04-سبتمبر-2023
كسر خط الدفاع الروسي في حرب أوكرانيا

القوات الأوكرانية، تعول على ضعف الخطوط الدفاع الروسية في الفترة المقبلة (الترا صوت)

تمكنت القوات الأوكرانية من تحقيق أول اختراق بارز على خطوط الجبهة، بعد كسرها خط الدفاع الروسي الأول على جبهة زاباروجيا، وذلك بعد انتكاسة كبيرة وطويلة للهجوم الأوكراني المضاد، ضد القوات الروسية. يأتي ذلك بالتزامن مع القيام باستبدال وزير الدفاع الأوكراني، في أكبر تغيير على مستوى المؤسسة العسكرية الأوكرانية منذ بداية الحرب.

وفي لقاء مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، كشف قائد القوات العملياتية والاستراتيجية التي تقود  الهجوم الأوكراني المضاد في المنطقة الجنوبية، الجنرال أولكسندر تارنافسكي، أن قواته حققت تقدمًا استراتيجيًا في زاباروجيا، باختراقها بشكل حاسم خط الدفاع الأول للقوات الروسية، بعد أسابيع من إزالة حقول الألغام المنتشرة في مساحات واسعة على طول جبهات القتال. 

وتوقع تارنافسكي أن تحقق القوات الأوكرانية مكاسب أكبر وأسرع، مع ضغطها على الخط الدفاع الثاني الأضعف تحصينًا مقارنةً مع الأول.

كشف قائد القوات العملياتية والاستراتيجية التي تقود  الهجوم الأوكراني المضاد في المنطقة الجنوبية، الجنرال أولكسندر تارنافسكي، أن قواته حققت تقدمًا استراتيجيًا في زاباروجيا، باختراقها بشكل حاسم خط الدفاع الأول للقوات الروسية

وقدر الجنرال الأوكراني، أن روسيا خصصت 60% من جهدها ومواردها لبناء خط الدفاع الأول، و20% فقط لكل من خطي الدفاع الثاني والثالث، لأن موسكو لم تتوقع اختراقًا للقوات الأوكرانية لخط الدفاع الأول.

وأكد تارنافسكي، أنهم الآن بين خطي الدفاع الأول والثاني، وأن القوات الأوكرانية تتقدم حاليًا على جانبي الثغرة التي تم اختراقها، وتعزز قبضتها على الأراضي التي استولت عليها في القتال الأخير.

إعادة انتشار القوات الروسية 

وأشار القائد الأوكراني من مركز الهجوم الميداني للصحيفة البريطانية، إلى أنهم يستكملون "تدمير الوحدات الروسية التي توفر الغطاء لتراجع القوات الروسية خلف خطها الدفاعي الثاني".

وتحدث تارنافسكي، عن محاصرة حقول الألغام الواسعة القوات الأوكرانية لأسابيع، بينما قام خبراء المتفجرات من فرق المشاة، بتطهير طريق الهجوم ببطء سيرًا على الأقدام. وأضاف: أن "القوات الروسية وقفت وانتظرت الجيش الأوكراني، وقصفته بالقذائف والطائرات المسيّرة، واستولت على المركبات". ولكن الآن بعد اختراق الخط، أجبر الروس على إجراء مناورات، وعاد الأوكران إلى دباباتهم ومركباتهم المدرعة الأخرى، بحسب ما تقول "الغارديان".

وفي إشارة إلى أن موسكو تشعر بالضغط، أوضح الجنرال الأوكراني، أن القوات الروسية أعادت انتشارها عبر الخطوط الأمامية في خيرسون إلى الغرب، وليمان إلى الشمال الشرقي، وكذلك من داخل روسيا، وقال: "العدو يسحب قوات الاحتياط، ليس فقط من أوكرانيا، ولكن أيضًا من روسيا. لكن عاجلًا أم آجلًا، سوف ينفد أفضل الجنود  الروس"، وأضاف تارنافسكي: "سيعطينا هذا حافزًا للهجوم بشكل أكبر وأسرع. كل شيء أمامنا".

تعثر  الهجوم المضاد

وتعدد "الغارديان" نجاحات القائد الأوكراني في الحرب، قائلةً: "بنى تارنافسكي، وهو قائد في سلاح الدبابات، سجلًا مثيرًا للإعجاب في قتال القوات الروسية منذ اجتياحها الحدود الأوكرانية في عام 2022". 

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، تم تعيينه قائدًا للقوات التي قاتلت لاستعادة خيرسون، وهي المهمة التي نجح فيها ما يقارب الشهرين.

وكانت هناك آمال في تحقيق تقدم سريع مماثل من خلال الهجوم المضاد الصيفي، الذي يهدف إلى الوصول إلى بحر آزوف، وقطع الطريق على القوات الروسية المتواجدة في منطقة خيرسون، وشبه جزيرة القرم، عن باقي القوات الروسية، وقطع خطوط إمدادها.

