14-ديسمبر-2023
المؤرخ والأكاديمي إيلان بابيه

المؤرخ والأكاديمي إيلان بابيه (Getty)

في إطار المساعي الغربية المستمرة لإسكات أصوات منتقدي "إسرائيل" وكل من يعارض ويدحض سردياتها الزائفة، سواء حول ما يجري في غزة أو ما جرى في عموم فلسطين على مدار 75 عامًا؛ قامت دار النشر الفرنسية "فايارد" بسحب كتاب "التطهير العرقي في فلسطين" للمؤرخ والأكاديمي إيلان بابيه من قائمة مبيعاتها.

تأتي خطوة "فايارد" بعد ارتفاع نسبة مبيعات الكتاب بشكل كبير على خلفية حرب الإبادة الشاملة التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 69 يومًا، حيث بيع أكثر من 300 نسخة منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر المنصرم وحتى الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت.

يدحض إيلان بابيه في كتابه السردية الإسرائيلية حول النكبة، ويؤكد أن تهجير الفلسطينيين كان جزءًا لا يتجزأ من المشروع الصهيوني

وأعادت "فايارد"، التي تنشر أعمال بابيه منذ عام 2008، سبب توقفها عن تسويق الكتاب إلى انتهاء عقدها مع بابيه منذ السابع والعشرين من شباط/فبراير عام 2022. وهو سبب غير مقنع لأسباب عديدة منها أن قرارها سحب الكتاب جاء بعد أكثر من 8 أشهر على انتهاء العقد، وأنه يتزامن أيضًا مع موجة القمع التي تمارسها الحكومات والمؤسسات الإعلامية والثقافية والأكاديمية الغربية ضد المتضامنين مع قطاع غزة.

ويُعد كتاب "التطهير العرقي في فلسطين" من أهم المؤلفات التي تؤرِّخ لجرائم العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني خلال حرب 1948، التي قامت خلالها بتهجير نحو مليون فلسطيني من بيوتهم بقوة السلاح، وارتكبت العديد من المجازرالمروّعة بحق المدنيين، ودمّرت أكثر من 400 قرية بشكل كامل.

ولذلك فإن الكتاب (صدرت ترجمته العربية عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2007) يدحض السردية الإسرائيلية حول النكبة، ويؤكد في الوقت نفسه، استنادًا إلى بحث علمي دقيق، أن تهجير الفلسطينيين كان جزءًا لا يتجزأ من المشروع الصهيوني.

ولا يعتبر سحب "فايارد" للكتاب أمرًا مفاجئًا، إذ تشهد الدول الأوروبية عمومًا، وفرنسا وألمانيا وبريطانيا خصوصًا، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، قمع مكثّف لكل ما هو فلسطيني، ومحاولات مستمرة لنزع الشرعية والإنسانية عنه تماشيًا مع الدعم غير المشروط الذي تقدّمه هذه الدول لـ"إسرائيل" في حربها الهمجية على قطاع غزة.

وكشف موقف الغرب من الحرب على غزة ازدواجية فاضحة في المعايير سواء تعلق الأمر بالحكومات نفسها أو المؤسسات الأكاديمية والثقافية والإعلامية التي تبنّت الرواية الإسرائيلية حول غزة بحذافيرها، والتي يتكشّف يومًا بعد آخر أنها مبنية على أكاذيب أرادت "إسرائيل" من خلال ترويجها التمهيد لحربها الانتقامية من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ردًّا على عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر الفائت.