12-يونيو-2023
أمة الأوزمبيك

رغم أن دواء أوزمبيك مخصص لعلاج مرض السكري إلا أنه يستخدم لأغراض إنقاص الوزن. (GETTY\Ultrasawt)

في عالم معارك فقدان الوزن والاهتمام المتزايد بالشكل والمظهر، تحدث ثورة صامتة في أنحاء عديدة من العالم، بما في ذلك العالم العربي، حيث يتجه عدد متزايد من الناس إلى عقار أوزمبيك، (Ozempic)، بعد السماع عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سعياً وراء حلم بعيد متفلّت، يتمثّل في التخلص من الدهون والوزن الزائد، وتصديقًا لوعد غامض بشأن "حياة جديدة" أفضل. 

يحصل ذلك على نحو متسارع مؤخرًا، حتى تحوّل العديد من الناس في أنحاء مختلفة من العالم إلى "أمّة" يجمع بينها الهوس بعقارات جديدة، منها الأوزمبيك، والذي رغم كونه آمنًا للمستخدمين من مرضى السكري من النوع الثاني، ولمن يتناولونه تحت توجيه طبي للتخلص من السمنة، قد تحوّل إلى صرعةٍ جديدة بين الباحثين عن الرشاقة السريعة. 

يعد أوزمبيك عقارًا آمنًا لمرضى السكري ولمن يتناولونه للتخلص من السمنة تحت توجيه طبيّ 

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه العربي دون العثور على هذا الدواء في العديد من الدول العربية، ورغم سعره الباهظ نسبيًا مقارنة بدول أجنبية، إلا أن سمعة أوزمبيك، والزخم الذي حازه العقار مؤخرًا في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، جعلته مادّة للحديث اليوميّ بين مختلف الباحثين عن حلّ سهل وآمن للتخلص من الوزن الزائد، وذلك في أحيان كثيرة على حساب مرضى السكري الذين باتوا يعانون في أكثر من بلد عربيّ للحصول عليه، ولاسيما بسبب التساهل في صرفه بدون وصفة لمن يبحث عنه. 

ما هو عقار أوزمبيك؟ 

يعرف عقار أوزمبيك (Ozempic) بأنه من الأدوية الفعّالة والآمنة المستخدمة في علاج داء السكري عند المرضى، وهو إلى ذلك يحظى بشهرة واسعة النطاق بعدما أقر بعض المشاهير بتناوله بغرض إنقاص أوزانهم خلال مدة وجيزة.

وكانت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية قد صرّحت باستخدام أوزمبيك لعلاج داء السكري في عام 2017، ثم أتبعت ذلك بالموافقة على استخدام دواء جديد لعلاج السمنة يحتوي على جرعة أكبر من مركب سيماجلوتيد، أحد المركبات المكونة لأوزمبيك.

 الدواء الجديد الذي كان يطلق عليه اسم ويجوفي (Wegovy)، سرعان ما ذاع صيته بين الناس، لا سيما بين أوساط المشاهير. فإيلون ماسك، على سبيل المثال، أقر بتناوله للمحافظة على "جسمه الرشيق والصحي". كذلك تطرق آندي كوهن، المقدم التلفزيوني المعروف، إلى الشعبية المتنامية لدواء الأوزمبيك في مجال إنقاص الوزن.

ولم يقتصر الأمر على ما سبق، فهاشتاق (#Ozempic) اجتاح منصة تيك توك في الفترة الماضية، خاصة حينما أعرب المستخدمون عن صدمتهم جرّاء نقص الوزن الناجم عن تناول هذه الأدوية، وتبادلوا القصص عن تأثيراتها الجانبية.

أما عربيًا، فقد حقق دواء أوزمبيك تقدمًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، بفضل فاعليته في ضبط مستويات السكر في الدم ودعم فقدان الوزن لدى مرضى السكري، وقد كان لإدخاله إلى السوق العربية أثر في تعزيز الآمال بتوفر خيارات علاجية جيدة ومعقولة التكلفة، تقدم للمرضى وذويهم حلاً واعدًا لإدارة شؤونهم الصحية. لكن الاهتمام بالدواء دخل إلى مساحات عامّة من الاهتمام بين العرب، وصار الناس يتسابقون للحصول عليه من أجل الحمية وتخفيف الوزن وتحسين الرشاقة. فهذا الدواء يعمل على تحفيز الجهاز الهضمي وتقليل الشهية، مما يساعد في تقليل الرغبة في تناول الطعام وزيادة حرق الدهون، وبات يتمتع هذا الدواء بشعبية متزايدة في العالم العربي. 

