13-أكتوبر-2023
اتضح أن صاحب الإدعاء هو من قادة المستوطنيين المتطرفين

(The Grayzone) ديفيد بن صهيون صاحب الادعاء

تناقل عدد من الصحف العالمية خبر قيام عناصر من حركة حماس بقطع رؤوس 40 رضيعًا داخل مستوطنات غلاف غزة، بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى، وتم الترويج للخبر على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي، من دون أن يظهر أي سند أو إثبات.

وكان مصدر الخبر تقريرًا نشرته قناة " i24 News" الإسرائيلية، بنسختها الإنجليزية، يوم الثلاثاء، تحدثت فيه مراسلة القناة من مستوطنة "كفار عزة"، عن أنها أثناء تجوالها بالمكان التقت جنودًا إسرائيليين قالوا لها إنهم شاهدوا أطفالًا ورضّعًا مقطوعي الرؤوس.

وظهر في التقرير ضابط اسرائيلي يدعى ديفيد بن صهيون يتحدث للمراسلة نيكول زيديك عن قطع رؤوس الأطفال والنساء. لكن الملفت للانتباه أن الضابط الإسرائيلي ظهر بعد 24 ساعة في تسجيل مصور، عبر صفحته على فيسبوك، وهو يبتسم بشكل متكرر، في تصرف لا يُوحي أنه كان شاهدًا على قطع رؤوس أطفال ونساء. إلا أنه تمت مشاركة تقرير المراسلة الإسرائيلية ملايين المرات عبر منصة "إكس"، كما روّجت له وزارة الخارجية الإسرائيلية التي تموّل قناة " i24 News".

قطع الرؤوس من التأكيد إلى الاعتقاد

بعد ساعات، قامت المراسلة زيديك بتعديل ما نشرته في تقريرها قائلةً: "أخبرني الجنود أنهم يعتقدون أن 40 رضيعًا وطفلًا قتلوا. ولا يزال عدد القتلى الدقيق غير معروف، حيث يواصل الجيش التنقل من منزل إلى منزل ويعثر على المزيد من الضحايا".

وصل ادعاء قطع روؤس الأطفال إلى أعلى مستويات القيادة، كما لو أن الأمر عن قصد، إذ صرح المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل لا لبس فيه أنه تم "العثور على الرضع والأطفال الصغار مقطوعي الرأس"

ومع ذلك فإن هذا الادعاء الذي لم يتم التحقق منه سرعان ما شق طريقه إلى أعلى مستويات القيادة، كما لو أن الأمر مقصود، فقد صرح المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل لا لبس فيه أنه تم "العثور على الرضع والأطفال الصغار مقطوعي الرأس"، في حين أشار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بشكل غامض إلى "التقارير المثيرة للقلق عن مقتل الأطفال الرضع". 

وفي هذه الأثناء، بدأ بعض المراسلين الذين نقلوا في البداية الادعاءات الإسرائيلية الرسمية حول الأطفال مقطوعي رأس بالتراجع عن ذلك، وعلق أورين زيف، وهو مراسل إسرائيلي انضم إلى الجولة الرسمية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في مستوطنة كفار عزة، في منشور على منصة "إكس" قائلًا: "أتلقى الكثير من الأسئلة حول التقارير التي نشرت بعد الجولة الإعلامية في البلدة عن أطفال مقطوعي الرأس من قبل حماس. لكن خلال الجولة لم نر أي دليل على ذلك، ولم يذكر المتحدث باسم الجيش أو القادة أي حوادث من هذا القبيل".

أحد زعماء المستوطنين

وفي هذا الإطار، سلط موقع "The Grayzone" الإخباري الأمريكي الضوء عن شخصية صاحب الادعاء الرئيسي للخبر، ديفيد بن صهيون، الذي يشغل منصب نائب قائد الوحدة 71 في الجيش الإسرائيلي.

وأشار الموقع إلى أن بن صهيون أحد زعماء المستوطنين المتطرفين، وقد حرّض على أعمال عنف ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة في وقتٍ سابق من هذا العام. ويترأس مجلس شمرون الإقليمي الذي يضم 35 مستوطنة غير شرعية في الضفة الغربية.

تحريض ضد الفلسطينيين

دعا بن صهيون إلى "محو" قرية حوارة الفلسطينية. ونقل عنه، قوله كذلك بعد فترة وجيزة: "يجب محو قرية حوارة، هذا المكان هو وكر للإرهاب، ويجب أن يكون العقاب للجميع"، وهي دعوة واضحة للعقاب الجماعي للفلسطينيين.

وقد حظيت تغريدة بن صهيون بإعجاب من قبل وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وهي خطوة دفعت 22 باحثًا قانونيًا إلى دعوة المدعي العام لفتح تحقيق مع المسؤول عن هذا الخطاب بتهمة "التحريض على جرائم حرب".

 وفي وقت لاحق، كرّر سموتريتش دعوة بن صهيون، إذ دعا إلى "محو حوارة"، وقد أدانت وزارة الخارجية الأمريكية هذا الخطاب، ووصفته بأنه "خطير".

بن صهيون رفقة ليفنات
بن صهيون مع نوعام ليفنات

وكان بن صهيون، قد نشر تغريدة على تويتر بتاريخ 26 شباط/فبراير 2023، كتب فيها: "كفى كلامًا عن بناء وتعزيز المستوطنات. يجب أن يعود الردع الذي فقدناه الآن، فلا مجال للرحمة".

وفي الواقع، لم يكن تحرض بن صهيون على حوارة فقط، فقد استخدم حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض مرارًا وتكرارًا على ارتكاب جرائم حرب، فضلاً عن دعوته لترحيل الشعب الفلسطيني. وقد كتب في حسابه على فيسبوك عام 2016: "الشعب الفلسطيني عدو. لا يمكننا تغيير حمضهم النووي الهمجيّ".

وخلال حملته الفاشلة لدخول الكنيست الإسرائيلي عام 2021 ضمن حزب البيت اليهودي المؤيد للاستيطان، وصف بن صهيون مهمته على النحو التالي: "أنا ملتزم بمهمة استعادة البيت السياسي للصهيونية الدينية".

ويبدو أن علاقات بن صهيون وطيدة مع زعماء المستوطنين المتطرفين، فهو على علاقة مع نوعام ليفنات، المنظر الاستيطاني ومدير جمعية "الجدار الآمن"، وأحد رموز التطرف في الشارع الإسرائيلي، والمعجب به يغال عمير، قاتل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق رابين، كما ورد في كتاب "القتل باسم الله: مؤامرة قتل اسحق رابين".

ويبدو أن بن صهيون يملك هوسًا بتدمير غزة. فبعد أيام من إطلاق الجيش الإسرائيلي عمليته "الجرف الصامد" ضد قطاع غزة عام 2015، والتي استمر فيها القصف 50 يومًا على مدن القطاع، وأدت إلى سقوط ما يقرب من 1500 شهيدًا من المدنيين الفلسطينيين، نشر صورة له على فيسبوك مع جنود إسرائيليين، وهم يقفون أمام بطارية مدفعية متمركزة على حدود قطاع غزة، استعدادًا لقصفها، وجاء في أحد التعليقات على تلك الصورة: "إن دولة إسرائيل معك حتى نهاية غزة"، وهو التعليق الذي أُعجب به بن صهيون.