وبدلًا من ذلك، ومع تعثر الهجوم المضاد، وتزايد الخسائر البشرية، وبقاء خطوط الدفاع الأمامية الروسية ثابتة، ارتفعت أصوات ممتعضة وساخطة، بالإضافة  للانتقادات في العواصم الغربية التي قدمت الأسلحة والتدريب.

getty

من جهته، وخلال حديثه مع "الغارديان"، تجاهل تارنافسكي تلك الانتقادات، قائلًا: إنه "يفضل الحكم على المهمة عند الانتهاء منها"، وشكر بريطانيا والحلفاء على دعمهم بالأسلحة والتدريب، بما في ذلك إرسال دبابات "تشالنجر 2" البريطانية المتواجدة بالفعل في الميدان.

واعترف تارنافسكي قائلًا: "عندما بدأنا الهجوم المضاد... أمضينا وقتًا أطول مما توقعنا في إزالة الألغام من مناطق القتال"، وأضاف: "للأسف، كان إجلاء الجرحى صعبًا بالنسبة لنا. وهذا أيضًا أدى إلى تعقيد تقدمنا"، وتابع: "في رأيي، أعتقد الروس أن الأوكرانيين لن يتمكنوا من اختراق خط الدفاع هذا. لقد كانوا يستعدون لأكثر من عام واحد. لقد فعلوا كل شيء للتأكد من أن هذه المنطقة مستعدة للهجوم المضاد بشكل جيد".

وأوضح، أن "القوات الروسية كانت متحصنة في مخابئ خرسانية خلف أفخاخ مضادة للدبابات، وخارج حقل ألغام مليء بالمتفجرات، لدرجة أن أي مركبات إزالة ألغام أو هجوم،  تقترب من المنطقة، تتعرض للقصف الشديد من مواقع ثابتة ومعززة، لأنها كانت مكشوفة للغاية".

أهداف أخرى

أمّا عن إمكانية تطور الهجوم المضاد بشكلٍ أكبر، يوضح تارنافسكي: "هناك فرق كبير جدًا بين خط الدفاع الأول والثاني"، ويضيف: "خط الثاني لم يتم تأسيسه بشكل جيد، لذلك يمكن للأوكرانيين استخدام مركباتهم، على الرغم من أنه لا تزال هناك حقول ألغام. ونظرًا لأن القوات الروسية تعمل أيضًا في هذه المنطقة، فهي موجودة على شكل مجموعات متفرقة، وليس كقوات طوق دفاعي واحد".

وعندما سألت الصحيفة البريطانية، القائد الميداني الأوكراني عن التقدم البطيء في اختراق الخطوط الروسية شرقًا على طول الخط الدفاعي الروسي، قال: إن "هناك أهدافًا أخرى، وأوكرانيا تستعد لهجمات مفاجئة أخرى لاستنزاف قوات الروسية". 

ورفض تارنافسكي تحديد جداول زمنية للوصول إلى أهداف كبيرة مثل مدينة ميليتوبول، أو الخط الساحلي لبحر آزوف، لكنه قال "القتال سيستمر".

getty

وقد عزز التقدم العسكري الأوكراني البطيء خلال الصيف، من موقف من يعارض الاستمرار في دعم أوكرانيا في العواصم الغربية، ويفضل المباشرة في إجراء مفاوضات مع فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب. 

واعتبر تارنافسكي، أن توقفهم عن التقدم، سوف يعطي فرصة لروسيا، لتجميع قواتها من جديد، مؤكدًا أنهم "يزدادون قوة. وسوف يصلون إلى حدود أوكرانيا عام 1991. لا نريد أن نرى أطفالنا وحتى أحفادنا يقاتلون ضد الروس، ومن هناك ليوقفهم؟ نحن فقط".

ويقود الجنرال أولكسندر تارنافسكي  القوات العملياتية والاستراتيجية في منطقة "تافريا"، والتي سميت على اسم المنطقة التاريخية في شبه جزيرة القرم، وهي بمثابة تذكير بالتزامات أوكرانيا العسكرية، التي تزايدت، وتعرضت لخسائر فادحة في الأشهر الثمانية عشر الماضية.

وفي هذا الإطار، يقول تارنافسكي: "كلما اقتربنا من النصر، كلما كان الأمر أصعب. لماذا؟ لأننا للأسف نخسر الأقوى والأفضل. لذا علينا الآن التركيز على مجالات معينة وإنهاء المهمة. بغض النظر عن مدى صعوبة الأمر بالنسبة لنا جميعًا".

