04-مايو-2023
من فيلم عرق البلح

من الفيلم

هذه المساحة مخصصة لأرشيف الثقافة والفن، لكل ما جرى في أزمنة سابقة من معارك أدبية وفنية وفكرية، ولكل ما دار من سجالات وأسئلة في مختلف المجالات، ولكل ما مثّل صدوره حدثًا سواء في الكتب أو المجلات أو الصحف، لكل ذلك كي نقول إن زمن الفن والفكر والأدب زمن واحد، مستمر دون انقطاع.


لم يقدّم المخرج المصري الراحل رضوان الكاشف (1952 – 2002) خلال مسيرته الإبداعية سوى 3 أفلام، أهمها فيلم "عرق البلح"، الذي يُعتبر علامة فارقة في تجربته السينمائية، ويُعد واحدًا من أهم إنتاجات السينما المصرية والعربية التي جاء في المركز الـ 18 ضمن قائمة أهم 100 فيلمفي تاريخها.

يروي الفيلم الذي أُنتج عام 1999، قصة قرية صعيدية صغيرة مهمشة ومعزولة يعيش سكّانها حياةً بدائية بائسة، مردّها إلى إهمالها وتهميشها من قبل الدولة، التي لا يظهر في القرية ما يدل على وجودها على الإطلاق، سواءً تعلق الأمر بالتعليم والصحة، أو حتى الأمن والمؤسسات الخدماتية وغيرها من المظاهر المدينية.

يتناول الفيلم قضايا عديدة تتعلق بتداعيات الهجرة على الإنسان والمكان معًا

تبدأ أحداث الفيلم بوصول أحد أبناء القرية، أو النجع كما يسميها سكّانها، المغتربين إليها ليجدها خاليةً منهم، باستثناء شابة وعجوز تروي له أسباب هجرتهم التي جاءت بعد عدة أحداث مأساوية عاشتها القرية، وبدأت بظهور رجل غريب عرض على رجالها العمل في مكان بعيد، مقابل ما يضمن لهم التخلص من فقرهم وبؤسهم وقسوة حياتهم البدائية.

وتحت تأثير هذه الوعود، بالإضافة إلى الحاجة والعوز، غادر جميع رجال القرية مع الرجل الغامض الذي تحدّث إليهم من خلف ستارة، تاركين خلفهم نساءهم وأطفالهم برفقة شاب على مشارف الرجولة التي يعتقد أنه لن يبلغها حقًا إلا بوصوله إلى قمة أعلى نخلة في القرية، وهي النخلة التي يُصنع من بلحها الأبيض عرقًا يعتقد الشاب، واسمه أحمد، أن فيه شفاءً لجدّه الذي لم يتكلم طوال الفيلم.

تتحول القرية إلى جحيم في نظر نسائها بعد هجرة رجالهم، الذين تصلهن أخبارهم عن طريق رسائل تشترك في وصف معاناتهم في الغربة. ومع الوقت، تُصاب بعضهن بالاكتئاب بسبب اشتياقهن لأزواجهن وحاجتهن إلى الجنس التي تزداد يومًا بعد يوم. وبسبب ذلك، تقع إحداهن في شراك رجل من قرية مجاورة وتحمل منه، فتدفعها نساء القرية إلى الانتحار.

في هذا الوقت، يصل أحمد إلى قمة النخلة التي تُسمّى "العالية"، ويقع في حب ابنة عمه "سلمى" التي تحمل منه قبل زواجهما الذي لن يتم، إذ يكتشف والدها بعد عودته إلى القرية، برفقة اثنين من رجالها فقط، ما حصل بينهما، فيقرر حينها قتله عبر قطع النخلة بعد صعوده إلى قمتها.

يتناول الفيلم عبر قصته هذه التي كتبها رضوان الكاشف بنفسه، قضايا عديدة تتعلق بتداعيات الهجرة على الإنسان والمكان معًا. والهجرة من المواضيع التي شغلت المخرج المصري الراحل، حيث ذكر في أحد حواراته أن هذا الموضوع سيطر عليه بعد موجة الهجرة التي اجتاحت مصر، وخاصةً جنوبها، منذ منتصف سبعينيات القرن الفائت.

ورغم عدم تحقيقه نجاحًا جماهيريًا يُذكر داخل مصر، إلا أنه نال في المقابل أكثر من 5 جوائز دولية، وعُرض في مهرجانات سينمائية مهمة حول العالم، كما صُنّف في المركز الـ 18 ضمن قائمة أهم 100 فيلم في تاريخ السينما العربية. وجدير بالذكر أن الفيلم من بطولة شريهان، ومحمود نجاتي، وعبلة كامل، وحمدي أحمد، ومنال عفيفي.