27-ديسمبر-2023
مدرسة في بيت لاهيا تعرّضت للقصف

مدرسة تابعة للأونروا طالها قصف جيش الاحتلال (Getty)

بعد عدة أيام على بداية الحرب الوحشية التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، أطلقت "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" سلسلة جديدة من الدراسات تتعلق بالحرب وتطوراتها بعنوان "أوراق سياسات".

تسعى المؤسسة عبر هذه السلسلة إلى مواكبة ما يحدث في قطاع غزة على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي والقانوني. إذ يتناول كتّابها، وهم باحثون متخصصون، مجموعة متنوعة من المواضيع المتعلقة بالحرب، تشمل: "التطورات العسكرية والسياسية في الميدان، والأبعاد الاجتماعية – الاقتصادية للحرب، ووقعها على الأوضاع الداخلية في كل من فلسطين و(إسرائيل)، والتحولات والتغيرات التي ستحدث بنتيجتها على الساحتين الإقليمية والدولية"، بحسب ما هو منشور على موقعها الإلكتروني.

أصدرت المؤسسة حتى الآن 17 ورقة تشكِّل نظرات معمّقة نحو الحرب وتطوراتها ومآلاتها كذلك، ناهيك عن مواضيع أخرى مرتبطة بتاريخ القضية الفلسطينية، عمومًا، أعادتها حرب الإبادة الجماعية إلى الواجهة مجددًا.  

وفيما يلي وقفة عند بعض هذه الأوراق وما خلصت إليه.


في متطلبات مرحلة ما بعد حرب "إسرائيل" على غزة

يتناول جميل هلال التداعيات المحتملة للحرب الدموية على قطاع غزة وما رافقها من اعتداءات إسرائيلية يومية على سكان الضفة الغربية، وقمع لحملة الجنسية الإسرائيلية من الفلسطينيين. وهي تداعيات يعتقد أنها ستترك آثارًا مباشرة وبعيدة المدى على الحقل السياسي الفلسطيني، بل وربما على النظام الإقليمي والدولي وإن بأشكال قد لا تكون ملحوظة.

وبينما يؤكد بأن الحرب الحالية أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة إقليميًا ودوليًا، يرى هلال أن إعادة طرح مشروع حل الدولتين كحل للمسألة الفلسطينية، إنما يخدم: "الرواية الصهيونية، ويعفي (إسرائيل) من صفة الدولة الاستعمارية الاستيطانية العنصرية. والحل الذي يوفر الحدود الدنيا من العدالة هو الدولة الديمقراطية الواحدة على كل فلسطين التاريخية".


الصهيونية: جذور مشروع ترحيل الفلسطينيين وتعبيراته الراهنة

يسلط ماهر الشريف في هذه الورقة الضوء على جذور مشروع ترحيل الفلسطينيين في أجندة الحركة الصهيونية متناولًا في السياق نفسه مسألة المشاريع الإسرائيلية القديمة لتهجير سكان غزة إلى سيناء، التي عادت إلى الواجهة بعد الحرب الوحشية على القطاع.

ويخلص الشريف إلى أن خيار تهجير سكان غزة هو الحل الأمثل بالنسبة للإسرائيليين للتخلص من عقدتهم التاريخية إزاء القطاع، لكن تطبيق ذلك تعترضه عقبات كبيرة أهمها رفض القيادة المصرية التي ترى في ذلك تهديدًا لأمنها القومي، والقيادة الأردنية التي تتخوّف من مشروع "الوطن البديل". ما يعني أنه: "ما دام هذان الحليفان التقليديان للولايات المتحدة الأميركية يتخذان هذا الموقف الحازم إزاء هذا الخيار، فسيكون من الصعب على إدارة الرئيس جو بايدن أن تمنح الضوء الأخضر له"، خاصةً أنه يهدّد اتفاقيتي السلام: "الموقعتَين بين مصر والأردن من جهة، وإسرائيل، من جهة أُخرى".


مفهوم الترانسفير في الفكر والممارسة الصهيونية

يعود نور مصالحة في ورقته هذه إلى جذور مفهوم "الترانسفير"، أي الطرد، مستعرضًا مراحل تطوره منذ عام 1948 وحتى اللحظة الراهنة ليؤكد بأن خطره لا يزال واردًا حتى يومنا هذا، سيما في ظل تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتواترة حول الأمر.

ويرى مصالحة أن تمسك الفلسطينيين في غزة بأرضهم، والموقف المصري الرافض لتهجيرهم، بالإضافة للجوء إلى القانون الدولي، قد يحبط: "خطط إسرائيل الخاصة بـ(الترانسفير) في غزة".


