس إلى باريس في زيارة تستمر يومين، وكانت رئيسة الحكومة الفرنسية اليزابيت بورن في استقباله.

وكتب مودي عند وصوله في تغريدة على حسابه في تويتر، قال فيها: "أتطلع لتعزيز التعاون بين الهند وفرنسا خلال هذه الزيارة".

انتقادات حقوقية للزيارة

وحذّر مراقبون من أن باريس توجه رسالة خاطئة، بحفاوة الاستقبال الذي حَظِيَ به رئيس الوزراء الهندي، في حين تم التغاضي عن الانتهاكات الحقوقية في الهند خصوصًا ضد الأقليات الدينية وتحديدًا المسلمين، وعن تراجع الحياة الديمقراطية في عهد مودي.

وقد انتقدت منظمات حقوقية، وأحزاب سياسية يسارية وبيئية، وشخصيات فرنسية، وهندية معارضة، زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى فرنسا.

وندد موقعون على بيان نشرته صحيفة "لومانيتيه" اليسارية الفرنسية، جاء تحت عنوان "عدو حقوق الإنسان في باريس يوم 14 تموز/يوليو"، جاء فيه: "سيكون رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ضيف الشرف في 14 تموز/يوليو في فرنسا، في يوم الحرية، في يوم حقوق الإنسان.. لم يتوقف ناريندرا مودي، منذ أن تولى السلطة في عام 2014 مع حكومته القومية الهندوسية، على تقويض حقوق الإنسان، والديمقراطية في الهند، ناريندرا مودي، الذي كان وزيرًا لولاية غوجارات عام 2002، هو الذي غطى على المذابح المعادية للمسلمين، والتي أودت بحياة أكثر من 2000 شخص. 

في ظل حكمه، تم ترهيب وسجن المعارضين، والاعتداء على الأقليات المسلمة والمسيحية، والاعتداء على حرية الصحافة، والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان.. كلها حقائق في الهند، وأضاف البيان: تتعرض "أكبر ديمقراطية في العالم للخطر مع وجود حكومة استبدادية بشكل متزايد".

خرج العشرات من المتظاهرين في العاصمة الفرنسية ضد زيارة مودي

وقال مدير مكتب منظمة "هيومن رايتش ووتش" في باريس فيليب بولوبيون، "في 14 تموز/يوليو نحتفي بالحرية والمساواة وثمة خيار واضح لنظهر للهند أن فرنسا مستعدة لعلاقة معمقة واستراتيجية أكثر"، وأضاف "لكن هذه العلاقة يجب أن تستند إلى أسس متينة وقيم مشتركة، واحترام حقوق الإنسان جزء من هذه القيم".

هذا، وخرج عشرات من المتظاهرين بينهم نواب اليسار الراديكالي الخميس في باريس للاحتجاج على هذه الزيارة، ورفعوا لافتات كتب على أحدها "الاستقبال الحار لعدو حقوق الإنسان".

زكي وزكية الصناعي

وكانت العديد من الشخصيات الفرنسية قد عبرت عن استيائها من خلال عريضة نشرتها صحيفة" ليبراسيون " الفرنسية في أيار/ مايو الماضي، وقال الموقعون "يجب إن يكون المرء إما جاهلًا تمامًا بالسياق السياسي الداخلي لشبه القارة الهندية، أو يكون ساخرًا تمامًا لجعل السيد مودي ضيف شرف الجمهورية الفرنسية في أكثر أيام السنة رمزية".