18-سبتمبر-2023
الصين الولايات المتحدة

اللقاء أعلن عنه بشكلٍ مفاجئ ويهدف إلى تهدئة التوترات بين البلدين (Getty)

التقى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بوزير الخارجية الصيني، وانغ يي، وذلك في مالطا مطلع الأسبوع الجاري، ضمن مساعي بكين وواشنطن إلى التخفيف من حدة التوترات في علاقتهما والتوصل إلى حالة استقرار، مع السعي إلى ترتيب اجتماع بين جو بايدن وشي جين بينغ. 

وفي الأثناء كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز عن تفاصيل ما وصفها حرب جواسيس خطرة بين بكين وواشنطن يستخدم فيها الذكاء الصناعي وتضمنت عمليات سرية في بروكسل وسنغافورة وأبو ظبي.

يُعدّ اجتماع جاك سوليفان مع وزير الخارجية الصيني هو الأحدث في سلسلة من المحادثات الرفيعة المستوى بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين

اجتماع سوليفان مع وانغ يي

ويُعدّ اجتماع جاك سوليفان مع وزير الخارجية الصيني هو الأحدث في سلسلة من المحادثات الرفيعة المستوى بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين. وينظر إلى اللقاء بوصفه مساهمة جديدة في مساعي لقاء رئيسي البلدين، خاصة أن بايدن أعرب في قمة العشرين بدلهي عن خيبة أمله لعدم لقاء نظيره الصيني شي جين بينغ. وتعد قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك) التي ستنعقد في سان فرانسيسكو في تشرين الثاني/ نوفمبر الفرصة الأخيرة للقاء المرتقب هذا العام بين قائدي أكبر اقتصادين في العالم.

وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض يوم الأحد، أن المسؤولين ناقشا العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين والمخاوف الأمنية العالمية والإقليمية والحرب الروسية ضد أوكرانيا والقضايا المتعلقة بمضيق تايوان.

وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الجانبين توصلا إلى اتفاق للحفاظ على الاتصالات رفيعة المستوى وإجراء مشاورات ثنائية بشأن آسيا والمحيط الهادئ والقضايا البحرية والسياسة الخارجية.

وبشكل منفصل، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن، هناك علامات مبكرة "محدودة" على أن الاتصالات العسكرية بين الجانبين قد تبدأ في العودة.

وأضاف المسؤول الأمريكي لرويترز "كانت هناك بعض المؤشرات الصغيرة أو المحدودة" على أن بكين مستعدة لإعادة فتح بعض الاتصالات العسكرية المستخدمة لتهدئة الصراع بين البلدين بعد قطع تلك العلاقات بعد زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان في آب/أغسطس 2022.

getty

والاجتماعات بين وانغ وسوليفان هي الأولى لهما منذ أيار/ مايو، وبعد أربعة أشهر من أمر بايدن للطائرات المقاتلة الأمريكية بإسقاط منطاد تديره الصين قبالة الساحل الأمريكي، الذي اعتبرته الإدارة الأمريكية منطاد تجسس، فيما أصرت الصين على أنه مخصص للأبحاث.

وتسبب سقوط المنطاد في وقت لاحق في قيام إدارة بايدن بإلغاء رحلة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكين.

وقالت القراءة التي قدمها البيت الأبيض يوم الأحد، إن الاجتماع بين سوليفان ووانغ كان جزءًا من "الجهود المستمرة للحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة وإدارة العلاقة بشكل مسؤول".

وأضاف البيان أن المحادثات بنيت على محادثات بالي واجتماعات سوليفان ووانغ في أيار/ مايو والزيارات الدبلوماسية الأمريكية لبكين على مدى الأشهر القليلة الماضية التي قام بها بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين والمبعوث الخاص للمناخ جون كيري ووزيرة التجارة جينا ريموندو.

وجاء في البيان الأمريكي أن سوليفان "أشار إلى أهمية السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان" خلال الاجتماعات. 

وبحسب بيان وزارة الخارجية الصينية، حذر وانغ الولايات المتحدة من أن تايوان هي "أول خط أحمر لا يمكن التغلب عليه في العلاقات الصينية الأمريكية". وقال وانغ إن التنمية في الصين تتمتع "بزخم داخلي قوي" و"لا يمكن إيقافها"، وإن "حق الشعب الصيني المشروع في التنمية لا يمكن حرمانه منه".

وكان آخر لقاء بين بايدن وتشي في 2022 على هامش قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في جزيرة بالي الإندونيسية.

وفي حزيران/ يونيو الماضي ماثل بايدن بين تشي والدكتاتوريين، في وصف اعتبرته الخارجية الصينية "ينتهك بشدة الكرامة السياسية للصين، ويصل إلى حد الاستفزاز السياسي العلني"، ليعود بايدن ليعلق على الوصف قائلًا "لا أعتقد أنّ ذلك كان له أي عواقب حقيقية"، معربًا عن أمله أن يلتقي" الرئيس شي في وقت ما في المستقبل، في الأمد القريب".

