21-فبراير-2017

زياد عنتر/ لبنان

مُشكلتهُ في الحياة كانت النساء. الخُضرجي في نهاية الشارع أبو محمود، كان يُجاهدُ "ليس كجهاد المقاتلين" أن يحتفظ بالمرأة أطول مدّةٍ في دكانه الصغير. كان يخاطبُ إحداهن مثلًا: هذا العنبُ من "دوما"، قُطِف أمسُ عند الغروب، واليوم وصل سوق الهال، حلاوتهُ تستحقُ فمكِ السُكري. أو: هذا الدراق من "الغوطة الشرقية"، شرب الشمس والماء، حتى باتت رائحتهُ كروائح الجنّة.

كان يُحب "البيضاوات"، يهمسُ في أذني أحيانًا، وأنا عائدٌ من جامعتي: "البيضاوات هنّ فاكهةُ الحياة".

كل سكاّن الحي يعلمون أن سؤاله عن أي شيء في حضرة امرأة "بضَّة" عبث. لن يجيبكَ، حتى وإن كنت عنصرًا أمنيًا.

لم أعرف شيئًا عن حياتهِ الشخصية، لم يخبرني أبدًا، ولم أسألهُ. كان يقدّم لي دراقة حمراء أحيانًا وأنا عائد من جامعتي، ويهمس في أذني: "الجارة الجديدة في الطابق الثالث صنف عجمي".

وعندما سألتهُ عن هوسهِ بالنساء، قال لي إنهُ قرأ مرّة عن أحد خلفائنا "العثمانيين" أنهُ مات من كثرة النساء. وافقتهُ وسميت لهُ السلطان.

أبو محمود، الرجل الستيني، الشهمُ الكريمُ النفس، لم يقتلهُ هوسهُ للنساء، ولا فشل في الكلى، بل ولا حتى أزمة قلبية. أبو محمود قتلهُ قنّاص، يتمرن في الشعب الأعزل، من أجل اليوم الموعود لدحر إسرائيل.

أبو محمود، موتكَ بهذه الطريقة، ذكّرني بموت الأستاذ في رائعة هسّه "لعبة الكريات الزجاجية". في تدرجاتها العظيمة، فلتنعم روحك بالسلام.

 

اقرأ/ي أيضًا:

القذيفة على رؤوسنا المتورمة

في البيتِ يوم السبت