03-ديسمبر-2021

أسامة الدناصوري وديوانه "عين سارحة وعين مندهشة"

ألترا صوت – فريق التحرير

رغم حياته الخاطفة ورحيله المبكر، لا يزال اسم الشاعر أسامة الدناصوري (1960 - 2007) حاضرًا في المشهد الشعري المصري، لأنه في المجموعات الشعرية القليلة التي أصدرها حاول تحويل النوازع البشرية من كونها قيمًا وأحاسيس مجردة إلى أشياء ملموسة وجريئة، عبر لغة شعرية بسيطة ومرهفة وقاسية في آن، ومنها قصيدته "سلّملي على طه"، المنشورة في ديوانه "عين سارحة وعين مندهشة".

كتب عنه حسن عبد الموجود: "عاش الدناصوري حياته يطل من نافذة على عالم آخر وشيك يعلم أنه لا فائدة ترجي من حجبه بالستائر، وكتابه الأخير "كلبي الهرم" تأكيد على إحساسه بالرحيل.. في هذا البستان يكتب أصدقاء قريبون لأسامة عنه كإنسان في المقام الأول وكشاعر له خصوصية وبصمة واضحة في عالم الكتابة، شاعر قاوم طويلًا السقوط في هوة اليأس بالأمل والإحساس العالي بالإنسان".

أسامة الدناصوري من مواليد 1960. حصل على بكالوريوس علوم البحار في جامعة الإسكندرية سنة 1984، وتوفي بعد معاناة طويلة مع مرض "الفشل الكلوي". في رصيده أربعة دواوين هي "حراشف الجهم" 1991، و"مثل ذئب أعمى" 1996، و"عين سارحة وعين مندهشة" 2003، بالإضافة إلى ديوان بالعامية "على هيئة واحد شبهي" 2001، كما صدر كتابه "كلبي الهَرِم.. كلبي الحبيب" بعد وفاته.


منذ أن دلف إلى المقهى وعينه لم تنزل من علَيّ.

قلت في نفسي: لعلّي أذكِّره بأحدٍ ما،

وانصرفتُ إلى طرقعة أصابعي.

كان يبتسم لي طوال الوقت، أو هكذا خيل إليّ.

هششتُ في وجهه فحمل كرسيّه وانتقل ليجلس بجواري.

مِلتُ على المنضدة لأقلّب كوب الشاي متحاشيًا النظر إليه.

مالَ بدورِه كأنما يهمس لي بسرٍ وسألني:

"إنت جيت إمتى من هناك؟"

أحسستُ بخوف غامض وشعور أجوف كئيب.

توقفَت يدي عن التقليب فاعتدل في جلسته

وصوَب لي نظرة صافية، كأنه لا يراني.

لم أكد أفكر في فحوى سؤاله، حتى كانت يدُه المطوّحة في

الهواء ترتطم بوجهي لتنفتق شفتي السفلى.

ثم وقف بهدوء، وقبل أن يمضي استلّ سيجارة من علبتي

وهو ينظر لي مبتسمًا وقال:

"ابقى سلّملي على طه".

كنتُ أنظر إلى ظهره – وهو يبتعد – بعينين غائمتين

وفمٍ ممتلئ

يقطر منه الدم على بنطلوني

قطرةً

قطرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فروغ فرخ زاد: ستأخذنا الريح

غسان زقطان: الخروج من دمشق الشام إلى "أين"