08-أبريل-2021

لوحة لـ إغناثيو إيتيريا/ الأوروغواي

في انتظار الأربعين

1

هنا على السّرير الّذي يشبهُ المِعطف

أتدّربُ على إخفاء جلدي

فلم تعد يدايَ

تُحسِنان تمسيدَ الشّعر

أو اقتلاع النّوافذ.

أنتظرُ الحمّى

لأنامَ كستارة

أو كمشجبٍ أعمى

وأنسى أنني أستطيع الأنين.

صدئ كنافذة

أنتظر أن يثقبَ أحدهم

هذه السّماء

أو يزيلَ الغبارَ

عن هذه الكنبة.

 

2

على الكنبة نفسها

تفكّرين بقلبيَ المهدور

عيناي كليلتان ولا أسمع نبضك

وأصلي كي تتركي أثرًا خلسة

أو أستفيق قبل أن أراك.

أتحسسُ قلبكِ

بيد اللّامس الأخرق

أكتشفُ الهواء الذي ابتلعتِه

والماءَ الّذي ينضبُ في فمي.

أريدكِ حمقاءَ وطيّعة ولا تحسنين العدّ والخصام.

فلا أعودُ ألّمكِ

مهدومةً كعاشقة

وتحلمينَ بخفّة ريح.

 

3

أودُّ أن أكونَ عاشقًا

أقسِمُ التفّاحةَ بيني وبينكِ

وأشارككِ الهواء

أودُّ أن أركضَ خلفَ قلبي،

لكني آلةٌ قديمة

يعطّلها الشّراب.

يتعبُني الرّقص

ويثقلُني الطّعام،

وأحلمُ دائمًا

بزاويةٍ ألوذُ فيها

فلا تدركني لمسة الرّغبة.

لكنّني ما زلتُ هنا

أنتظرُ النّوم

لأختفي كالّذين ماتوا

ولم يتكوّموا في الزّوايا.

 

لو تعضُّ امرأةٌ جلدي

 

أريدُ ألمًا طفيفًا

أشعرُ بتكّاته عظامي.

ألمٌ رفيقٌ كلذعة موقدٍ يخبو

يثقل ظهري

فأشعر أن للهموم وزنًا

وأنوءُ تحتَها كحمّالٍ عجوز

أريدُ حجّةً لأغتسل

حجّة قاطِعة

كأن تنتظرني امرأةٌ

على سريرٍ نظيف

فتشمَّ عنقي

لتدركَ أنّني اغتسلت لأجلها

وخلعت جلدي

كمن يكذب عليها لتنام.

 

فقط خمسُ سنوات

 

خمسُ سنواتٍ أخرى

وأكتبُ لأولادي

نصًا صغيرًا

بحجمِ قبضة وربّما أصغر.

لأقولَ لهم كم أحبّهم

وكم يؤلمني أن أرى وجهي يتهالك

ويدايَ ترتجفان.

وأحدسُ أنّ العمرَ الّذي نقضيهِ معًا

يهدّدهُ العمرُ والشّيب

بالانقطاع.

أنا عاجزٌ عن مبادلتهم أحذيتي

وعن اصطحابهم إلى محلّات الألعاب.

خمسُ سنواتٍ

ولا أظلُّ الأعلمَ والأقوى

ومحتلُّ الكنبة الكبيرة

وملك اللّغات.

حينئذٍ في الظّل الكفيف لخريفي

سأجرؤ على حبّ هذه الحياة.

 

متعبان ونؤجلُ العشاء

 

أكلنا كثيرًا في ما مضى

لن أصعد الدرج خلفكِ

تؤلمني يدايَ

وأنت بكتفكِ المتعبة

تستريحينَ على الكنبة منذ أعوام.

فخذكِ أطرى من نهدكِ

وأعرفُ أنّك تلهثينَ سريعًا

وأنَّ صدركِ لم يعُد يحتمِلْ ثقلي.

لكنّي مع ذلك أحبُّكِ لأنكِ تتكسّرين

ولا تحسنينَ الرّقص أو الغناء

ولا تقرأين الأبراج

بحثًا عن طالعكِ الّذي غادرتِه،

ولأنّكِ أيضًا تعرفينَ يدي

ووجهي

وتعيدينَ صُنعي كلَّ يوم

وتكذبين على الله والنّاس

وأنتِ تكتمينَ تعبي

وأسراري الحمقاء.

 

سقسقة

 

أريدُ أن أكتبَ شعرًا

لأنهي يومًا واحدًا في عشقِ نفسي

أُهدي نفسي شيئًا نفيسًا

لكنّني لستُ قويًا بما يكفي

لتُمتعني النسائمُ

وزقزقةُ العصافير.

لو أصير جبلًا

فخورًا وممتلئًا

لا أعيرُ الشّجرَ انتباهًا

وأحسبُ أنّ الهواءَ الملوّثَ هواءٌ

وأرى الشّمس تشرقُ بمزاجِها

ولا تحثُّها ساعات المعاصم

وسقسقة مياه المغتسلات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

يخطئنا الموت وتخطئنا الحياة

أتفتتُ رملًا ثم ملحًا وأشياء أخرى