زكي وزكية الصناعي

وفي غمرة هذا الاهتمام منقطع النظير، يظل التساؤل قائمًا بخصوص جدوى دواء أوزمبيك في إنقاص الوزن لدى الأفراد، خاصة في ظل هذا الهرج المتواصل بين أوساط المشاهير والعامة عن فوائده وفوائد الأدوية الشبيهة به. لذلك يستعرض هذا المقال أبرز المعلومات العلمية بخصوص دواء أوزمبيك، مسلطًا الضوء في الوقت عينه على المعلومات والدراسات المتاحة بشأن فعاليته في إنقاص الوزن الزائد.

استخدامات دواء أوزمبيك

صُمم دواء أوزمبيك ليُعطى للأفراد على شكل حقنة تؤخذ بمعدل مرة واحدة أسبوعيًا، على أن يَحقن المريض جرعة الدواء في المعدة أو الفخذ أو الذراع. ويفيد مركب سيماجلوتيد في خفض مستويات السكر في الدم وتنظيم عملية إفراز الأنسولين، وهو أمر شديد الأهمية للمرضى المصابين بالنوع الثاني من داء السكري. ويحاكي دواء أوزمبيك في وظيفته هرمون الببتيد1 الشبيه بالجلوكاجون (glucagon-like peptide)، الذي تنتجه أمعاء البشر طبيعيًا، فهو بذلك يقلل شهية المريض نحو الطعام عبر إرسال إشارات الشبع لجسمه، فتهضم معدته الطعام وتفرغه بوتيرة أبطأ، وهذا الأمر يفسر نقص الوزن عند تناول الدواء لدى المرضى المصابين بالسمنة وما يصحبها من حالات مرضية.  

يعرف عقار أوزمبيك (Ozempic) بأنه من الأدوية المستخدمة في علاج داء السكري عند المرضى، وهو إلى ذلك يحظى بشهرة واسعة النطاق بعدما أقر بعض المشاهير بتناوله بغرض إنقاص أوزانهم خلال مدة وجيزة.

وفي هذا الصدد تقول الدكتورة جانيس جين هوانج، رئيسة قسم أمراض الغدد الصماء والأيض في كلية الطب بجامعة كارولينا الشمالية، إن إحساس الناس بالشبع يصبح أسرع من السابق، وتتابع كلامها بالقول إن المرضى الذين يتناولون أوزمبيك "لا يشتهون الأطعمة اللذيذة كما كانوا سابقًا". ومع ذلك وجب التنويه إلى أن فعالية هذا الدواء لم تُدرَس دراسة وافية وكافية بين أوساط الأفراد المعافين غير المصابين بمرض السكري أو الوزن الزائد.

كذلك يشير الدكتور روبرت جاباي، كبير المسؤولين العلميين والطبيين في جمعية السكري الأمريكية، إلى قدرة دواء أوزمبيك على خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى مرضى السكري.

ومع ذلك لم تُصرّح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، ولا مديريات الدواء في العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول العربية،  باستخدام دواء أوزمبيك في إنقاص الوزن، بخلاف عقار ويجوفي المصرح باستخدامه في الولايات المتحدة لهذه الغاية، وهو ما زاد الطلب عليه إلى الحد الذي دفع بعض مزودي الدواء إلى استخدام أوزمبيك حينما أخفقوا في الحصول عليه.

دواء أوزمبيك وإنقاص الوزن.. أي فائدة؟ 

كما أسلفنا الذكر، فإن دواء أوزمبيك مصمم في المقام الأول لعلاج مرض السكري، وهو غير مصنف ضمن قائمة الأدوية المستخدمة في إنقاص الوزن. ومع ذلك تشير بعض الدراسات العلمية- التي أجريت برعاية شركة نوڤو نورديسك (Novo Nordisk) المصنعة لدواء أوزمبيك- إلى أن مركب سيماجلوتيد، المستخدم في تركيبته، قد يكون فعالًا في إنقاص الوزن.

وفي هذا الصدد أجريت دراسة سريرة كبيرة برعاية شركة نوڤو نورديسك، وشارك فيها 1،961 من البالغين المصابين بالسمنة أو زيادة الوزن دون أن يكونوا مريضين بداء السكري، فأعطوا جرعة قدرها 2.4 ميليجرام من مركب سيماجلوتيد أو من العلاج الوهمي بمعدل مرة واحدة أسبوعيًا لمدة 68 أسبوعًا، وترافق ذلك مع التدخل في أنماط حياتهم.

lj

 وأشارت النتائج في نهاية الدراسة إلى نقصان أوزان المشاركين الذين تناولوا جرعة السيماجلوتيد بنسبة 14.9%، أما المشاركون الذين تناولوا العلاج الوهمي فنقصت أوزانهم بنسبة 2.4%.