استقالة وزير الدفاع الأوكراني

وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، في تغريدة على تويتر، اليوم الاثنين، إنه قدم خطاب استقالته إلى رئيس البرلمان.

وقرر الرئيس الأوكراني زيلينسكي تغيير وزير دفاعه، وهو أكبر تغيير في المؤسسة الدفاعية الأوكرانية منذ أن شنت روسيا غزوها في شباط/ فبراير 2022.

وكتب وزير الدفاع الأوكراني على تويتر: "لقد قدمت خطاب الاستقالة إلى رسلان ستيفانشوك، رئيس البرلمان الأوكراني. لقد كان شرفًا لي خدمة الشعب الأوكراني والعمل لصالح الجيش على مدار الـ 22 شهرًا الماضية، وهي أصعب فترة في تاريخ أوكرانيا الحديث".

وفي خطاب استقالته، قدم ريزنيكوف لمحة عامة عن الأشهر الـ 22 التي قضاها في منصبه، وأشاد بـ"مقاومة أوكرانيا الشرسة في زمن الحرب ضد القوات الروسية وجهود الضغط التي تبذلها وزارته لتأمين المساعدات العسكرية الحيوية من الغرب"، مضيفًا: "لقد تم بالفعل تحرير أكثر من 50% من الأراضي التي احتلتها روسيا مؤقتًا"، متابعًا القول: "كل يوم يتقدم المدافعون عنا إلى الأمام. هناك تفاهم على أن أوكرانيا هي درع لأوروبا في الشرق".

وقد واجهت وزارة ريزنيكوف فضائح فساد في الحرب بشأن شراء المواد الغذائية والملابس.

وقرر زيلينسكي استبدال الوزير السابق، برستم عمروف، وزيرًا للدفاع الأوكراني. ويُعدّ عمروف عضوًا بارزًا في مجتمع تتار القرم، والذي مثل بلاده في المفاوضات الحساسة مع روسيا.

هجمات متبادلة

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية إن طائرات روسية مُسيّرة سقطت وانفجرت على الأراضي الرومانية، اليوم الإثنين، خلال هجوم ليلي على البنية التحتية لموانئ أوكرانية على نهر الدانوب.

وكتب المسؤول الأوكراني، أوليغ نيكولينكو، على فيسبوك: "وفقًا لحرس الحدود الحكومي الأوكراني، الليلة الماضية، خلال هجوم روسي ضخم بالقرب من ميناء إسماعيل، سقطت صواريخ شاكيد روسية وانفجرت على أراضي رومانيا".

وأضاف: "هذا تأكيد آخر على أن الإرهاب الصاروخي الروسي يشكل تهديدًا كبيرًا ليس فقط لأمن أوكرانيا، ولكن أيضا لأمن الدول المجاورة، بما في ذلك الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي".

شنت روسيا هجومها الثاني، على الموانئ الأوكرانية، وذلك باستهداف ميناء إسماعيل، وقال أوليج كيبر، حاكم أوديسا، إن موسكو شنت هجومًا بطائرات مُسيّرة لمدة ساعتين تقريبًا على المدينة، مستهدفةً أحد مينائين رئيسيين لتصدير الحبوب في أوكرانيا على نهر الدانوب في جنوب المنطقة. وقالت القوات الجوية الأوكرانية أيضا إن طائرات مُسيّرة استهدفت منطقة كيلي القريبة.

وقبل ذلك بيوم، هاجمت روسيا ميناء ريني على نهر الدانوب. وقالت وزارة الدفاع في موسكو إن الطائرات المُسيّرة قصفت مستودعات الوقود التي يستخدمها الجيش الأوكراني.

واستهدفت روسيا بشكل متزايد البنية التحتية للموانئ منذ تموز/ يوليو، عندما انسحبت من الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا والذي سمح لأوكرانيا بتصدير حبوبها عبر موانئها على البحر الأسود.

قرر الرئيس الأوكراني زيلينسكي تغيير وزير دفاعه، وهو أكبر تغيير في المؤسسة الدفاعية الأوكرانية منذ أن شنت روسيا غزوها في شباط/ فبراير 2022

ويأتي هجوم يوم الاثنين قبل ساعات فقط من اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، والذي من المتوقع أن يضغط فيه الأتراك من أجل إحياء اتفاقية الحبوب.

على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أحبطت خلال الليل هجمات بطائرات مسيّرة أوكرانية على منطقة كورسك الحدودية وشبه جزيرة القرم. لكن رومان ستاروفويت، حاكم منطقة كورسك، قال إن هجومًا بطائرة مُسيّرة أوكرانية أدى إلى نشوب حريق في مبنى غير سكني في مدينة كورشاتوف.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها دمرت أربعة زوارق عسكرية أوكرانية أمريكية الصنع تحمل قوات إنزال في البحر الأسود.