وكانت حادثة المنطاد الصيني الذي أسقطه الجيش الأمريكي في سماء الولايات المتحدة ذروة التوتر في العلاقة، قبل أن تسهم زيارات المسؤولين الأمريكيين المتواصلة في التهدئة بداءً بزيارة بابلينكن مرورا بزيارة وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموند، ووزيرة الخزانة جانيت يلين، وصولًا للقاء الجديد بين جيك سوليفان ووزير الخارجية الصيني في مالطا هذا الأسبوع.

حرب الجواسيس

تخوض الولايات المتحدة والصين، حسب تقرير لنيويورك تايمز، حرب تجسس دولية سرية محفوفة بالمخاطر، هدفها الحصول على الأسرار عن تفكير القيادات والقدرات العسكرية. واتخذ البلدان، حسب التقرير، خطوات جريئة مؤخرا في هذا الصدد.

ويزعم التقرير رصد الاستخبارات الأمريكية إشارات عن غضب الرئيس الصيني من القيادات العسكرية الصينية على خلفية انحراف المنطاد الصيني باتجاه المجال القاري للولايات المتحدة في شباط/ فبراير، حيث ترجح المخابرات الأمريكية تعرض شي، الذي لم يعارض العملية التجسسية المحفوفة بالمخاطر ضد الولايات المتحدة، للتضليل من طرف الجيش الصيني.

ووفقًا لمعلومات حصلت عليها نيويورك تايمز، عندما علم شي عن مسار المنطاد، وعرف أنه سيُفشل لقائه مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبّخ جنرالاته لعدم إخباره أن المنطاد انحرف عن مساره، وذلك بحسب مسؤولين أمريكيين.

ويزعم التقرير أن الرئيس الصيني دفع مخابراته الخارجية لزيادة نشاطاتها في مناطق بعيدة.

وتهدف الجهود التجسسية التي يقوم بها البلدان، حسب التقرير، للإجابة على سؤالين صعبين: "ما هي نوايا قيادات الدولة المنافسة؟ وما هي القدرات التكنولوجية والعسكرية الواقعة تحت سيطرتها؟".

getty

وتركز المخابرات الأمريكية على نحو خاص على الرئيس الصيني وتفكيره ونواياه، خاصة فيما يتعلق بتايوان.

وخلال الـ12 شهرًا الماضية حددت السي آي أي، عمليات اختراق من مواطنين صينيين لقواعد عسكرية على التراب الأمريكي.

وفي هذا الصدد، يقول الأمريكيون إن "جهود الصين التجسسية تمس كل ملامح الأمن الوطني والدبلوماسي والتكنولوجيا التجارية المتقدمة في الولايات المتحدة والدول الشريكة".

ويستخدم الطرفان الذكاء الصناعي في نزاعهما التجسسي والطائرات المسيرة فضلًا عن تجنيد الوكلاء واستخدام منصات التواصل الاجتماعي، حيث يستخدم الصينيون منصات التواصل الاجتماعي خاصة "لينكد إن" لجذب مجندين محتملين. ففي كل مرة يقوم فيها مواطن أمريكي بالكشف عن وظيفة أمنية، فهم يتوقعون سيلًا من الاتصالات من مواطنين صينيين والإعلام المحلي، بحسب المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين.

وأنشأت البلدان المتنافسان، حسب تقرير نيويورك تايمز، مواقع تنصت واتفاقيات مشاركة بالاستخبارات مع حكومات أخرى. وفي هذا الاتجاه زاد العملاء الأمريكيون والصينيون من عملياتهم ضد بعضهم البعض، وفي مدن مهمة من بروكسل إلى أبو ظبي وسنغافورة، حيث يحاول كل طرف التأثير على المسؤولين الأجانب وتجنيد أرصدة.

توتر على حدود تايوان

وحثت وزارة الدفاع التايوانية الصين، اليوم الإثنين، على وقف "السلوك المدمر والأحادي الجانب"، بعد الإبلاغ عن ارتفاع شديد في الأنشطة العسكرية الصينية بالقرب من الجزيرة، محذرة من أن مثل هذا السلوك قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في التوترات.

وأجرت الصين، التي تعتبر تايوان الخاضعة للحكم الديمقراطي جزءًا من أراضيها، في السنوات القليلة الماضية، تدريبات عسكرية منتظمة حول الجزيرة في إطار سعيها لتأكيد مطالبها السيادية، والضغط على تايبيه.

قالت وزارة الخارجية الصينية إن الجانبين توصلا إلى اتفاق للحفاظ على الاتصالات رفيعة المستوى وإجراء مشاورات ثنائية بشأن آسيا والمحيط الهادئ والقضايا البحرية والسياسة الخارجية

وقالت الوزارة إنها رصدت منذ أمس الأحد، 103 طائرات عسكرية صينية فوق البحر، وهو رقم وصفته بأنه "رقم مرتفع في الآونة الأخيرة".

وأظهرت خريطتها للأنشطة الصينية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، طائرات مقاتلة تعبر خط الوسط ​​لمضيق تايوان، الذي كان يمثل حاجزًا غير رسمي بين الجانبين، حتى بدأت الصين عبوره بانتظام قبل عام. وحلّقت طائرات أخرى جنوب تايوان، عبر قناة باشي التي تفصل الجزيرة عن الفيليبين.