04-أبريل-2023
getty

ينتظر توقيع الاتفاق خلال الأيام القادمة (Getty)

أثار تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي في السودان الذي كان مقررًا في الأول من نيسان/أبريل إلى السادس من نفس الشهر مخاوف كثيرة من أن يلقى الاتفاق مصيرًا مجهولًا بعد تصاعد التوترات داخل المؤسسة العسكرية بين الجيش من جهة وقوات الدعم السريع من جهة ثانية حول آلية دمج الأخيرة في القوات المسلحة السودانية.

تأجيل التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي في السودان يعود للخلافات داخل الشق العسكري

يضاف إلى ما سبق، إخفاق أطراف الاتفاق الإطاري في الحصول على توقيع أطراف غير موقعة منها حركات مسلحة موقِّعة على اتفاق السلام، بالإضافة إلى بقاء نقطتين عالقتين في الاتفاق النهائي دون حسم إحداهما خاصة بتسمية الهيكل السيادي في الفترة الانتقالية وهل هو رأس دولة أم مجلس سيادي والثانية تتعلق بتوصيات الإصلاح الأمني والعسكري عطفًا على خلافات الجيش والدعم السريع.

وكان الناطق الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف أعلن  في مؤتمر صحفي بالخرطوم عن تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي بين الأطراف السودانية القائم على الاتفاق الإطاري بتسهيل من الآلية الثلاثية المشتركة إلى السادس من نيسان/أبريل الجاري، بدلًا من التاريخ الذي كان مقررًا في الأول من نيسان/أبريل.

getty

وقال خالد عمر يوسف في تعميم صحفي "إن قادة القوى المدنية الموقعة على الإطاري، ورئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ونائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، قد عقدوا اجتماعًا بالقصر الجمهوري وذلك بحضور الآلية الثلاثية المشتركة المكونة من الاتحاد الأفريقي والإيقاد وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة".

مضيفًا أنّ الاجتماع "استعرض التقدم في مناقشات الوصول للاتفاق السياسي النهائي، كما "حدد آخر القضايا المتبقية وهي القضايا الفنية المرتبطة بمراحل الإصلاح والدمج والتحديث في القطاع الأمني والعسكري"، حيث أكد أن الدمج قد "حسم مداه الزمني وقضاياه الرئيسية في ورقة مبادئ وأسس إصلاح القطاع الأمني والعسكري الموقعة في 15 آذار/مارس الماضي".

وأوضح أن الاجتماع "وبعد تداول مستفيض" قرر "بإجماع الأطراف العسكرية والمدنية" مضاعفة الجهد لتجاوز "العقبة المتبقية خلال أيام معدودة"، وذلك تمهيدًا لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي في السادس من نيسان/أبريل الجاري.

وكانت الورشة الأخيرة في المرحلة النهائية للعملية السياسية قد شهدت خلافات بين الأطراف حول دمج الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية، كما لم تنجح أطراف الإطاري في الحصول على توقيع أطراف غير موقعة منها حركات مسلحة موقعة على اتفاق السلام.

لقاء البرهان وحميدتي

على الرغم من المخاوف التي تحفّ بتأخير توقيع الاتفاق النهائي فقد أكدت مصادر أن اجتماع القصر الذي ضم القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري مع المكون العسكري سادته روح إيجابية، وضرورة إنهاء جميع القضايا العالقة قبيل التوقيع على الاتفاق النهائي، والذي حدد له السادس من نيسان/أبريل "كمقترح أولي".

علمًا بأنّ الخلافات بين الجيش والدعم السريع على التفاصيل الفنية في عملية الدمج هي السبب الرئيسي في تأخير التوقيع على الاتفاق.

وفي هذا الصدد، نقل موقع الترا سودان، عن  الخبير السياسي مصعب عبدالله قوله إن "العملية السياسية أخطأت حين وضعت ورشة الإصلاح الأمني والعسكري ضمن الورش الأخيرة التي تعقبها إجراءات التوقيع النهائي، لأن الورشة ناقشت قضايا معقدة لا يمكن إكمالها في أيام"، مردفًا القول "كان ينبغي وضع الورشة في مقدمة العملية السياسية، وتخصيص أيام لها مثلًا لأسبوع أو عشرة أيام، لأن القضايا فيها معقدة وتضم طرفين رئيسيين في العملية هما الجيش والدعم السريع".

وتابع: "لا يجب أن تتعامل الأطراف خارج الإطاري مع عملية الدمج والإصلاح العسكري بعقلية نحن لسنا جزءًا منها؛ يجب أن تطالب بإصلاح هذه العملية وجعلها عملية مستدامة بخلق جيش موحد يخرج نهائيًا من المشهد السياسي".

