19-يونيو-2021

بفوز رئيسي تهيمن الحركة المحافظة بشكل كامل على السياسة في إيران (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

أصبحت الحركة المحافظة داخل إيران تهيمن بشكل كامل على مفاصل الحكم الرئيسية في البلاد، بعدما أعلن رئيس اللجنة الانتخابية العليا جمال عارف، صباح اليوم السبت، فوز المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي بانتخابات الرئاسة الإيرانية، والذي يأتي في وقت يشهد فيه الاتفاق النووي الإيراني بوادر التوصل لاتفاق بين طهران وواشنطن، وهو ما قد يعرقل أيضًا الجهود الدولية لوصول إلى تسوية.

أصبحت الحركة المحافظة داخل إيران تهيمن على مفاصل الحكم الرئيسية في البلاد، بعدما أعلن رئيس اللجنة الانتخابية العليا جمال عارف، صباح اليوم السبت، فوز المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي بانتخابات الرئاسة الإيرانية

إيران تنتخب إبراهيم رئيسي  

نقلت وسائل إعلام إيرانية مختلفة أن عارف أعلن فوز رئيس الهيئة القضائية رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، مشيرًا إلى حصوله على 17.8 مليون صوت، وتابع المسؤول الإيراني مضيفًا أن المرشح محسن رضائي ميرقائد حصل على 3.3 مليون صوت، وجاء خلفه عبد الناصر همتي بحصوله على 2.3 مليون صوت، وأخيرًا أمير حسين قاضي زادة الذي حصل على مليون صوت، وبحسب ما ذكر عارف فإن إجمالي عدد الإيرانيين الذين شاركوا في انتخابات الرئاسة بلغ 28.6 مليون صوت من أصل 59.3 مليون إيراني يحق لهم الاقتراع.

اقرأ/ي أيضًا: سياسة "اللاسياسة".. الحكومة الإيرانية تتحضر للأسوأ في مكافحة كورونا

وكما كان متوقعًا لم تسجل الانتخابات الإيرانية أي مفاجأة تذكر على صعيد فوز رئيسي، بعدما رفض مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة الأعلى نفوذًا في إيران، طلبات عشرات المرشحين المعتدلين أو المحافظين، بمن فيهم النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، فيما انسحب من سباق الانتخابات في وقت سابق، كلًا من السكرتير السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، النائب علي رضا زكاني، ونائب الرئيس السابق محسن مهرالزاده.

وكانت الانتخابات التشريعية الإيرانية التي أجريت في شباط/فبراير الماضي قد أوصلت التيار المتشدد إلى السيطرة على البرلمان الإيراني، بعدما رفض مجلس صيانة الدستور آلاف طلبات الترشح، كان غالبية مقدّميها من المعتدلين والإصلاحيين، وهو ما أفضى في النهاية لحصر المنافسة الانتخابية بين المحافظين المتشددين ومرشحين آخرين يدينون بالولاء لخامنئي، في خطوة وصفها المسؤول الإيراني السابق مصطفى تاج زاده حينها، بأنها عبارة عن "تعيينات" تتم بأمر من الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي.

توقعات سابقة بفوز رئيسي بالسباق الانتخابي

منذ ما قبل توجه الإيرانيين إلى صناديق الاقتراع للمشاركة بانتخابات الرئاسة، كانت التوقعات تتحدث عن اعتبار رئيسي المرشح الأوفر حظًا للفوز بسباق الانتخابات، فقد رأت عديد الصحف الغربية أن إقصاء مجلس صيانة الدستور للمرشحين الوسطيين أو المعتدلين حوّل الانتخابات الرئاسية إلى سباق حصان واحد، مرجحين فوز رئيسي فيها نظرًا لعلاقته مع الزعيم الإيراني الأعلى أولًا، وثانيًا لدوره المتشدد الذي ظهر بتوقيعه على أحكام إعدام آلاف الإيرانيين في العام 1988، الأمر الذي دفع واشنطن لإدراج اسمه على لائحة العقوبات الأمريكية.

وعلى الرغم من حديث السلطات المحلية الإيرانية أن نسبة المشاركة بالاقتراع الرئاسي تجاوزت 50 بالمائة، فإن عديد الإيرانيين تحدثوا لوسائل الإعلام الغربية عن رفضهم المشاركة في الانتخابات نظرًا لنتائجها المعروفة مسبقًا، رغم محاولات التلفزيون الرسمي الإيراني إظهار تدافع الإيرانيين ليلًا أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في اللحظات الأخيرة.

وغالبًا ما كان النظام الثيوقراطي الإيراني يستند إلى نسبة الإقبال على الاستفتاء الذي أجري في أعقاب إطاحة الثورة الإيرانية بالشاه محمد رضا بهلوي في عام 1979، بحسب ما ورد في تقرير من إعداد وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، ونظم الاستفتاء حينها لسؤال الإيرانيين عمّا إذا كانوا يريدون نظام الحكم في البلاد إسلاميًا أم غير إسلامي، وبلغت نسبة المشاركة فيه حينها 98.2 بالمائة.

وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن حالة اللامبالاة التي أظهرها الإيرانيون في الانتخابات الحالية جاءت بسبب انهيار الاقتصاد الإيراني، فضلًا عن سوء التعامل مع جائحة فيروس كورنا المستجد، كما أن استبعاد المرشحين الإصلاحيين الذين يحظون بدعم الرئيس روحاني أثرت كذلك على مشاركة الإيرانيين في الانتخابات، علمًا أن الانتخابات التشريعية الأخيرة سجلت أدنى مستوى مشاركة للإيرانيين منذ عام 1979 بنسبة 40 بالمائة فقط.

كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن عدد من الناخبين الإيرانيين رفضهم المشاركة في العملية الانتخابية لاختيار رئيسًا جديدًا للبلاد، وأرجع الناخبون عدم مشاركتهم إلى شعورهم بأن نتائج قد تم التلاعب بها لصالح رئيسي، كما أنهم اتفقوا في حديثهم مع الصحيفة الأمريكية على أن الفساد والأزمة الاقتصادية المتفاقمة برفقة العقوبات الأمريكية تعتبر من أبرز القضايا التي ستواجه الرئيس الإيراني الجديد على المستوى المحلي، فيما قال قسم آخر من الإيرانيين إنهم شاركوا في الانتخابات من باب المسؤولية، وبسبب كرههم للولايات المتحدة.

الملف النووي أبرز التحديات التي ستواجه رئيسي

يأتي فوز رئيسي بانتخابات الرئاسة الإيرانية في الوقت الذي تشهد فيه المفاوضات الإيرانية – الأمريكية تقدمًا ملموسًا، وفقًا لما أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مشيرًا إلى أنهم أصبحوا "أقرب إلى اتفاق من أي وقت مضى ولكن لا تزال هناك بعض القضايا الأساسية التي تحتاج إلى التفاوض"، وتابع مضيفًا بأن الانتخابات الإيرانية "ليس لها تأثير على عملية التفاوض، وسيواصل فريق التفاوض مباحثاته بغض النظر عن السياسة الداخلية".

لكن تأكيدات الدبلوماسي الإيراني للجانب الأمريكي من المرجح أن تصطدم بالموقف المتشدد للرئيس الإيراني الجديد المحسوب على التيار المحافظ، الذي غالبًا ما وصف إدارة الرئيس روحاني بالبراغماتية، وفقًا لموقع ميدل إيست أي البريطاني. مع ذلك فإن الموقع يخالف المحلليين في توقعاتهم بالإشارة إلى إمكانية تسهيل إدارة رئيسي للمفاوضات الإيرانية – الأمريكية المرتبطة بالاتفاق النووي، وهو ما قد يفرض عليه مواجهة تحديات داخلية.

ويرى الموقع البريطاني أن هذه التحديات التي قد يفرضها تسهيل المفاوضات مع الجانب الأمريكي، من الممكن أن يعكسها رئيسي لصالحه من خلال حصوله على دعم الزعيم الإيراني الأعلى، والبرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المتشددون بنسبة كبيرة، وأخيرًا الحرس الثوري الإيراني، وهو ما يعني حصوله على دعم قوي على المستوى المحلي سيجنبه الانتقادات الداخلية، فضلًا عمّا يمثله من انعكاس للقرارات الاستراتيجية التي يصدرها المسؤولون الإيرانيون الأعلى رتبة من رئيسي.

في هذا السياق، يوضح كبير المحللين للشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية نيسان رافاتي في توقعاته لمستقبل المفاوضات الإيرانية – الأمريكية مع فوز رئيسي، بأنه على الرغم من دور الرئيس في السياسة الإيرانية، فإن الأمر عندما يكون مرتبطًا بالسياسة الخارجية فإنه يجب مشاركة البرلمان والمؤسسة العسكرية في صناعة القرار، ومع ذلك فإن الرأي الأخير في أي مسألة مرتبطة بالسياسة الخارجية يكون للزعيم الإيراني الأعلى.

وبحسب ما يرى رافاتي فإن إيران مع فوز رئيسي بالانتخابات ستدخل المفاوضات مع الجانب الأمريكي بدون أن تواجه إدارتها أي انقسامات داخلية، نظرًا لهيمنة المحافظين على كافة المؤسسات التشريعية والتنفيذية في البلاد، وهو ما قد يرتب نتائج عكسية على المفاوضات التي من الممكن أن تصبح أكثر صعوبة، بسبب سياسة المحافظين التي يصفها رافاتي بأنها "أقل تصالحية، وربما أكثر عدائية وحدة".

 إيران مع فوز رئيسي بالانتخابات ستدخل المفاوضات مع الجانب الأمريكي بدون أن تواجه إدارتها أي انقسامات داخلية، نظرًا لهيمنة المحافظين على كافة المؤسسات التشريعية والتنفيذية

وكان موقع أكسيوس الأمريكي قد نقل عن مسؤول أمريكي بدون أن يحدد هويته أن الإدارة الأمريكية ترغب بالتوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران من أجل العودة إلى الاتفاق النووي، قبل تولي الرئيس الإيراني الجديد منصبه في آب/أغسطس القادم، موضحًا أن استمرار المحادثات حتى تلك الفترة سيكون "مقلقًا"، وتابع مشيرًا إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق قبل تشكيل الحكومة الجديدة سيثير تساؤلات جدية حول مدى إمكانية تحقيقها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مباحثات فيينا.. إيران تستبعد التوصل لاتفاق والأوروبيون يتحدثون عن تقدم