هل ستغير الهجمة غير المسبوقة على الضفة الغربية الوضع القائم بالقدس؟

في هذه الورقة، يُلقي نظمي الجعبة الضوء على أحوال وواقع مدينة القدس وممارسات الاحتلال بحق سكانها منذ احتلاله لها عام 1967، وصولًا إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي يستعرض تداعياتها وانعكاساتها على واقع المدينة التي شهدت، كسائر الضفة الغربية، حملة قمع انتقامية متصاعدة.  

ويرى الجعبة أنه من المتوقع، بعد الحرب، أن: "يزداد القمع والاعتقال لأتفه الأسباب، كما سيزيد النفي إلى خارج المدينة وستقوم الجرافات الإسرائيلية بالاستبسال في هدم المباني، كما سيعاني العمال المقادسة في المؤسسات الإسرائيلية المتعددة جرّاء الاضطهاد القومي والطبقي بشكل لم يسبق له مثيل، وسيواجهون بشعار "العمل العبري"، وهو أمر من المتوقع أن يسري على عمال الضفة الغربية العاملين في إسرائيل".


جذور الإرهاب الصهيوني

يقدّم ماهر الشريف في هذه الورقة موجزًا تاريخيًا للإرهاب الصهيوني في فلسطين منذ ثلاثينيات القرن الفائت في عهد الانتداب البريطاني وصولًا إلى اللحظة الراهنة، حيث تُعيد عصابات جديدة فعل ما فعله أسلافهم.

ويرى المؤرخ الفلسطيني أن الإرهاب أصبح بعد قيام دولة "إسرائيل"، وفي الكثير من الأحيان، سياسة دولة: "تجلّى في المذابح العديدة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي والممارسات القمعية التي مارسها ضد الشعب الفلسطيني تحت إشراف أحزاب حاكمة، كحزب (الليكود)، الذي تأسس على يد أعضاء بارزين في عصابات صهيونية إرهابية مثل (الإرغون) و(ليحي)".


الآليات القانونية المتاحة لمحاكمة "إسرائيل" بعد حرب غزة 2023 

يستكشف بول مرقص في هذه الورقة الآليات القانونية المتاحة لمحاكمة "إسرائيل" بتهمة انتهاك القانون الدولي خلال حربه الوحشية على قطاع غزة.

ويخلص إلى أن: "تفعيل الآليات القانونية والقضائية بشتى الطرق أمر أساسي لتحميل (إسرائيل) المسؤولية"، معتبرًا أنه أمر ممكن من خلاله دعوة الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة من أجل إلزام دولة الاحتلال: "احترام أحكامها، أو اللجوء إلى الجمعية العامة استنادًا إلى قرار (الاتحاد من أجل السلام) من دون الحاجة إلى المرور بمجلس الأمن، بشرط توفر الإرادة السياسية والاستعداد الفعلي لمحاكمة المتهمين".


معاداة الصهيونية: هل تعادل معاداة السامية؟ 

اتهمت "إسرائيل"، والعديد من الدول الغربية المنحازة لها، من ينتقد عدوانها الوحشي على غزة، ويتضامن مع سكانها بأنه "معادٍ للسامية" بهدف إسكاته. وفي هذا الإطار، يميّز دومينيك فيدال في ورقته هذه بين "معاداة السامية و"معاداة الصهيونية"، ويبيّن أيضًا بأن معاداة اليهودية ثم السامية هما جزء من تاريخ أوروبا، أكثر من ارتباطهما بتاريخ العالم العربي.


حرب غزة وتداعياتها على موازين القوى في النظام الدولي 

تسعى جوان دياس في ورقتها هذه إلى استكشاف أثر عملية "طوفان الأقصى" والحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة، ردًّا على العملية، على النظام الدولي كونها تأتي: "في سياق عالمي تتحول فيه موازين، القوى وتزداد فيه معارضة مجموعة من الدول غير الغربية، ولا سيما الصين وروسيا، للنظام الدولي الليبرالي القائم"، وبحسب الكاتبة.


الحواجز والإغلاقات وتقييد الحركة في الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر 

يناقش أحمد عز الدين أسعد في هذه الورقة، الإجراءات التي اتخذتها "إسرائيل"، بعد "طوفان الأقصى"، لعزل وتقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة من خلال نشر الحواجز وتقييد الحركة التي يؤكد أنها لم تبدأ معها وإنما تم التأسيس لها منذ عقود طويلة.

ويخلص أسعد إلى أن: "سياسة الحواجز والإغلاق وتقطيع الأوصال قد تأتي أُكُلها على المستوى اليومي والميداني من خلال تقليص حركة الفلسطينيين، لكن هذا الضغط على الفلسطيني ولّد ويولّد وسيولّد الانفجار الحتمي، وهذه الانفجارات حدثت سابقًا".