13-سبتمبر-2022
لوحة لـ فرج دهام/ قطر

لوحة لـ فرج دهام/ قطر

سأقطفُ وردًا بدلَ الدمعِ من عينيك،

كن على حذرٍ من يدي

بعضُ النساءِ يلبسنَ القديمَ ثم يتزيّن ببعضِ الضحكاتِ

وبعضهن ترتدي الجديد وتخبئُ قديمها على رفٍّ من ورقٍ

الكثير منهن تخلعُ جلدها كاملًا

وتقطعُ أظافرها إلى ليلٍ ثم تخلد إلى الحزن.

كل النساءِ يعلمن أن الصباح الخالي من الندباتِ

صباحٌ فقير

وكل الندبات التي تمسحُ عن وجههن التعبَ

ندباتٌ مضحكة

والأظافر التي كانت تنمو بحب

تركت هذه الندباتِ وقسمت ظهرَ الألم.

*

 

تجتاحني رغبة في اصطيادِ الصباحِ يوميًا

الضوء،

هو أن تسلّم نفسك لليلٍ بعيدٍ حتى تنجبَ وجهًا يسبحُ بك

*

 

لديك قدرةٌ على زرعِ التفاحِ دائمًا

للشجرِ رائحتك

ولدي قدرة على عصر الليمون في عينيّ

وقطف الثمار وأنا أغني.

*

 

آخر مرة قلت فيها: غدًا أجمل

سمعت أمي وهي تعد الشعر الأبيض في رأسي ثم تبكي،

آخر مرة قلت فيها غدًا أجمل

رأيت أخي يجهز أضلعه ليشعل عشرين تعبًا آخر

ثم يطقطق أصابعه ويكسرها.

آخر مرة قلت فيها غدًا أجمل،

قال الأطفال اسمي دون خطأ،

ونادى لي البائع حتى أشتري دخانًا بدل الخبز متمتمًا

نفخي التعب هذا اليوم بدلًا من تناوله فاشتريت الحلوى

وأطعمتها للأطفال لأنني لا أحب خلط التعب بالضحك عادة

آخر مرة قلت فيها غدًا أجمل،

تشققت شفتي كثيرًا وأنا أضحك وبقيت ستًا وثلاثين يومًا

وأنا أمسح الدم عنها وأكتب به على الحائط

كي لا أنسى كم مرة بكيتُ بلا صوت.

*

 

لم أكن صديقة الشتاء يومًا،

أكره تساقط الأوراق وأكره تبدل حالة الدفء إلى برد حزين

أكره وجوه الناس المليئة بالحكايا الناقصة 

وأكره وجهي الخالي مني،

أكره صوت المطر وهو يضرب النافذة

وأكره النافذة.

لا أقترب منها عادة فأنا أخاف من النفخ عليها

ورسم أسماء وتواريخ على نفَس ميتٍ

لا أحب الشتاء

يمر بي حزينًا بلا صديق أو أغنيةً،

أفتح هاتفي أبحث عن أسماء ليست هنا،

أتصل بها وألعن من لم يرد.

أراقب صراخ النساء على أولادهم وأتذكر أمي

لم أنسَ يومًا أنني وقعت في حفر الماء كثيرًا

وأنني ما زلت مبللةً بصوتها

أمزق أوراقًا وأضع لها أسماء وأناديها بها لا لشيء

إلا لكي تنقذني في شتاء آخر،

وتضع لي اسمًا لا لشيء

إلا لأنني لست صديقة الشتاء وأخاف الأغاني أكثر من أمي

وأكسر الأسماء في هاتفي

وأبحث عن كل الحكايا المختبئة في وجوه العابرين تحت ضوء الشمس.

*

 

أحب وطني قليلًا،

أحب التعرف عليه

خائفٌ مني

حزينة عليه،  

لا يكبر إلا على الأيادي السوداء

ويموت على يدي.

*

 

عالقٌ ما تبقى من الماضي على ملابسي،

رائحة أبي

صوت صديق نسي طعمَ الماء في كأسٍ

وطعم الكأس الفارغ وقتها

بكاء صديقتي التي لونت كل أشياءنا بالأصفر بعدما توفيت طفلتها التي تشبه الشمس

وهي تتعلم كيف تطلع على ليلها بلا قلب.

*

 

فراغ الأصابع مثيرٌ للشفقة جدًا

حاول أن ترفع يدك في غرفة مظلمة

وأشعل ضوءًا ثم راقب الخيال

وراقب يدك كيف تتحول إلى حبيبك البعيد

وكيف تتحدث معها عن الأشياء كلها

دون أن تشعر أن وحدتك التي تسيل من أصابعك

ربت هذه الفراغات على الحب!

*

 

إن الحزن لناظره قريب

والفرح أيضًا

وقريب ذاك الغد الذي تنظر إليه بخوف

وقريب وجه السماء

ووجه الماء

والأرض وأبي

وأمي

ووجه الأطفال في علبة السكر

والعجائز في رماده

قريب وجه من أحببتُ

ووجه من ضل الطريق الى قلبي

ووجه من هيأت نفسي لأن ألقاه بفستان قصير وضحكة حمراء

قريب وجه الذين رحلوا

والذين أتوا

والذين باعوا أصابعي

واشتروا الألوان

قريب وجه فلاح يزرع البرتقال وينادي باسمي بلا سكين

قريب وجه رجلٍ أخلعُ أنوثتي

وطفولة حمقاء

وامرأة ضعيفة وأخرى قوية

أخلع بقايا الصباح ووجبة الليل الدسمة على قلبه

أخلع وجهي وقلبي وجسدي في جيبه وأدخل بلا روح

لأن آخر مرة قلت فيها غدًا أجمل

قلمتُ أظافر الزمن على مهلٍ

والآن أنتظر نموها

على مهل أيضًا.