معتبرًا في الأخير أن "التأخير في توقيع الاتفاق النهائي لا يعني انتهاء العملية، بل تعتبر خطوة نحو وضع القضايا الرئيسية على طاولة التشريح".

getty

أبرز بنود الاتفاق النهائي في السودان

نصت مسودة وثيقة الاتفاق السياسي النهائي، على عدد من البنود والقضايا والبروتوكولات، حيث يتكون الاتفاق من ديباجة ومبادئ عامة، تمثل وجهة أطراف الاتفاق ومنطلقاتهم التي يؤسسون من خلالها لمرحلة جديدة من تاريخ البلاد، على أن تكون الحكومة مدنية ديمقراطية دون مشاركة القوات النظامية، واستقلال مؤسسات الدولة، خاصة القضاء والقوات النظامية عن الحزبية والعمل السياسي.

وجاء البند الثاني في الوثيقة معبرًا عن قضايا وهموم الانتقال التي نوقش بعضها في الورش والمؤتمرات التي عقدت مؤخرًا، على أن تعمل الأطراف على تنفيذها في المرحلة المقبلة، وأهمها "القضايا الخمس" التي تمت مناقشتها في مؤتمرات المرحلة النهائية، بالإضافة إلى الإصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة، وإطلاق عملية لصناعة الدستور، تحت إشراف مفوضية صناعة الدستور، تنتهي بتنظيم عملية انتخابية شاملة بنهاية الفترة الانتقالية.

وخصص البند الثالث لهياكل السلطة الانتقالية، والذي حددها في: "المجلس التشريعي الانتقالي، المستوى السيادي الانتقالي، مجلس الوزراء الانتقالي، الأقاليم/الولايات، المستوى المحلي". 

وعرّف الاتفاق السودان، بأنه "دولة فيدرالية" تتكون من أقاليم، على أن يحدد القانون عددها وعواصمها وهياكلها وسلطاتها ومواردها. كما نص على تشكيل مجلس تشريعي انتقالي مستقل "لا يجوز حله"، ويتكون من عدد لا يقل عن (300/150) عضوًا، يراعى في تشكيله تمثيل واسع لمكونات الشعب السوداني بما فيها القوى المدنية الموقعة على الاتفاق النهائي، واستثني منه أعضاء حزب المؤتمر الوطني المحلول بكل أشكالهم ومسمياتهم وواجهاتهم، ووزعت النسب على أطراف السلام بنسبة 25% ونسبة 75% تشكلها القوى المدنية الموقعة على الاتفاق النهائي ولجان المقاومة. 

ونص الاتفاق على إمكانية سحب المجلس الثقة من رئيس مجلس الوزراء، بنسبة لا تقل عن 80%، على أن يعين المجلس رئيس وزراء جديد بعدها، ويعتمد تعيينه مجلس السيادة، خلال أسبوع من تاريخ رفع قرار التعيين. وينتهي أجل المجلس التشريعي الانتقالي بانعقاد أول اجتماع للمجلس التشريعي المنتخب.

وعرف الاتفاق في الفصل الثالث، مجلس السيادة أو رأس الدولة بأنه رمز سيادتها والقائد الأعلى للقوات النظامية، ومن اختصاصاته تعيين رئيس مجلس الوزراء واعتماد تعيين مجلس الوزراء والولاة والمجلس التشريعي، بعد اختيارهم من القوى الموقعة على الاتفاق السياسي. وكذلك يعين المجلس العدلي المؤقت من قانونيين وقضاة سابقين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة. وتعيين القائد العام للقوات المسلحة بعد ترشيحه من القوات المسلحة، وتعيين قائد الدعم السريع بعد ترشيحه من قوات الدعم السريع.

أما مجلس الوزراء، فنص الاتفاق على أن يتشكل من عدد لا يتجاوز (26) وزيرًا ووزيرة، من الكفاءات الوطنية، على أن تقوم قوى الثورة الموقعة على الاتفاق السياسي بالتشاور لاختيار رئيس وزراء وفقًا لمعايير الكفاءة الوطنية والالتزام بالثورة والإعلان السياسي ومهام وقضايا الانتقال، وتشاور رئيس الوزراء مع الأطراف المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي لاختيار وتعيين الطاقم الوزاري في فترة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من تعيينه، وكذلك حكام الولايات أو الأقاليم، من كفاءات وطنية ملتزمة بالثورة ومهام الانتقال دون محاصصة حزبية.

الناطق الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف أعلن  في مؤتمر صحفي بالخرطوم عن تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي بين الأطراف السودانية القائم على الاتفاق الإطاري

ولرئيس مجلس الوزراء سلطة تعيين وإعفاء قادة الخدمة المدنية والشرطة وجهاز المخابرات، وكذلك رئاسة مجلس الأمن والدفاع والإشراف على بنك السودان المركزي.

ويتشكل مجلس الأمن والدفاع الذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء وفقًا للاتفاق السياسي، من رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وقائد قوات الدعم السريع ووزير الدفاع والمالية والداخلية والعدل والخارجية ووزير الحكم الاتحادي، كما يضم مدير عام المخابرات العامة والمدير العام للشرطة، وممثلين عن حركات الكفاح المسلح الموقعة - بحسب ما ورد في مسودة وثيقة الاتفاق النهائي.