31-مارس-2024
فلسطينيون بين الركام في غزة

(epa) لا تزال إسرائيل ماضية في حربها رغم قرار مجلس الأمن والضغوط الدولية

قالت صحيفة "الأوبزرفر" إن المبعوث الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان، بدا خلال تنديده بقرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، في 25 آذار/مارس الجاري، أكثر عزلة من أي وقت مضى، سيما في ظل امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض "الفيتو"، الذي سبق أن استخدمته لعرقلة قرارات مشابهة عدة مرات منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع.

واعتبرت الصحيفة البريطانية أن امتناع الولايات المتحدة عن استخدام "الفيتو" لصالح "إسرائيل"، هو بمثابة بداية تلاشي الخطوط الحمراء التي رسمتها واشنطن بشأن الحرب على غزة، وذلك بعد 6 أشهر من القصف المستمر الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 32 ألف فلسطيني، وتفشي المجاعة في القطاع.

رغم قرار مجلس الأمن الدولي، والتحوّل الملحوظ في مواقف ولهجة بعض الدول المؤيدة لها، إلا أن "إسرائيل" لا تزال ماضية في حربها على قطاع غزة

وأشارت إلى أن الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة في مجلس الأمن، كانت بمثابة رسالة واضحة مفادها أن إدارة بايدن لم تعد مستعدة للمخاطرة أكثر بضياع مصداقية الولايات المتحدة بدعمها ودفاعها عن الحكومة الإسرائيلية التي لم تستمع إلى نداءاتها لوقف الهجوم، إن وُجدت.

وإلى جانب هذه الخطوة، لفتت الصحيفة إلى دلائل أخرى تظهر تحولًا ما في موقف الغرب من الحرب على غزة، على الأقل لناحية الخطاب. ومن بين هذه الدلائل، بحسب الصحيفة البريطانية، إعلان وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن بلادها ستُرسل إلى "إسرائيل" وفدًا لتذكيرها بالتزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف، وتحذيرها من المضي قدمًا في هجومها المُرتقب على مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة. وهو ما يعبّر، بحسبها، عن تغيّر ملحوظ في اللهجة من دولة كانت ثاني أكبر داعم ومورد للأسلحة إلى "إسرائيل".

وزاد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، من انتقاداته لـ"إسرائيل" بسبب منعها إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. مع ذلك، فإن هذا التحول الواضح في المواقف الدولية، وفق الصحيفة، لم يغير شيئًا بالنسبة إلى 2.3 مليون شخص محاصرين في غزة، ويتعرضون للقصف على مدار الساعة.

واستشهدت الصحيفة في الإشارة إلى عدم تأثير هذه التغيّرات، بمقتل 157 فلسطينيًا في غزة خلال الساعات الـ48 التي تلت تبني مجلس الأمن قرار وقف إطلاق النار في القطاع، بينهم 18 شخصًا (9 أطفال و5 نساء) فقدوا حياتهم بقصف استهدف منزلًا مليئًا بالنازحين في شمال رفح. بينما غرق 12 شخصًا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات التي أسقطتها الطائرات في البحر.

ولم يؤثر قرار مجلس الأمن وتحول موافق الدول السابقة في الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لـ"إسرائيل"، إذ أفادت صحيفة "واشنطن بوست"، بعد مرور 4 أيام على قرار المجلس، بأن إدارة بايدن تستعد لإرسال المزيد من شحنات الأسلحة الأمريكية إلى "إسرائيل" تشمل قنابل MK84 زنة 2000 رطل، التي تسببت بدمار هائل في غزة، وأودت بحياة الآلاف من سكانها.

وبحسب الصحيفة، فإن إدارة بايدن أوضحت لحلفائها بأن التهديد بوقف إمدادات الأسلحة إلى "إسرائيل" كوسيلة ضغط هو أمر غير مطروح حاليًا، سيما أن بايدن قال في مناسبة لجمع التبرعات إن "إسرائيل" في وضع يبدو فيها وجودها على المحك.

وفي المملكة المتحدة، وعى العكس من أمريكا، يتزايد الشعور بأن القضايا القانونية المتعلقة بمبيعات الأسلحة لـ"إسرائيل" لا يمكن التهرب منها لفترة أطول. وكانت الصحيفة نفسها قد نشرت، أمس السبت، تسريب يكشف أن الحكومة البريطانية تلقّت مشورة قانونية من محاميها مفاده أن "إسرائيل" انتهكت القانون الإنساني الدولي في غزة، لكن الحكومة لم تعلن ذلك، ولم توقف صادرات الأسلحة إليها.

واعتبرت الصحيفة البريطانية أن من شأن هذا التسريب أن "يثير الرعشة" في لندن وواشنطن، ذلك أنه: "يضرب في قلب واحدة من أكثر القضايا حساسية في الدبلوماسية الدولية". كما أنه قد يؤدي إلى مطالبة الحكومة البريطانية بوقف جميع مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل". بل إن البعض يرى أن انتهاك الأخيرة للقانون الدولي الإنساني يحتم على المملكة المتحدة وقف تبادل المعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة لأن الأخيرة قد تقوم بتسليمها إلى "إسرائيل".

ومع أن لهجة المملكة المتحدة أصبحت أكثر حدة تجاه "إسرائيل"، لكن اتخاذ إجراءات معينة تجاه ما سبق سوف يكون أمرًا صعبًا وفق الصحيفة بسبب صعوبة خلق حيز سياسي لفعل ذلك.

وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل" تتعرض لانتقادات شديدة، لكنها لم تصبح منبوذة بعد. كما لفتت كذلك إلى أن الرأي العام الإسرائيلي لا يزال منيعًا في مواجهة الضغوط الأمريكية والدولية، حيث بلغت نسبة التأييد للحرب في غزة 80 بالمئة، فيما يدعم 70 بالمئة من الإسرائيليين عملية عسكرية واسعة النطاق ضد "حزب الله" في لبنان، وهو الخيار الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تجنبه.

رغم ذلك، ترى الصحيفة أن ظهور مجاعة واسعة النطاق، والهجوم على رفح، قد يؤدي إلى ردود فعل أكثر حدة من قِبل حلفاء "إسرائيل" وخصومها، لافتةً إلى وجود دلائل تُشير إلى أن الضرر الحقيقي الذي لحق بمكانتها العالمية قد يتفاقم بمرور الوقت، وربما تكون له عواقب بعيدة المدى.