في العام 2022، نشرت دراسة في مجلة شبكة "جاما" (Jama Network Open)، وجاء فيها أن معدل الوزن الذي فقده المشاركون في الدراسة بعد تناول العقار على مدى ثلاثة أشهر بلغ 6.7 كغم، أو ما يقارب 6 بالمئة من وزن الجسم قبل البدء بتعاطيه. أما بعد ستة أشهر، فبلغ معدل الخسارة في الوزن حوالي 12 كغم، أو 11 بالمئة تقريبًا من وزن الجسم.  ​​وقد وجدت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة "نيو إنغلند" الطبية، أن متوسط ​​الهبوط في كتلة الجسم قد بلغت نسبة 14.9% على مدى عام من التعاطي المتواصل لعقار مثل عقار أوزمبيك، مقارنة بنسبة 2.4% مقارنة بعينة دراسة تم تزويدهم بحقنة وهمية. 

ولا بد من التوضيح هنا أن جرعة السيماجلوتيد في الدراسة أعلى من الجرعة المستخدمة في تركيب دواء أوزمبيك. كذلك فإن رعاية الشركة المصنعة لدواء أوزمبيك لدراسات كهذه تطرح تساؤلات كثيرة بخصوص حيادية نتائجها، لاسيما وأن الدواء باهظ الثمن نسبيًا، حتى في الولايات المتحدة. 

التأثيرات الجانبية للأوزمبيك

يسبب أوزمبيك، على غرار جميع الأدوية، بعض التأثيرات الجانبية التي يحتمل ظهورها لدى عددٍ من المرضى، وتتضمن أبرز هذه التأثيرات:

  1. ظهور بعض الأعراض في موضع الحقنة، مثل التورم والاحمرار والحكة.
  2. الإصابة بأعراض الغثيان أو القيء أو الإسهال أو الإمساك. وفي الحالة الطبيعية تتراجع أعراض الغثيان لدى المريض كلما طال استخدامه لمركب السيماجلوتيد.
  3. المعاناة من اضطرابات المعدة والحموضة والحرقة والغازات والانتفاخ.
  4. الإحساس بالصداع والدوار.
  5. المعاناة من سيلان الأنف والتهاب الحلق.
  6. انخفاض نسبة السكر في الدم.

ومن الآثار الجانبية الأخرى الأقل شيوعًا التهاب البنكرياس ومشاكل المرارة وقد يعاني بعض المرضى من التهابات في الغدة الدرقية، وهو ما دفع بعض الخبراء إلى التوجيه بعدم استخدام أي من هذه الأدوية إذا كانوا أو أفراد أسرهم مصابين بنوع من سرطان الغدة الدرقية يُعرف باسم سرطان الغدة الدرقية النخاعي، رغم عدم تسجيل أية حالة بين البشر حاليًا بسبب أوزمبيك. 

من جهة أخرى، فإن هذا العقار يعطى للجسم عبر الحقن، ذلك قد يعاني بعض من يتناولونه من آثار في مواضع الحقن، كالألم والاحمرار والتورّم. ولأن هذه الأدوية جديدة نسبيًا، فإن التأثيرات السلبية طويلة المدى غير معروفة، كما أنه لا يُعرف على وجه التحديد إلى متى يجب على الأشخاص الاستمرار في تناولها. 

كما يشيع عند الحديث عن أوزمبيك بين من جربوه، عن معاناتهم من استعادة الوزن من جديدة بعد فترة وجيزة من إيقافه. 

وبطبيعة الحال ينبغي للمريض مراجعة الطبيب فورًا أو تلقي العلاج الطبي الفوري إذا أصيب ببعض التأثيرات الجانبية الخطيرة، مثل اضطرابات الكلى (تغير كمية البول)، أو اضطرابات الرؤية المختلفة (انخفاض الرؤية أو ضبابية الرؤية). كذلك يستلزم الحصول على عناية طبية فوري في بعض الحالات الخطيرة، مثل ظهور أعراض دالة على اضطرابات في البنكرياس أو المرارة (الغثيان أو القيء المستمر دون توقف، والآلام الحادة في المعدة والبطن).

وصحيح أن الدراسات العلمية التي أجريت برعاية الشركة المصنعة للأوزمبيك تبين أن مركب سيماجلوتيد ذو تأثير واضح في إنقاص الوزن، بيد أن هذا التأثير مرتبط بزيادة جرعته عن الكمية المستخدمة في الأوزمبيك، وهو إلى ذلك غالي الثمن وينطوي على بعض التأثيرات الجانبية غير المرغوبة.